متى يساهم سوق المال في توفير المساكن وخفض تكلفتها؟!

[email protected]

نعاني في المملكة العربية السعودية من فجوة حقيقية متزايدة بين المعروض والمطلوب من المساكن، وهي فجوة معلنة بالأرقام من قبل القطاعين الحكومي والخاص معا، حيث تشير الأرقام إلى ضرورة تطوير حوالي 1.1 مليون وحدة سكنية في السنوات الخمس للخطة الثامنة دون أن تحدد آليات واضحة لتلبية هذا الطلب، سوى تلك القروض التي يقدمها صندوق التنمية العقاري، التي ستساعد حوالي 75 ألف مواطن على بناء مساكن لهم.
ولا شك أن شح آليات التمويل يعتبر السبب الرئيسي في ظهور هذه الفجوة وصعوبة معالجتها، حيث تعاني شركات التطوير الإسكاني عدم تمكنها من الحصول على قروض منخفضة التكلفة تمكنها من تطوير كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات الإسكانية، التي تلائم الأسر السعودية كافة حجما ودخلا، كما يعاني من ذلك الشح أيضا المواطنون الراغبون بشراء المساكن المطورة كمنتج نهائي دون المرور بمراحل شراء الأرض وإعمارها دون خبرات أو إمكانيات مالية.
شح التمويل أدى إلى شح المعروض واختلال ميزان العرض والطلب لصالح الطلب مما رفع أسعار الإيجارات بشكل كبير بعد أن أشعل أسعار المنازل أيضا أمام الراغبين بالشراء، ولا شك أن موازنة الطلب لصالح المعروض ستعيد الوضع لصالح المواطن حيث تتناقص الأسعار تدريجيا بما يتناسب والتكاليف وهامش الربح بدلا من ارتفاعها بناء على حجم الطلب الكبير المقرون بحجم العرض القليل.
في مؤتمر اليوروموني السعودي الأول للتمويل الإسكاني دار سجال كبير بين المطورين والجهات التمويلية وبعض الجهات الممولة خلص الحاضرون منه بنتيجة تقول بعدم إمكانية تمويل البنوك شركات التطوير الاستثماري بالمبالغ المطلوبة (عشرات المليارات سنويا)، وأنه يجب عليها أن تتجه لسوق المال للحصول على التمويل المطلوب وبتكلفة دين منخفضة تساهم في تخفيض التكاليف وتزيد من المعروض بشكل يؤدي تلقائيا لموازنة العرض والطلب بما يؤسس لقواعد سعرية معقولة يستطيع المواطن من خلالها امتلاك الوحدة السكنية المناسبة بقسط شهري لا يزيد على 30 في المائة من دخله الشهري بما يرفع من مستوى معيشته ويحقق له الاستقرار النفسي.
السيد وليد المرشد ممثل المجموعة الدولية للتمويل أكد أن المطور الإسكاني لن يتحفز لتطوير أعداد كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية قبل أن يعرف الطريقة التي سيحصل من خلالها على التمويل، وفي ظل غياب آليات لتمويله من خلال السوق المالية القادرة على توفير التمويل بمبالغ كبيرة، لأنه على يقين بأنه سيواجه تحديات كبيرة أو شبه مستحيلة للحصول على التمويل الكافي من البنوك التي لا تستطيع بحال من الأحوال أن تغطي التمويل المطلوب للقطاع الإسكاني الأكبر حجما بعد قطاع النفط والغاز، لذا فإنه لا يرى حلا للمشكلة الإسكانية الناشئة عن شح آليات التمويل إلا بسرعة إيجاد الأسواق الأولية والثانوية للسندات (الصكوك الإسلامية)، إضافة لسرعة تطوير العمل بالصناديق الاستثمارية العقارية، مؤكدا أن توفير التمويل اللازم للمشاريع الإسكانية من خلال السوق المالية سيؤدي حتما لتخفيض التكاليف حيث يتمكن المطورون من الحصول على قروض منخفضة التكاليف مما يمكنهم من تطوير كميات كبيرة من الوحدات السكنية توازن العرض والطلب بما يرجع بالأسعار إلى الوضع الطبيعي.
والسؤال المهم هو متى تنطلق عمليات إصدار وتداول السندات (الصكوك) في السوق السعودية؟ متى تستكمل الأركان الأساسية للإطار القانوني للتمويل الإسكاني الذي تتداخل فيه عشرات العناصر القانونية بالسرعة المناسبة التي تمكننا من ملاحقة السرعة التي تتسع فيها الفجوة بين المطلوب والمعروض وإفرازاتها السلبية اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا؟ متى تستكمل السوق الأولية لسوق السندات التي تنظم العلاقة بين المقرض والمستهلك، ومتى تستكمل السوق الثانوية التي يتم من خلالها تداول الأصول المالية التي أنشئت في السوق الأولية؟ نأمل أن يكون ذلك قريبا، نأمل أن تضع المؤسسات المالية، خاصة هيئة السوق المالية ذلك في أعلى سلم أولوياتها، نعم فهيئة السوق المالية لم توجد إلا لتسهيل عمليات تمويل مجتمع الأعمال بالأموال اللازمة لتطوير أو توسيع أعمالهم ومنتجاتهم لمواكبة الطلب المتزايد على السلع والخدمات، وكلنا ثقة بهيئة السوق المالية بأنها قادرة على الاستجابة لاحتياجات السوق وقادرة على تشجيع الاستثمارات الخاصة لمعالجة قضايا المجتمع فضلا عن تنميته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي