قاض في الجنة وقاضيان في النار 2 من 2

في موضوع سابق ذكرنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قاض في الجنة وقاضيان في النار..) والذي في الجنة رجل علم فقضى به .. واللذان في النار رجل قضى على جهل.. ورجل علم بالحق وقضى بخلافه.
وذكرنا مثلا ساخرا يمثل نموذج القاضي (أبو الهوى) الذي يعلم الحق ويقضي بخلافه.
وبقي أن نذكر مثلا ساخرا أيضاً عن ثاني القاضيين اللذين في النار وهو (رجل قضى على جهل) لن نذكر قراقوش المظلوم الذي اعتمد عليه صلاح الدين وظلم من بعض الرواة ومنهم الأسعد بن حماتي .. في كتابه (تحرير القاشوش في أحكام قراقوش)، والذي نذكره قاضيا في قرية نائية نظر في قضية قروي يبحث عن دابته في الصحراء في قيظ لاهب، وحتى لا يموت من الظمأ حلب ناقة كانت مع أحد الرعاة وأطفأ ظمأه ببعض الحليب، فحكم القاضي عليه بالقتل وعلى الناقة بقطع أثدائها وعلى الإناء الذي شرب به بالتكسير والتهشيم .. ولولا الفطرة التي جعلت سكان القرية يعزلون هذا القاضي الجاهل: لكان المسكين في (خبر كان).
أما القاضي الذي في الجنة إن شاء الله فهو (رجل علم قضى به) ولم يتبع الهوى .. وأيضا نضرب مثلا ساخرا عن مثل هذا القاضي، حيث اشتهر أحد القضاة العلماء بتحري الحقيقة وتفاصيل الوقائع وتفاصيل التفاصيل .. ويروي عن نفسه أنه لا يحكم على (متهم) حتى تنجلي له الحقائق ناصعة التي هي: أداة الجريمة وشهادات الشهود العدول واعتراف المتهم وهو بكامل قواه العقلية ومن دون إكراه، حينئذ يصدر حكمه وهو مرتاح الضمير.. إلا أنه ذكر في مذكراته أنه رغم توافر كل الوقائع المذكورة فإن المتهم قد يكون بريئا (لأن التهمة لابسته لبسا محكــما) و(كم في الحبس مظاليم)، ويضرب مثلا على نفسه عندما كان مع زوجته في الريف أثناء إجازته حيث استيقظ من النوم باكرا بينما زوجته نائمة ولم يكن هناك ما يقرأه ولا ما يفعله.. فقرر أن يحلب بقرة كانت في الحقل، ولما بدأ بحلبها (رفست البقرة) أناء الحليب بقدمها اليمنى.. فربط تلك القدم بشجرة قريبة منها.. لكن البقرة بدأت ترفس أناء الحليب بقدمها اليسرى، فربط تلك القدم بشجرة قريبة منها.. وبدأ بحلبها.. إلا أن البقرة بدأت تضربه "بذيلها" فربط ذيلها في غصن شجرة فوقها، وقبل أن يعاود حلب البقرة شعر بحاجة ماسة إلى (التبول).. فقضى حاجته ورجع إلى البقرة وهو يمسح (عورته). عندها لمح (زوجته) واقفة تتأمل البقرة مربوطة القدمين في جذعي شجرتين.. ومربوطة الذيل في غصن شجرة وزوجها يتحسس "عورته"، طبعا شعر بإحراج شديد (لأن التهمة لابسته)، و(يا ما في الحبس مظاليم)، وأهمهم حميدان التركي، فرج الله كربته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي