من يحمي السبلة؟
في الأسبوع الماضي كتبت مقالاً بعنوان (البر وسيع ولكن..) تحدثت فيه عن معاناتنا نحن سكان الرياض مع السياحة الربيعية من حيث عدم وجود أماكن قريبة للنزهة وعدم اهتمام البعض بالنظافة حيث تتراكم مخلفاتهم في أماكن النزهة. وعلى مدار الأسبوع الماضي وحتى كتابة هذه المقالة تلقيت سيلاً من الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية المتفاعلة مع الموضوع وأود هنا أن أشكر الإخوة على تفاعلهم وكل عبارات الثناء التي غمروني بها.
القارئ تاصر الراشد كتب لي رسالة مطولة تحدث فيها عن معاناة أهالي محافظة الزلفي والمحافظات المجاورة لها من حيث عدم الاستفادة من روضة السبلة كمتنزه ربيعي جميل ونظرا لأهمية الموضوع فسأترككم أيها الأحبة مع رسالة الأخ الراشد التي يقول فيها:
أخي عبد الرحمن طالما أنك تحدثت عن السياحة الربيعية فمن حقنا عليك نحن قراء "الاقتصادية" في محافظة الزلفي أن تورد هنا مطلباً ملحاً وأمنية غالية طالما تمنيناها نحن وجميع أبناء المحافظات المجاورة لمحافظتنا. وهذه الأمنية تتمثل في إتاحة الفرصة للجميع للاستفادة من روضة السبلة ذلك الموقع التاريخي المعروف وتلك الفيضة الجميلة، التي تعد بحق من أفضل مواقع السياحة الربيعية ليس على مستوى المنطقة فحسب بل على
مستوى المملكة عموماً .
روضة السبلة – والكلام للأخ الراشد- تتميز بعدة مزايا قد لا تتوافر في
غيرها من الفياض العديدة في بلادنا فهي أولاً تمتاز بخصوبتها وتنوع نباتاتها وجمال طبيعتها التي تجمع بين الأودية والأرض الرملية والأرض الطينية فضلاً عن وقوعها على طرق دولية وقربها من محافظة الزلفي حيث تتوافر الفنادق والمراكز التجارية والمطاعم والخدمات الأخرى. فالسبلة لا تبعد عن الزلفي سوى عشرة كيلومترات وغيرها من المزايا
العديدة التي لا يتسع المجال لحصرها. ولكن ولأن (الحلو ما يكمل) كما يقال وعلى الرغم من الفرحة التي اجتاحت الجميع إثر عمليات التسوير التي تتم حالياً لحماية السبلة من هجوم المفحطين المعتاد مما أفسد طبيعتها الخلابة وحول فياضها إلى حفريات تتشعب فيها مياه السيول إثر الطرق التي حفرتها السيارات. وأنتهز الفرصة هنا لأوجه شكري وتقديري لكل من أسهم في إنشاء هذا السياج وأخص بالذكر الشيخ محمد العلي العبد اللطيف (الغزالي). أقول رغم كل ذلك إلا أن هناك مشكلة تتمثل في ما يسمى
(البعول) وهي قيام فئة محدودة جداً من المواطنين باستزراع هذه الفيضة خلال فصل الشتاء بحقول القمح المعتمدة على المطر مما يؤدي إلى حرمان الناس من الاستفادة من تلك المواقع الجميلة. وليت أولئك الزارعين يكتفون بزراعة مساحات معقولة كلا فهم يتسابقون بنهم وجشع لا حدود له وكل منهم يسعى للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المساحات المتوافرة غير آبه بغيره من إخوانه المواطنين الذين يبحث أحدهم عن مساحة لا تتجاوز عشرين متراً مربعاً لنصب خيمته لأيام محدودة بينما هؤلاء (المبعلون) يحتلون المساحات الشاسعة طولاً وعرضاً . إنني من هنا أوجه نداء استغاثة باسم السواد الأعظم من مواطني الزلفي وغيرها من المحافظات المجاورة وهذا النداء أخاطب فيه الهيئة العليا للسياحة ومحافظة الزلفي ومديرية الزراعة والمجلس البلدي راجياً أن يوضع حد لجشع تلك الفئة لكي تعم فائدة السبلة وألا تقتصر على عدد محدود لا يتجاوز عشرين شخصاً على الأكثر وكل ما في الأمر أنهم سيحصلون في نهاية الموسم على عدة كيلوجرامات
من القمح وبقية المواطنين تحرم من الاستمتاع بهذه الفيضة الجميلة.
إلى هنا انتهت رسالة القارئ ناصر الراشد وهي كما تلاحظون رسالة مطولة ولكنها في الواقع تحمل معاناة من نوع آخر. والواقع أنني أتفق معه في طرحه وأقترح أنه إذا كان ولابد من استزراع السبلة بما يسمى بالبعول فليخصص لها جزء من مساحة الفيضة وهي مساحة كبيرة وأن تتم عملية توزيع هذا الموقع على الراغبين عن طريق المحافظة ومديرية الزراعة وفقاً لنظام معين يقوم على العدالة بعيداً عن المجاملة وبهذا نكون قد حققنا
الاستفادة المثلى من هذه الفيضة الجميلة.
والله من وراء القصد.