قاض في الجنة وقاضيان في النار 1 من 2

يقول حديث شريف ( قاض في الجنة وقاضيان في النار) فالذي في الجنة هو (رجل علم فقضى به.. وأما اللذان في النار فرجل قضى على جهل.. أو رجل علم بالحق وقضى بخلافه).
والسؤال: كم نسبة القضاة العلماء الذين يقضون بما يعلمون؟ كما قال الله عز وجل ( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى).. ربما تكون نسبتهم أقل من 10 في المائة.. لأن أغلب القضاة ـ وخصوصا الذين يحكمون في قضايا (سياسية) أو قضاة (المحاكم العرفية) أو (المحاكم العسكرية)، مثل هؤلاء القضاة هم من قال فيهم الحديث (رجل علم بالحق وقضى بخلافه أو رجل قضى على جهل).
وهناك أمثلة صارخة على (الظلم الصارخ) في القضايا السياسية ومنها قضية الطالب السعودي في أمريكا (حميدان التركي) وهو طالب سعودي يتهم في أمريكا بالتحرش بخادمته الإندونيسية تحرشا من الدرجة الرابعة، ويحكم عليه بالسجن المؤبد. بينما سفاح أمريكي يعمل في المارينز يقتل مع سبق الإصرار والترصد في نيسان (أبريل) الماضي مواطنا عراقيا كسيحا يعول 11 طفلا، ويقر الجندي الأمريكي بجريمته، وتحكم عليه محكمة أمريكية بالسجن لمدة سنة ونصف السنة.

ورغم أن قضيته (حميدان التركي) في قوانينهم من الدرجة الرابعة فإن السياسة امتزجت بالمحاكمة مع أن التهمة جنائية وليست إرهابية. ولم يفهم تجنيد 30 من عناصر الـ FBI المدججين بالسلاح للقبض على حميدان. ولا هذه الحراسة الاستثنائية والإجراءات الأمنية المشددة التي صاحبت تنقلات حميدان من سجن إلى سجن، وصلت إلى حد اصطحاب موكب أمني مع إقفال الشوارع.. وكأنه دمر البنوك والشركات الأمريكية على رؤوس أصحابها..!!
وقضاة (الهوى) هم من الذين قال الله عز وجل فيهم (ومن أضل من اتبع هواه بغير هدى من الله)، ومن الضروري البعد عن عالم السياسة حتى لا نصدم بأحد قضاتها.
ونعود إلى "القضاة" الآخرين "حيث نذكر قصتين لقاضيين أحدهما: (اتخذ إلهه هواه).. (وآخر يحكم بما يراه حقا بعد أن يتحقق من كل التفاصيل وتفاصيل التفاصيل).
أولا: نموذج القاضي (أبو الهوى)
حيث يقال إن صيادا اصطاد حماما وبعد ذبحه ونتف ريشه وتنظيفه وتقطيعه وتبهيره اتجه إلى "الخباز" – الفرن – ليشويه هناك، وأثناء (الشوي) مر قاضي القرية ليشتري خبزاً: فاشتم رائحة الحمام فطلب من الخباز إعطاءه الحمام وطمأنه بألا يخاف من "صاحب الحمام" الذي عاد بعد قليل وسأله عن حمامه فقال له (الخباز) حمامك طار.. حمامك طار.. وأثناء النقاش دفعه صاحب الحمام فوقع الخباز على امرأة حامل في الشهر الرابع فسقط الجنين وسالت الدماء... التي أخافت الخباز فهرب من زوج المرأة ومن صاحب الحمام وقبل أن يدركوه لم يجد ما يمسك به ويتعلق سوى (ذنب حمار) انقطع بين يديه فقبض عليه صاحب الحمار. وذهب "الثلاثة" إلى ذلك القاضي (الذي وجدوه) يتجشأ (يتاغر) من التهامه ذلك الحمام – وعندما سمع القاضي شكوى صائد الحمام الذي أتى به مذبوحا ومبهرا ومنظفا للخباز الذي ادعى (أن الحمام طار.. طار) فأجابه القاضي بابتسامة قائلا إن الحمام يطير بعد الموت وهناك سابقة مذكورة في القرآن .. وقرأ عليه قول الله عز وجل لإبراهيم الخليل عليه السلام (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم).
إذن يا صاحب الحمام: الخباز صدقك القول بأن حمامك طار.. والتفت القاضي إلى زوج المرأة التي أسقط الخباز جنينها حين وقع على بطنها.. وسأله عن أي شهر كانت من شهور حملها؟ فأجابه الزوج أنها كانت في الشهر الرابع فحكم القاضي أن يترك زوج المرأة زوجته عند الخباز ليقوم بزرع جنين بدلا من الذي سقط! وعندما يكون الجنين الجديد في الشهر الرابع.. يعيد الخباز الزوجة لزوجها، وفور سماع الزوج بهذا الحكم هرب مع زوجته تاركا القاضي "ينكش" أسنانه ليسأل القاضي "صاحب الحمار" عن (قصة ذنب الحمار المقطوع؟!) فابتسم صاحب الحمار قائلا للقاضي (حماري ما له ذنب أصلا) وهرب خوفا من حكم "قاراقوشي".
ثانيا: نموذج القاضي الذي يحكم بالعدل ولا يتبع الهوى.
وفي حلقة مقبلة، إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي