اسكن في المريخ
تحركات عقارية تثير الأتربة والغبار وتزكم الأنوف في أراض كانت في سبات عميق منذ زمن سحيق، بدأ الاهتمام ينصب على الأراضي وليس المخططات، فزمن المخططات والمساهمات وبالذات الوهمية ولى إلى غير رجعة بسبب ما أصابها من وعكات ونزلات معوية تسببت في القيء والإسهال، أعزكم الله، بسبب بعض العوالق التي علقت بها.
الأراضي ارتفع سعر بعضها إلى أضعاف بعدما كان يسكنها البوم والغراب، والشقق والفلل والوحدات السكنية أصبحت بضعف أسعارها وبين البائع والمشتري يفتح الله، والسعيد هو من ستبدأ سنته التأجيرية هذا الشهر والمتزامنة مع بداية السنة الهجرية، وأقصد به صاحب العقار، هو سعيد لأنه سمع أن الأراضي ارتفعت وأن الطلب زاد وأن سوق الأسهم (انخفس) والناس ركضوا نحو سوق العقار كالعادة السنوية مع كل طفرة أو فورة. فبدأ في وضع اللائحة التسعيرية الجديدة للإيجار مع الشروط التعجيزية وما دام أن بعض التجار لاتهمهم إلا أنفسهم وبعض أصحاب مكاتب العقار لا يفكرون إلا في السعي فليذهب المستأجر أو المشتري إلى.. المريخ!
التعيس هو المواطن الكادح الباحث عن مسكن يأويه هو وأسرته والذي حلم في يوم من الأيام أن الأسهم ستؤمن له مسكن العمر، الغالبية طبعا مستأجرون، ومعظمهم مدخراته إن كان عندهم مدخرات، ذهبت مع رياح سوق الأسهم، وفوقها ثلث الراتب للبنوك التي تتضخم محافظها وخزائنها، وسوق الأسهم تخسر والمواطن يخسر وهي تربح أضعاف إيراداتها السنوية وأثناء النكسة أو النكسات، عجبا كيف؟ لا أدري!!
إننا في سوق المتناقضات فكل شيء يمكن أن يكون، هل هو الجهل وضعف الوعي؟ هل هو الاندفاع والمغامرات غير المحسوبة؟ السيناريو يتكرر والمشاهد نفسه في فيلم سوق الأسهم بوادرها تتجه للعقار وبقوة، وبدأ ينشط كل من لا مهنه له ويتوجه إلى هذه السوق، وهي بالمناسبة سوق تحرك اقتصاد البلد وهنا مكمن الخطر! فبعد أن أكلت سوق الأسهم الأخضر واليابس مع عدم توافر سيولة أو مدخرات يتم الآن استغلال هذه السوق لإضافة أعباء وديون وقروض جديدة لا يمكن معها الوفاء بالالتزامات ويا خوفي أن يجد غالبية الناس أنفسهم بلا مسكن.
فكل شيء مرتبط بسوق العقار وكل من يعمل إما أنه في أرض أو في بيت أو مجمع أو مكتب أو دكان أو سوق، كلها تضخ في السوق العقارية فأثرها الاقتصادي كبير ومؤثر.
كيف نحمي السوق وكيف نعمل على حماية المستهلك؟ كيف نحمي المواطن والمقيم أولا ثم كيف نضمن حقوق المستثمرين؟ وهل نتعلم من أخطاء الماضي؟ كيف نضبط الأسعار وإيقاف المتلاعبين ومستغلي حاجات الناس عند حدهم وردعهم قبل أن نغرق مرة أخرى؟ وهذه المرة ستكون على حساب الأرض والمأوى، خصوصا أننا سنشهد شركات ومؤسسات جديدة لتمويل المساكن وسيعمل الرهن العقاري وستدخل البنوك كعادتها بقوة لزيادة أرباحها. هل تجد هذه العبارات صدى لدى المعنيين بحماية المستهلك الغلبان؟ نرجو جميعا ذلك.