البر وسيع ولكن .... !

[email protected]

نعيش هذه الأيام أجواء ربيعية جميلة فبعد أن من الله جلَّ وعلا على بلادنا بهطول الأمطار واخضرت الأرض رغم البرد القارس الذي حل كضيف ثقيل علينا هذا العام، إلا أن معظم مناطق المملكة تشهد هذه الأيام أجواء جميلة مفعمة بالاخضرار الزاهي.
الأمر المزعج هنا هو ما يواجهه السائح ربيعياً – إن صحت التسمية - خصوصاً نحن القاطنين في مدينة الرياض ويتمثل في عدم وجود أماكن للنزهة في المناطق القريبة من الرياض على اعتبار أن كل هذه الأراضي مملوكة ومحاطة بسياجات لا تبعد عن الطريق سوى مترين أو أقل.
تصور عزيزي القاري أنه في حال رغبتك في البحث عن موقع لا تتجاوز مساحته عشرين متراً مربعاً لتستقر فيه مع أسرتك مستمتعاً بالماء والخضرة فإنك مجبر على قطع مسافة لا تقل عن 100 كيلومتر... وإذا وقفت ووجدت المكان المناسب فإنك مضطر إلى استهلاك ساعة من الزمن بعد الوصول لتقوم أنت وأفراد أسرتك بحملة تنظيف مكثفة لتهيئة ذلك المكان ليكون مقبولاً للاستخدام البشري جراء القاذورات – أكرمكم الله – والمخلفات المنتشرة هنا وهناك مما يعني أنك مضطر للخروج إلى النزهة قبل وقتها المحدد بساعتين على الأقل.
أتذكر بالمناسبة أنه صدر أمر سام كريم قبل عدة سنوات يمنع امتلاك الأراضي المحاذية لشواطئ البحر وبمسافة لا تقل عن 300 متر. كم أتمنى لو طبق هذا الأمر أيضاً على المناطق الصحراوية بحيث يترك مسافة لا تقل عن 500 متر على يمين ويسار الطرق البرية بحيث تشكل فراغاً بين الطريق والأراضي المملوكة. صدقوني إن هذه المسافة كفيلة بإيجاد أماكن مناسبة للنزهة توفر على الجميع عناء السفر وقطع المسافات الطويلة بحثاً عن مكان شاغر كما أنني أتمنى على إخواني المواطنين أن يعوا أهمية النظافة وعدم ترك المخلفات في أماكن نزهتهم.
أعتقد أنه آن الأوان لتضطلع الجهات المعنية بالسياحة الربيعية وعلى رأسها وزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة العليا للسياحة بدورها في هذا الصدد. إنها معاناة مزمنة يتحدث عنها الكثيرون في مدينة الرياض فالبر أصبح بعيد المنال والنزهة البرية أصبحت تحتاج إلى شد الرحال.
أعلم أن الهيئة العليا للسياحة تبذل جهوداً جبارة خلال فترة الصيف لتشجيع المواطنين على الاصطياف الداخلي وتشير المعلومات الأولية إلى أن هذه الجهود قد آتت الكثير من النتائج الإيجابية حيث يلحظ المصطاف في بلادنا أن هناك تزايدا في الإقبال على السياحة الداخلية. كما أنه لا يغيب عن الذهن جهود الأمانات والبلديات في هذا الاتجاه. أما بالنسبة للسياحة الربيعية فليسمح لي المسؤولون وخاصة في الهيئة العليا للسياحة أن أقول إنها مازالت تحتاج إلى المزيد. وأرجو ألا يُفهّمُ من حديثي أن هناك تقصيرا من جانب الهيئة فهي ـ وأقولها بأمانة ـ تبذل جهوداً جبارة والمنصف يلمس تلك الجهود التي أنجزت في وقت قياسي.
بقى أن أشير إلى مشهد يتكرر أسبوعياً وأُسميه هنا " مشهد الثمامة " الذي يتكرر في نهاية كل أسبوع مشهد غير مقبول فعندما يقرر أحدنا اصطحاب أسرته إلى هناك فهو مضطر للجلوس وسط غابة من السيارات التي تجوب هذه الرمال وسط فوضى عارمة وإزعاج لا حدود له، حيث تنقلب النزهة والاستمتاع إلى حالة من الكآبة والبحث عن الحلول وهو حل واحد فقط هذا الحل يتمثل في سلوك أيسر الطرق للعودة إلى منازلنا بسلام. وكل ربيع وأنتم بعناء، آسف بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي