القدوة الصالحة خير من النصيحة

AL-yousef 99 @ hotmail.com

أكثر ما يرسخ في ذهن الإنسان هو ما يراه أمام عينيه لا ما يسمعه. لأن ما تراه أكثر وقعاً وتأثيراً فيك بعكس ما تسمعه حيث إن السماع قد يعتريه الكثير من النقص والتشويه والتشويش. لذلك نرى أن وسائل الإيضاح في العملية التعليمية لها تأثير كبير في استيعاب التلاميذ. لهذا علينا جميعا أن نكون قدوة صالحة لمن حولنا في جميع أعمالنا وأفعالنا وممارساتنا. لا أن نكون مجرد متحدثين وناصحين لغيرنا دون أن نطبق ما نقول على أنفسنا. وأن نظهر في حياتنا أمام الآخرين ملتزمين بما ندعو إليه ونحث على تطبيقه. لأن الكلام سهل. ولن يستمع الناس لإنسان يرون سلوكه وعمله وأفعاله تخالف كل ما يقوله ويدعو له وينصح به. فعلى من يطالب الآخرين بشيء أن يبدأ بنفسه. فالأب بين أبنائه يجب أن يكون قدوة صالحة في كل أعماله وأفعاله داخل البيت وخارجة فإن لم يكن كذلك فلن يأخذ الأولاد بنصائحه وكلامه مهما رفع صوته بالصراخ وكذلك المعلم في المدرسة أو المعهد أو الكلية عليه أن يبدأ بنفسه وأن يكون قدوة لطلبته, لا أن يعلّم الطلاب فضل الصدق وهو يكذب عليهم. وعظم الأمانة وهو يخرج من المدرسة ويترك تلاميذه. وحُرمة أكل المال الحرام وهو لا يعمل ولا يؤدي المطلوب منه ويتغيب عن المدرسة وعن الحصص اليومية لكي يتابع مصالحه الخاصة. ولا يفي بمتطلبات العمل الذي يتسلم عليه راتبا آخر كل شهر.
أيضا خطيب الجمعة الذي يعتلي المنبر ويدعو الناس إلى ضرورة الإخلاص في العمل وتأديته على الوجه المطلوب ومعظم من في المسجد يعرفون أنه لا يحافظ على أوقات الصلاة وأنه دائم الغياب عن المسجد خاصة في الإجازات الأسبوعية أو السنوية، كما أنه أقل الموظفين محافظة على أوقات العمل في عملة الرسمي فكيف يصل كلامه إلى قلوب المستمعين للخطبة وهو يقول شيئا ويعمل خلافه. بل إن بعضهم يُريد أن يطبق على من تحته من الموظفين الأنظمة في الحضور والخروج والانصراف نهاية الدوام وينسى نفسه لأنه رئيس أو مدير والمفترض أن يكون الرئيس أو المدير قدوة صالحة لموظفيه في الالتزام بأوقات العمل وأن يكون أقلهم خروجاً من العمل وأكثرهم إنتاجية, عندها لن يستطيع الموظفون إلا أن يكونوا مثله لأن الخطب والمواعظ والنصائح لا تقع من الناس موقع القبول إلا إذا كان من يقولها صادقاً ومطبقاً لها في حياته وبيته وعمله. الناس اليوم لم يعد ينطلي عليها شيء بل الكل واعٍ. فالأولاد في البيت والمصلون في المسجد والطلبة في المدرسة واعون ويعرفون أن الكلام إذا لم يقترن بالعمل فهو كلام يطير به الهواء وهو كلام يفتقد المصداقية. وقال الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره * هلا لنفسك كان ذا التعليم
فسِن الإنسان وشكله وهيئته ومنصبه ليس مبررا للتسليم بجميع ما يقول. لكن المبرر الوحيد والصادق للتسليم بذلك هو أفعاله وأعماله وممارساته. وقد سمعنا قصصا وحوادث لأناس كانوا ينصحون ويحدثون ويعلمون الناس وفي الأخير وقعت لهم مشكلات وقضايا بسبب أنهم لا يطبقون ما يقولون على أنفسهم ولا يلتزمون بتلك النصائح. لا أريد في الحقيقة أن أخوض في تفاصيل أكثر واللبيب بالإشارة يفهم. فالقدوة الصالحة هي الأهم, أما الكلام فهو مضيعة للوقت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي