المساهمات العقارية في القضاء
كان من أكبر الإشكالات في السوق العقارية ما يمكن تسميته فوضى المساهمات العقارية، حيث لم يكن هناك تنظيم يضبطها أو بالأحرى لم يكن يرتقي إلى الدرجة المطلوبة لتنظيم وعاء استثماري بهذا الحجم - تتحدث الإحصائيات عن أن الرساميل في هذه السوق تتجاوز التريليون ريال, إلا أنه بعد صدور الضوابط لهذه المساهمات أثرت إيجابا في السوق إلى حد كبير، بل يشير البعض إلى أنها جاءت متشددة فضيقت العمل في هذه السوق, وكان الواجب أن تكون مرنة لتمنع التلاعب والاستغلال وتسمح بالاستثمار فيه, ولهذا نلاحظ تراجع الحديث عن المساهمات العقارية في وسائل الإعلام والمنتديات, إلا أن ذلك لا يعني انتهاء هذه الأزمة التي طالت الكثير من المواطنين, حيث إن عددا من هذه المساهمات وبالذات الكبيرة منها - بالنظر إلى مبلغ المساهمة - لم تصفى حتى الآن, ولم ترجع المبالغ لأصحابها, وفي حين أن بعض هذه المساهمات لم تصل إلى قاعات المحاكم فإن بعضها ينظر الآن في الجهات القضائية. وفي التقرير الرائع المنشور في هذه الصحيفة قبل أيام عن الفعاليات والمناشط والقضايا المتعلقة بالعقار خلال عام 2006م بقراءة محرر الصفحة الأخ المبدع خالد الربيش جرت الإشارة إلى ما يتعلق بالمساهمات العقارية وأنها تمثل إحدى المعضلات في هذا العام, وأزيد أنه من خلال الوارد إلى القضاء ( المحاكم وديوان المظالم ) فإن من أعضل القضايا العقارية التي تنظر الآن في الجهات القضائية: القضايا المتعلقة بالمساهمات, وذلك من جهتين, الأولى: تحديد الجهة المختصة بنظرها, والثانية في الإجراءات والأحكام في نظرها وضرورة التفريق بينها وبين أي قضية أخرى.
أما ما يتعلق بالاختصاص فقد حصل في بعضها تنازع سلبي وأحيانا إيجابي, وسبب ذلك هو أن هذه القضايا يتنازعها أمران, الأول يلحقها بالقضاء التجاري ( ديوان المظالم ) وهو كونها عبارة عن شركات مضاربة والمعني بها القضاء التجاري, والثاني: كون المادة لهذه التجارة هو العقار والمحاكم هي صاحبة الاختصاص الأساس في نظر كل ما يتعلق بالعقار كما هو توجه نظام المحكمة التجارية, وقد استقر القضاء في ديوان المظالم حسب علمي إلى أن الديوان يختص بنظر قضايا المساهمات إذا كان العقد لم ينص على العقار ولو كان من ضمن الاستثمارات - لاحقا – عقارات, أما إذا كان منصوصا عليه في العقد فهو من اختصاص المحاكم.
وأما ما يتعلق بالإجراءات فقد اتجهت المحاكم إلى تخصيص قاض واحد لنظر كل قضية, بحيث يحال إليه جميع المساهمين لمعاملتهم وفق إجراءات وأحكام واجتهادات واحدة تحقيقا للعدالة, وبغض النظر عن بعض الاجتهادات الخاطئة التي قد تكون صدرت من بعض القضاة في نظر مثل هذه القضايا إلا أن طبيعة القضاء وبالذات في قضايا بهذا الحجم تفرض التأني والبحث والسعي إلى إعادة ما يمكن إعادته للمساهمين من أموالهم وهذا يقتضي طول النظر في هذه القضايا.. فاصبروا أيها المساهمون أعانكم الله.