Author

هل نحتاج كل هذا العدد من الهيئات الحكومية والوزارات؟!

|
[email protected] في كثير من دول العالم أصبحت سمة التقليص للوزارات هي الاتجاه العام السائد، وأصبحت رمزا ومنهجا للقضاء على البيروقراطية السلبية التي تمارس وتؤخر وتعطل الحركة الاقتصادية أو الاجتماعية. أصبحت السمة العالمية الآن هي الاتجاه لتقليص قنوات صنع القرار، أو بمعنى أدق تقليص اتخاذ القرار، وهذا لا يأتي إلا حين تكتمل الأنظمة والقوانين واللوائح في كل وزارة أو هيئة حكومية وبعدها يسهل اتخاذ القرار، حين نشاهد لدينا في المملكة الآن، وزارة التجارة والصناعة السعودية، ووزارة المالية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، كل هذه الوزارات تتعارض مع بعض الهيئات الحكومية كهيئة السوق المالية، أو هيئة الاستثمار، حين نجد هذه الهيئات الحكومية الخمس سنجد كيف تكون صناعة القرار فيها أشد صعوبة وأكثر تعقيدا، فكثير يعاني من وزارة التجارة. هل هي موجودة أصلا كعامل مؤثر في الحركة الاقتصادية أم أصبحت مهمتها إصدار تراخيص وموافقات لتأسيس شركات وغيرها؟ لنطرح سؤالا أخر: ما الدور المفترض الذي يجب أن تقوم به وزارة التجارة ولا تستطيع القيام به وزارة الاقتصاد والتخطيط مثلا ؟ ثم هناك جهات حكومية أخرى لها صلة مثل مؤسسة النقد ووزارة المالية وأيضا وزارة التجارة، وهيئة سوق المال، أيضا نلاحظ تداخل هيئة الاستثمار ووزارة التجارة، وأيضا دور وزارة العمل مع وزارة التجارة من تصاريح وتوظيف فيما يتعلق بالشركات، سأستغرق وقتا طويلا لأوضح تعارض دور كل وزارة أو تداخل كل وزارة مع الأخرى، وهنا أطالب على الأقل بأن نعيد دراسة وبحث إعادة صياغة دور هذه الوزارات والهيئات الحكومية (هنا ركزت فقط بما يتعلق بالاقتصاد الوطني ولم أوسع الدائرة على بقية الوزارات أو الهيئات) في العملية الاقتصادية بكاملها، لأننا حين نبحث عن الفاعلية والديناميكية في الاقتصاد الوطني السعودي هي للأسف غير موجودة، وإلا ما علاقة وزارة الخارجية بتصريحات تأشيرات لزيارة رجال الأعمال مثلا ؟ لماذا لا تكون التأشيرات لرجال الأعمال تصدر مثلا من خلال الغرف التجارية التي هي أكثر معرفة ودراية بالشركات ورجال الأعمال؟ وهذا عائق تجاري واقتصادي مهم. يجب أن نعترف بلا تردد أو تلميع أن صنع القرار الاقتصادي بطيء ومعطل للحركة الاقتصادية ولا يتواكب مع المتغيرات في هذا العالم، ووزارة التجارة كمثال عليها دور مهم في القضاء على التستر والغش وتشكيل وضبط الرقابة، وكل هذا غير موجود بشكل متقن وكامل. وزارة الصناعة عليها توفير أراض للصناعيين وكل متطلباتها التحتية وهذا غير موجود، وحينها تتعطل المصالح الاقتصادية من خلل في عمل الوزارة. أو تداخل كما يحدث بين وزارة التجارة وهيئة سوق المال. مثال ذلك من يحدد علاوة الإصدار في طرح الشركات الجديدة، فالكل يقذف الكرة للآخر.. من المسؤول ؟ كم تصريح وموافقة يحتاج إصدار ترخيص إنشاء مصنع مثلا؟ في النهاية أعيد التأكيد على التداخل والتعطيل والبطء والتضخم الكبير في الهياكل الإدارية والموظفين لكل ما هو لصالح الإنتاج على الأرض للاقتصاد الوطني. في تقديري اقترح أن يكون هناك ما يسمى "الدائرة الاقتصادية السعودية"، بمعنى أن من يريد أن ينشئ مصنعا يذهب لهذه الدائرة الاقتصادية السعودية ويقدم طلبه لجهة واحدة يبدأ من عندها وينتهي، من يريد أن يستثمر في أي مشروع ويبحث عن شروط ولوائح يذهب لهذه الدائرة الاقتصادية منها يبدأ وإليها ينتهي، وتكون جامعة وضامة لكل الموافقات المطلوبة أو المتطلبات الأساسية التي يحتاج إليها التاجر والمستثمر، من يريد ترخيص لمحل، أو فيزا حتى زيارة لوفود أجانب، أو إنشاء مجمعات تجارية، أو بناء برج تجاري أو أي شيء يتعلق بالتجارة، وطبعا ليس من السهولة أن أصوغ هنا ما هو مطلوب وغير مطلوب، ولكن أريد الوصول إلى نتيجة أن كل العملية التجارية والاقتصادية للاقتصاد الوطني والأفراد تختزل في مكان واحد وعلى مستوى المملكة ككل، لا أن يكون صاحب مصنع جديد يحتاج إلى موافقة عشرة وكلاء وزارة وبلديات ناهيك عن توقيع الوزير نفسه، نريد سهولة أكثر ومرونة أكثر وسرعة أكثر وقبول أكثر، حين تكون لدينا المرونة الاقتصادية الكافية في صنع القرار في مناسب ومكان مناسب ستكون لدينا جاذبية اقتصادية عالية جدا، وحركة اقتصادية أعلى، ولا أنسى بالطبع أن ذلك سيحقق وفرا اقتصاديا كبيرا من الجانب المادي، وأيضا اختصار الكثير من البطء الحكومي الذي لا يستطيع أن يجاري القطاع الخاص بنموه، وأحب أن أضرب مثلا دائما هو الاتصالات السعودية كيف كانت إدارة حكومية وكيف أصبحت إدارة مجبرة على المنافسة والحركة السريعة بعد دخول منافس، فأصبحت أسعار أقل بجودة أكثر، فلماذا لا نطبق ذلك على من يدير هذا الاقتصاد الذي يستحق الكثير قياسا بالوضع الحالي، أريد أن أرى الحصول على ترخيص مصنع في يوم واحد، وتصريح بناء مجمع تجاري في يوم واحد، وتأشيرات زيارة وفود أجنبية تجارية في يوم واحد، نستطيع حقيقة متى كان هناك توجه لتقليص للوزارات والهيئات الحكومية، لأننا في حركة عالمية اقتصادية تريد دائما تكلفة أقل وكفاءة أكثر وفعالية أعلى.
إنشرها