أي صدام أُعدم ..؟
لو قدر لأحدنا أن يجري عملية حسابية لعدد المرات التي تم تداول اسم صدام حسين خلال العقود الثلاثة الماضية سواءً عبر وسائل الإعلام المختلفة أو عبر المنتديات الإلكترونية لفاق ذلك كل الأرقام الفلكية التي ندركها ! صدام حسين ظاهرة غريبة وشخصية متعددة الألوان والأشكال والأصناف بمعنى:
هل هو الطفل المشرد الذي تعرض لصنوف التعذيب والشقاء في طفولته؟
أم هو الشاب المغامر الذي ضحى بحياته من أجل قضيته؟
أم هو الضابط البعثي الذي قاد مجموعة من زملائه للتربع على عرش الحكم في العراق؟
أم أن صدام حسين البطل العروبي وحامي حمى الجبهة الشرقية للوطن العربي وبطلها المقدام؟
أم هو ذلك المجرم الذي قتل الأطفال والنساء وسحل الرجال؟
أم أنه اللص وقاطع الطريق الذي هجم على جارته وشقيقته الكويت فعاث فيها فساداً يهلك الحرث والنسل؟
أم أن صدام هو ذلك الرجل الجاحد للجميل وناكر المعروف؟
أم هو البطل الذي ارتقى بجيشه وامتلك السلاح المدمر من نووي وبيولوجي وبات على وشك الهجوم على دولة إسرائيل وتحرير فلسطين؟!
أم هو المغامر الذي قاد شعبه قبل جيشه نحو الهاوية في حرب ليس لهم قبل بها مع الولايات المتحدة وبريطانيا؟
أم هو الرجل الهارب المطارد الذي اختبأ داخل جحر في إحدى مزارع تكريت؟
أم أنه المتهم الذي يقاد بالسلاسل من قبل جنود الاحتلال ويحاكم (وهمياً من قبل قاضٍ عراقي) ليس له من الأمر شيئا؟
وأخيراً هل صدام الذي أعدم ذلك الرجل الذي وقف بكل شجاعة أمام جلاده رافضاً عصب عينيه معبراً عن قوة بأس الرجل العربي ومعتزاً بأمته ووطنه ولم يأبه بتلك العصابة التي تقمصت شخصيته يوماً ما ورددت عبارات تنضح بالطائفية والعنصرية المقيتة منتقمة للجعد بن درهم على اعتبار أن صدام امتداد لخالد القسري!!
في واقع الأمر أن ما شاهدناه صبيحة يوم عيد الأضحى كان منظراً مفجعاً ينم عن حقد دفين، فمشهد الإعدام الذي صور وكأنه حفلة شماتة بكل مراسمه وطقوسه وتوقيته كان ينم عن روح الحقد الدفين التي تتجلى بها تلك العصابة القادمة على ظهور دبابات الاحتلال ويعشش في رؤوسها فكر طائفي بغيض.
في الحقيقة أنا هنا لا أدافع عن صدام ولا أنظر إليه باعتباره ضحية فهو أفضى إلى ما قدم وواجه خالقه الذي لا يظلم، غير أنني أمقت روح الحقد الانتقامية التي عومل بها، وما حملته المشاهد التي رأيناها من ممارسات تذكي جذوة الحرب الطائفية في العراق .
الإحصائيات تشير إلى أن المئات يقتلون في العراق يومياً، بينما في عهد صدام كان الأمن مستتباً فلا قتل للمواطنين العزل ولا إغتصاب للنساء ولا تدمير لكل ما تقع عليه العين . أما اليوم فحدث ولا حرج .. قتل ونهب وسلب وإغتصاب وفوضى عارمة فأي الفريقين بربكم أفضل ؟
ثمة سؤال آخر يطرح نفسه، صدام أعدم بموجب الحكم الصادر في قضية الدجيل وهي قضية تفوح منها رائحة الخيانة العظمى لصالح بلد عدو يخوض العراق حرباً ضده .
السؤال لماذا لم يحاكم صدام في قضية حلبجة وغيرها من القضايا المنتظرة..؟ أم أن دماء أهل الدجيل أزكي وأطهر من دماء أطفال حلبجة ؟
إنه سؤال بريء لن يجيب عليه سوى أنصارك يا مقتدى ..!!
قفلة
عندما تحب عدوك .. يحس بتفاهته