هل نعالج مأزق علاوة الإصدار بالإدراج دون اكتتاب؟

[email protected]

رغم علمية ومهنية الآلية التي اتبعتها هيئة السوق المالية في إقرار علاوة الإصدار للشركات التي اجتازت الفترة النظامية التي تؤهلها للاكتتاب ومن ثم الإدراج، إلا أن هذه العلمية لم تكن مقنعة للكثير من المتعاملين في السوق المالية، مما جعل الكثير من المواطنين يعزفون عن المشاركة في الاكتتابات الجديدة خاصة بعد أن رأوا أسهم "سبكيم" تباع بأقل من سعر الاكتتاب بعد أن كان المكتتبون في نشوة السوق يحققون أرباحا خيالية من الاكتتاب الأولي تصل لثمانية أو عشرة أضعاف تكلفة الاكتتاب.
هذا العزوف اتضح في اكتتاب شركة الحكير حيث اختفت التغطية المضاعفة لعدة مرات ولم يتم تغطية الحكير إلا بنحو 1.2 مرة ، كما اختفت الزحامات على البنوك التي شهدتها الاكتتابات السابقة ، وبهذا الأسبوع نشهد اكتتاب مجموعة العبد اللطيف التي لم تصدر تقريرا واحدا حتى يوم الأربعاء 13/12/2006 م تبين حجم التغطية التي تمت مثل ما اعتدنا عليه سابقا، مما يشير بصورة أو بأخرى إلى تواضع الإقبال على تلك الشركة رغم حقيقة نشاطها وجودة منتجاتها ودقة ربحيتها.
الإدراج بشرط طرح ما لا يقل عن 30 في المائة من الأسهم للاكتتاب العام جاء لتحقيق مصلحة المواطنين من أصحاب المدخرات لتنمية مدخراتهم، وهذا مقصد نبيل وحقق الهدف منه أثناء انتعاش السوق الثانوية قبل انهيارات فبراير 2006م، حيث حقق المواطنون المكتتبون في الشركات التي طرحت أثناء فترة الانتعاش أرباحا كبيرة، ولكن اليوم وبعد عودة السوق إلى حالة من الاستقرار، إن لم يكن الركود، أصبح من الصعوبة بمكان تحقيق هذا المقصد النبيل، بل إن الوضع يشير إلى أن عددا كبيرا من المواطنين عزفوا عن الاكتتابات التي تصدر بعلاوة إصدار، فهل يبقى القرار ساريا رغم تغير المعطيات ؟
فنون الإدارة تقول خلاف ذلك، حيث يقول كبار المديرين إن المرونة أحد أهم أسباب النجاح في تحقيق القرارات لأهدافها، نعم المرونة التي تمكن صانع ومتخذ القرار من الاستجابة إن لم يكن استباق التغيرات حال أو قبل وقوعها سيكون لها دور فاعل في تحقيق الأهداف المنشودة والنبيلة، وبالتالي فإن القرار القاضي بأنه لا إدراج لشركة مساهمة مقفلة تجاوزت الفترة النظامية بنجاح دون طرح 30 في المائة للاكتتاب العام أصبح قرارا لا يحقق الهدف منه بل أكاد أجزم بأنه أصبح سلبيا في الفترة الحالية.
وسلبية الاستمرارية في هذا القرار ستكون لسببين، الأول هو اهتزاز سمعة هيئة السوق المالية والمستشارين الماليين وحتى مديري الاكتتاب نتيجة انخفاض أسعار التداول عن أسعار الاكتتاب مهما كانت الأعذار والمبررات، والثانية عدم تغطية الاكتتابات الجديدة مما يجعل الشركات المساهمة المقفلة توقف عجلة تقدمها نحو الإدراج والانضمام للشركات التي تخضع لرقابة هيئة السوق المالية ومعاييرها، وهذا بطبيعة الحال سيحرم السوق من العمق الذي ننشده جميعا، كما يحرم الاقتصاد من ارتفاع قدرات الشركات المساهمة بسبب عدم خضوعها لمعايير الهيئة في الإفصاح والشفافية.
ولتفادي تلك السلبيات أعتقد بأنه حان الأوان لإتاحة الفرصة للشركات المساهمة المقفلة والتي اجتازت الفترة النظامية أن تدرج نسبة معينة من أسهمها كمرحلة أولى بعد إصدارها لقوائمها المالية المدققة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، ويترك للسوق تحديد قيمة السهم بناء على العرض والطلب ووضعية سوق الأسهم بشكل عام، وبذلك نخرج من مأزق علاوة الإصدار من جهة، كما نرفع الخوف من عدم التغطية عن الشركات التي ترغب في التحول من شركة مساهمة مقفلة إلى مساهمة عامة.
وأظن أننا نستطيع تطبيق ذلك فورا على الشركات المتقدمة حاليا لهيئة السوق المالية لإدراجها، بحيث نتيح لها الفرصة لإدراج أسهمها دون اكتتاب، لنخرج من دائرة الاتهام من ناحية والتطبيل من ناحية أخرى لنترك لقوى السوق أن تقوم بدورها، وأظن أن هذا الحل مناسب للجميع لهيئة السوق المالية كجهة منظمة وللشركة المساهمة ولصغار المستثمرين حيث يرون الأسعار أمامهم صعودا ونزولا ليختاروا السعر الأنسب لهم كل حسب رأيه بعيدا عن الأسعار المحددة سلفا التي تجعلهم يغضبون غضبا شديدا عندما يتم تداولها بأقل من سعر الاكتتاب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي