ساعتان وتغرق جدة

<a href="mailto:[email protected]">khalid@kaljarallah.com</a>

تهيئة البنى التحتية للمدن ومنها تصريف السيول أمر بديهي ومن أساسيات العمل لأمانات المدن، والموافقة على إنشاء وتطوير المخططات الجديدة لا بد أن تتضمن تأمين الخدمات كافة مع التطبيق الفعلي، ما نواجهه من أزمات في تصريف السيول عند نزول المطر ومشاكل الصرف الصحي - أعزكم الله – هو نتيجة لمشاكل تراكمية تركت أو أهملت حتى تحولت إلى أزمة.
فعندما ينزل المطر في بلادنا فإننا نستبشر خيرا وهذا من فضل الله علينا وكرمه ورحمته، فنزول المطر فيه من الخير الكثير، حتى إن النفوس ترتاح وتستبشر وبقدر استبشارنا إلا أن أيدينا على قلوبنا خوفا من تبعات نزول المطر وهي من منغصات الفرح أثناء وبعد نزول الغيث وهي بالمناسبة من صنع أنفسنا، وتتمثل في تجمع الأمطار في الشوارع وتسببها في تعطيل مناشط الحياة، إضافة للحوادث الأليمة التي تنتج عنها.
ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو معاناة شخصية حدثت بعد هطل أمطار الخير على مدينة جدة فجر الأحد الماضي، حيث بدأت المعاناة بعد صلاة الفجر وعند استعداد الجميع لبدء يوم عمل جديد، فالشوارع بدأت تنغمر بالمياه وتدور وتتجمع ولكن لا طريق لتصريفها، الطلاب معظمهم لم يذهب إلى المدرسة ومن ذهب كان متأخرا أو عالقا في أحد الشوارع، الشوارع تغرق بالمياه والسيارات المتعطلة كثيرة، بعض الشوارع لا يمكن دخولها فالمياه تغمرها وعبورها مستحيل مشيا أو بالسيارات الصغيرة.
يختلط الحابل بالنابل، الحوادث كثيرة والسيارات الكبيرة تساهم في تعطيل حركة السير. كنت ذاهبا إلى مكة المكرمة وبمجرد خروجي إلى طريق مكة السريع كان الطريق متكدسا بالسيارات وأمضيت نصف ساعة في زحمة السيارات، فالسيارات تمشي ببطء، فبدأت أفكر بالحلول هل أكمل المسير أم العودة من حيث أتيت ولم أفكر طويلا فكان القرار بالعودة من حيث أتيت هو الأصوب فالمفاجآت متوقعة خصوصا أن الطريق السريع شبه مغلق في أوله باتجاه مكة المكرمة وقد احتاج إلى أكثر من ساعتين للوصول إلى جنوب جدة وساعة أخرى إلى مكة المكرمة وقد تكون أكثر. وبالتالي سأتأخر عن موعدي فاعتذرت عن الاجتماع وعدت مع أقرب مخرج إلى اليمين وهو طريق الأمير محمد بن عبد العزيز وشاهدت العجب العجاب، فبعض إشارات المرور لا تعمل بعد نزول الأمطار وكأنها مبرمجة - سبحان الله – والشوارع تغمرها المياه، طريق المدينة شبه مقفل ومليء بالمركبات والعديد منها معطل وأصحابها قد شمروا عن سواعدهم في محاولات يائسة لإصلاحها أو دفعها تفاديا لتعطيل الحركة المرورية التي هي أصلا معطلة.
هذه حكاية المطر الذي استغرق ساعتين!! فماذا لو كان أكثر غزارة أو استمر ليوم أو يومين ما الذي كان سيحصل؟ أعتقد أننا أمام أزمة حقيقية ومتكررة نواجهها سنويا وأزمة من العيار الثقيل ليس في جدة فقط بل معظم المدن ! وهي بحاجة إلى حلول جذرية ولن تحل بالتصريحات والتسويف وبأسلوب أرباع وأنصاف الحلول.. اللهم اجعلها أمطار خير وبركه.. آمين.

غرغرة..
دول شرق آسيوية فقيرة لا تمتلك عشر إمكاناتنا أو ميزانيات أمانات المدن لدينا والأمطار موسمية وتهطل بغزارة ولساعات وبشكل شبه يومي.. تخرج بعد ساعة من هطلها وكأن شيئا لم يكن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي