مشروع التأمين ضد التعطل في البحرين

[email protected]

خطت البحرين في الأسبوع الماضي خطوة متميزة وذلك بإقرار الحكومة قانون التأمين ضد التعطل. يقضي المشروع بتقديم مساعدات مالية شهريا للعاطلين في محاولة جادة للتعاطي مع تداعيات البطالة. وتتمثل الخطوات المتبقية في تصديق البرلمان على المشروع في وقت لاحق من العام وذلك بعد الانتهاء من الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ومن ثم صدور مرسوم ملكي لتحديد موعد دخوله حيز التنفيذ. يأمل القائمون على المشروع أن يتم تطبيق القانون في بداية عام 2007.
مساعدات 6 أشهر
في التفاصيل، سوف يحصل العاطلون حملة المؤهلات الجامعية على مبلغ قدره 150 دينارا (نحو 400 دولار) شهريا. أما العاطلون الذين لا يحملون شهادات جامعية فسيحصلون على مبلغ قدره 120 دينارا (317 دولارا) شهريا. هذه المساعدات تخص الذين لم يعملوا من قبل، بيد أنه يختلف الوضع فيما يتعلق بالأفراد الذين سبق لهم العمل والمؤمن عليهم لكنهم خسروا وظائفهم وبالتالي أصبحوا عاطلين. يحصل هؤلاء على تعويض بواقع 60 في المائة على أساس معدل الأجر الشهري خلال الـ 12 شهرا السابقة. وفي كل الأحوال سوف لن يقل المبلغ عن 150 دينارا ولا يزيد على 500 دينار شهريا.
يشار إلى أن الحد الأقصى لصرف الإعانة هو ستة أشهر متصلة. كما أن هناك شروطا لا بد من توافرها للباحث عن عمل لأول مرة، مثل ألا يقل عمر الفرد عن 18 سنة وأن يكون راغبا في العمل وألا يكون قد بلع سن التقاعد وألا يزاول أي عمل تجاري. كما أن العاطل ملزم بالالتحاق بدورة تدريبية واجتيازها بنجاح. كما من حق الجهة الرسمية إيقاف صرف المعونة قبل انتهاء المدة في حال رفض العاطل قبول وظيفتين تعرضان عليه أثناء فترة الأشهر الستة. وعلى هذا الأساس تلزم الحكومة نفسها بتوفير فرص عمل لعاطلين تتناسب ومؤهلاتهم.

تمويل المشروع
حسب الخطة المعدة سلفا سيتم تمويل مشروع التأمين ضد التعطل بواسطة مساهمة من ثلاث جهات هي الحكومة وأصحاب الأعمال إضافة إلى المؤمن عليهم بواقع 1 في المائة أجرهم شهريا. ويلاحظ بأنه سوف لن يتم فرض زيادة على أصحاب العمل، حيث إن جهازا آخر يحمل اسم صندوق العمل (عبارة عن هيئة منوط بها مسؤولية تحسين قوانين العمل) يقوم بتسديد اشتراكات أصحاب العمل. وسيتم إنشاء فرع خاص للتأمين ضد التعطل ضمن صندوق التأمينات الاجتماعية.

العيش بكرامة
من جهة أخرى، يكتسب مشروع التأمين ضد التعطل أهمية متضاعفة نظرا لأن نحو 11 في المائة من الأسر في البحرين تعيش دون خط الفقر. استنادا إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن خط الفقر هو 2.5 دولار يوميا للفرد الواحد في أسرة مكونة من ستة أفراد. وبناء على ذلك، تصبح أي أسرة فقيرة إذا كان دخلها الشهري يقل عن 936 دولارا. هناك نحو 75 ألف أسرة في البحرين، ما يعني أن أكثر من ثمانية آلاف أسرة تعيش تحت خط الفقر. يعتقد أن 70 ألف فرد يحصلون على مساعدات مالية وعينية من الصناديق الخيرية, فضلا عن وزارة التنمية الاجتماعية. على أقل تقدير سيساعد مشروع التأمين ضد التعطل على احتواء ظاهرة الفقر، حيث بمقدور العاطلين الحصول على مساعدات مادية شهرية لفترة معينة تساعدهم على العيش بكرامة. وعلى هذا الأساس يتعامل برنامج التأمين ضد التعطل مع تداعيات ظاهرة البطالة.

لا يعرف على وجه الدقة حجم البطالة في البحرين, فحسب تقرير لوكالة "الأسوشيتد برس" تبلغ نسبة البطالة 15 في المائة في أوساط العمالة الوطنية, إلا أن نسبة البطالة أقل من ذلك بكثير حسب الإحصاءات الرسمية. يبقى أن الشيء المؤكد هو أن الإناث يشكلن الغالبية العظمى من العاطلين. وعلى هذا الأساس فإن مشروع التأمين ضد التعطل سيفيد النساء أكثر من الذكور.

السلم الاجتماعي
يعد مشروع التأمين ضد التعطل الأول من نوعه على نطاق دول مجلس التعاون الخليجي. وعليه فإن ما يميز مشروع التأمين ضد التعطل هو تعامله مع تداعيات البطالة بشكل واقعي. فظاهرة البطالة منتشرة في مختلف بقاع العالم لكن ليس من المعقول ترك تداعيات هذه الأزمة تستفحل وتنخر في المجتمع دون التعامل معها بشكل مدروس. في نهاية المطاف سيكون المجتمع البحريني الفائز من تطبيق المشروع، حيث إنه يسهم في توفير سبل العيش الكريم للمواطنين العاطلين. فوجود أفراد في سن العمل ومن دون مصدر دخل يشكل خطرا استراتيجيا على السلم الاجتماعي, لأن بعضهم على أقل تقدير قد ينتقم من المجتمع ككل لأنه فشل في الحصول على معونة في أمس الحاجة إليها. كما ليس من الصواب أن يخسر العامل كل مصادر الرزق في حال فقدانه وظيفته, خصوصا أنه قد يكون ملزما بدفع أقساط شهرية للمصارف. نأمل أن يتم تنفيذ هذا البرنامج الحيوي في أقرب فرصة ممكنة ومن ثم تعميم فوائده على مستوى دول مجلس التعاون.

رئيس وحدة البحوث الاقتصادية ـ جامعة البحرين

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي