الحقيقة وراء قفز الأسهم السعودية

إن الضوضاء التي نسمعها من الخُبَر إلى جدة ليست طائرة نفاثة أو عاصفة رملية، بل إنها تحركات السوق المالية السعودية "تداول"! منذ بدء الحديث عن احتمالية تخفيف هيئة السوق المالية القواعد التي تضع سقفًا لملكية الأجانب عند 49% ارتفع السهم بنسبة 10% تقريبًا عن أدنى مستوى له في 15 سبتمبر منذ بداية العام.

قفزت الأسهم بنسبة 5% يوم الأربعاء وحده! يرى كثيرون أن هذا الارتفاع سيكون نقطة تحول للاقتصاد وحلًا لمشكلة تراجع السوق المالية السعودية "تداول" في 2025. الحقيقة أنه قد يكون التغير نقطة لتحول الاقتصاد، لكن هناك أسئلة وجيهة حول ما إذا كان ذلك حلًا لتراجع الأسهم السعودية.

كما تعلم أن اقتصاد السعودية لا يزال يعتمد على النفط، حيث إن أرامكو والصناعات الداعمة (بما في ذلك البنوك) غالبًا ما تتحرك مع أسعار النفط. وقد أدى ضعف النفط إلى انخفاض السوق المالية السعودية "تداول" بنسبة 13.7% - حتى 15 سبتمبر، بينما ارتفع مؤشر إم إس سي آي العالمي لجميع الدول بنسبة 15.9%. وقد انخفضت المعنويات بشدة بسبب ضعف الأداء، لذا فإن أي مفاجأة إيجابية من شأنها أن تحفز ارتفاعًا في الأسواق على المدى القصير.


الخبر السار هو:


في حال فتح الأسواق السعودية الفرصة لامتلاك الأجانب حصص أغلبية، سيكون ذلك إضافة اقتصادية إيجابية ذات تأثير طويل الأجل، كما سيسمح ذلك للمستثمرين في قطاع الطاقة أو القطاعات الأخرى بالدخول بحرية أكبر في الاقتصاد السعودي (بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030)، إضافة إلى أنه نوع من تخفيف القيود الاستثمارية التي يطالب بها المستثمرون. في معظم الدول المتقدمة، هناك قيود قليلة على ملكية الأسهم للأجانب باستثناء قطاعات محددة تعتبر أساسية للمصالح الوطنية. ولذلك فإن اتباع نهج مشابه لهذا سيكون إضافة كبيرة للسعودية.

سيجذب هذا القرار الإدراج المزدوج من الشركات الأجنبية، حيث يسعى عديد من الشركات النشطة على الصعيد الدولي إلى الإدراج المزدوج في البورصات العالمية، وسيضيف سيولة إلى الأسواق، من خلال الأموال المستخدمة لشراء حصص ملكية في الشركات المحلية، كما سيعزز المشاريع المشتركة بين الشركات المحلية والشركات العالمية، كل هذه إيجابيات واضحة للاقتصاد السعودي على المدى الطويل. لكن يخلط كثيرون بين الإيجابيات طويلة الأجل ومحركات السوق اللحظية، وأخشى أنهم يفعلون ذلك الآن.

يرى معظم المتحمسين على المدى القصير أن هذا التغيير سيدفع مزودي المؤشرات مثل مؤشر إم إس سي آي إلى زيادة تركيز الشركات السعودية في مؤشرات مثل مؤشر إم إس سي آي للأسواق الناشئة أو مؤشر إم إس سي آي العالمي لجميع الدول، ما يعني أنه سيتعين على الشركات التي تستثمر بشكل سلبي في هذه المؤشرات أن تزيد حيازاتها، وقد يفعل ذلك أيضًا مديرو الصناديق النشطة الذين يستخدمون المؤشرات لقياس الأداء.

هناك مشكلتان في هذا المنطق: الأولى أن هذا القرار معروف على نطاق واسع ــ والأسواق تُسعر مُسبقًا العوامل المعروفة على نطاق واسع، وبغض النظر عن مدى صحة هذه النظرية، فإن القفزة التي حدثت منذ 15 سبتمبر قد تعكس ذلك بالفعل.

الثانية هي أن تتذكر دائمًا أن هناك مشتريا لكل بائع، ولهذا لا تنتهي الأسواق الهابطة عندما تصل تدفقات الأموال الضخمة.

لرؤية ذلك على أرض الواقع، انظر إلى الإمارات. في 2 يوليو 2019، أعلنت الإمارات أنها سترفع القيود المفروضة على ملكية الأجانب على قائمة من الأسهم اعتبارًا من 31 مارس 2020، لكن عطلت جائحة كوفيد العائدات المُطلقة خلال هذه الفترة.

لذا انظر إلى العوائد النسبية. تصدرت أسهم الإمارات مؤشر إم إس سي آي للأسواق الناشئة ومؤشر إم إس سي آي العالمي لجميع الدول لبضعة أسابيع بعد الإعلان في يوليو، ثم تراجعت بشكل كبير حتى أواخر 2020. ولم يغير تنفيذ القرار في مارس أي شيء، حيث ظهرت عوامل أخرى خلال تلك الفترة الزمنية التي أثرت في الأسهم بشكلٍ أكبر.

يتكرر السيناريو نفسه عند عمليات إعادة تصنيف المؤشرات، مثل إضافة السعودية إلى مؤشر للأسواق الناشئة في 2018-2019 من قبل إم إس سي آي. حيث حققت الأسهم السعودية - التي توقعت هذا التغير - أداءً متفوقًا قبل إعلان إم إس سي آي في يونيو 2018، لكنها تراجعت بعد هذه الأخبار.

كما أنها كانت في الصدارة مجددًا قبل التنفيذ في 2019، لكنها تراجعت بشدة بعد ذلك. وتزداد الأمثلة المشابهة على مستوى العالم.

إن هذا ليس للتقليل من شأن الخبر، لأن فتح الأبواب أمام قوة الرأسمالية العالمية فكرة جيدة جدًا وذات تأثير مستقبلي. لكن السوق المالية السعودية "تداول" لن تصعد بخطٍ مستقيمٍ من هنا، ولذلك فإن التأني والصبر هو المفتاح.


مؤسس Fisher Investments وأكبر مستشار استثماري في العالم وكاتب متخصص في أسواق الأسهم والصناديق

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي