المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين .. جهود جديرة بالتقدير

[email protected]

تحتضن محافظة جدة في المملكة العربية السعودية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، فعاليات المؤتمر العربي التاسع للثروة المعدنية خلال الفترة 30 تشرين الأول (أكتوبر) ـ 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، تحت شعار "شراكة معدنية عربية.. من أجل غد أفضل"، بتنظيم وإعداد المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين.
من بين أبرز وأهم أهداف المؤتمر، (1) التعريف بواقع الثروة المعدنية العربية ومتطلبات تطويره، (2) تهيئة المناخ المناسب لجذب وتشجيع الاستثمارات في القطاع المعدني، (3) تشجيع التعاون في مجالات الاستكشاف والبحث والتطوير والمحافظة على البيئة في القطاع المعدني العربي، بما في ذلك تبادل الخبرات والمعارف بين المختصين في هذا المجال، (4) التعريف بأحدث التقنيات والمعدات والآلات المستخدمة في كافة مراحل النشاط التعديني.
محاور المؤتمر العربي التاسع للثروة المعدنية ستركز النقاش وستسلط الضوء، على مناخ التعدين واقتصاديات الخامات المعدنية، وعلى استكشاف آليات البحث والتطوير، بما في ذلك على واقع وآفاق القطاع المعدني في الدول العربية، والقضايا التي لها علاقة وارتباط وثيق بالأنظمة والقوانين والسياسات في مجال الاستثمار التعديني، والمحافظة على البيئة في القطاع المعدني، إضافة إلى التركيز على القضايا والمسائل، التي لها علاقة بالشراكة المعدنية العربية، تحت شعار (إطلاق مبادرة عربية للشراكة المعدنية).
يأتي اختيار المملكة العربية السعودية لعقد فعاليات المؤتمر، ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لتلك الفعاليات، تجسيدا للدورين الصناعي والتنموي الريادي، اللذين تلعبهما السعودية على مستوى المنطقة العربية، بالذات المرتبطين بتشجيع الجهود العربية، الرامية للوصول لعمل عربي صناعي مشترك، وفق منهجية واستراتيجية تستهدف في المقام الأول، تحقيق التنسيق والتكامل الصناعي العربي المشترك، الرامي للإسهام في تنمية وتطوير الاقتصاد العربي، وتعضيد قدراته الذاتية في مجالات الصناعة والطاقة والتعدين والمواصفات والمقاييس، بما يعزز تطوير الإنتاج والجودة والقدرة التنافسية، ولاسيما في ظل أهداف المنظمة وتوجهها وجهودها الحثيثة وتخطيطها، لإقامة المشاريع الصناعية العربية على المستويات القطرية والإقليمية والقومية، والترويج للاستثمار في قطاع الصناعة والتعدين ووضع المواصفات القياسية العربية الموحدة، بما في ذلك إعداد قواعد المنشأ للسلع الصناعية العربية المحررة، ضمن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، بهدف تسهيل التبادل التجاري البيني بين الدول العربية.
تجدر الإشارة إلى أن الجهة المنظمة لذلك المؤتمر، وكما أسلفت المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، قد نشأت وفقا لقرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية رقم 1056، في عام 1988، ورقم 1089 في عام 1989، ورقم 1098 في عام 1990، الخاصة بإعادة هيكلة مؤسسات العمل الاقتصادي والعربي المشترك، واعتبرت المنظمة العربية للتنمية الصناعية، ذات النشاط الرئيسي، وأوكل إليها مهام كل من المنظمة العربية للثروة المعدنية، والمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس، وسميت بالمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، وباشرت عملها في مدينة بغداد في شهر كانون الثاني (يناير) 1990، ثم انتقل مقرها إلى المملكة المغربية في عام 1992.
استطاعت المنظمة منذ إنشائها، بجهود القائمين على إدارتها وعلى رأسهم مديرها العام المهندس طلعت ظافر بن ظافر، تحقيق العديد من الإنجازات العملاقة والطموحة، في مجال تطوير العمل الصناعي المشترك بين الدول الأعضاء بالمنظمة، التي شملت العديد من المجالات، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، تطوير مجالات العمل في الصناعة والتعدين، خاصة في قطاع التقييس، الذي يلعب دورا أساسيا في المجالات الصناعية المختلفة، بالذات التي تهتم بحياة المواطن العربي، ومن هذا المنطلق، فقد ركزت المنظمة جهودها الخاصة بتطوير وسائل السلامة والصحة والغذاء والبيئة، من خلال إعداد مواصفات قياسية عربية، خاصة بالإجراءات الصحية والصحة النباتية والاشتراطات الفنية الخاصة بالعوائق التقنية للتجارة، وذلك بالتعاون مع مركز التجارة الدولي ITC.
في مجال تطوير الصناعة والتعدين بالدول العربية الأعضاء بالمنظمة، عملت المنظمة على تقديم الخدمات الصناعية والتعدينية، للقطاع العربي الخاص، من خلال تقديم الاستشارات الفنية والخبرات الصناعية للشركات الصناعية بالوطن العربي، إضافة إلى تنظيم الدورات والندوات والمؤتمرات الخاصة بالارتقاء بعمل ذلك القطاع في المجالات الفنية والإدارية.
ومنذ تولي المهندس طلعت بن ظافر مهام إدارة المنظمة قبل 12 عاما، وهو يسعى جاهداً لبناء قاعدة معلومات صناعية وفنية، تساعد على اتخاذ القرار الصناعي السليم، وقد توجت هذه الجهود ببناء نحو 30 قاعدة معلومات، وإطلاق ما يعرف بالشبكة العربية للمعلومات الصناعية، التي يرمز لها بـ (أعرفونت)، التي تعتبر أكبر شبكة معلومات متخصصة على مستوى المنطقة العربية، في مجال الصناعة والتعدين والتقييس في الدول العربية.
خلال الفترة 1996 ـ 2006، عملت المنظمة على تطوير علاقاتها مع الهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، مما تمخض عنه وأثمر في إنجاز العديد من الفعاليات والأنشطة لصالح الدول العربية في مجال الصناعة والتعدين والمواصفات والمقاييس.
خلاصة القول، إن المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، منذ إنشائها في عام 1990، وهي تحرص على متابعة العديد من الأنشطة والبرامج الرامية، إلى تفعيل الجهود الرامية لتطوير مجال العمل العربي الصناعي المشترك، بالذات المرتبط بمجال الاستكشاف الجيولوجي والاستخراج المنجمي، وتنمية الموارد البشرية العاملة في هذا المجال، هذا إضافة إلى تفعيل الأنشطة والفعاليات، المرتبطة بتطوير مجال نقل التكنولوجيات والبحث والتطوير وتبادل المعلومات والبيانات الإحصائية مع الجهات المعنية بالتنمية الاقتصادية العربية والإقليمية، كما قد أولت المنظمة اهتماما خاصا بقضايا البيئة وتحقيق التنمية العربية المستدامة، وإشراك القطاع الخاص الصناعي العربي في تنفيذ فعاليات وأنشطة المنظمة، والترويج للاستثمار الصناعي والتعديني، وتنمية الصناعات العربية الصغيرة والمتوسطة.
إن المأمول والمتوقع من عقد فعاليات المؤتمر العربي التاسع للثروة المعدنية، الخروج بتوصيات وأجندة عمل عربية فاعلة، تعمل على تهيئة المتطلبات الأساسية اللازمة للدفع بعجلة التصنيع العربي المشترك قدماً إلى الأمام، بما في ذلك تنمية الثروة المعدنية في الدول العربية، وتحقيق تعاون عربي شامل يرتقي بمستوى الصناعة العربية والتعدين، بالشكل الذي يمكن الدول العربية أن تساير التطورات التكنولوجية التي تحدث على مستوى التنمية الصناعية العالمية، وبالله التوفيق.

* مستشار اقتصادي وخبير مصرفي
الرئيس التنفيذي لشركة اتحاد الأصول للتنمية والاستثمار

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي