زيادة متوسط دخل المواطن .. الطريق إلى مجتمع الرفاهية

<p><a href="mailto:[email protected]">Dr_saaty@yahoo.com</a></p>

في عام 1999م نشرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية تحقيقًا واسعاً عن انخفاض هائل في متوسط دخل الفرد السعودي الذي قالت إنه لامس حدود ستة آلاف دولار سنوياً (22500ريال).
وقالت "الإيكونوميست" إن مستوى معيشة الإنسان السعودي تدنى حتى أصبح الأقل بالنسبة لدول الخليج الأخرى.. إلى حد يكاد يعيده إلى مشارف مستويات الأزمة الاقتصادية التي تعرض لها الاقتصاد السعودي في الخمسينيات الميلادية.
ولقد أحدثت المجلة ردود أفعال قوية في الأوساط الاقتصادية والأمنية داخل المملكة العربية السعودية، وأذكر أن الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية أولى الانخفاض في مستوى المعيشة اهتمامه الكبير وبادر بتشكيل لجنة متخصصة تحقق في الأرقام التي توصلت إليها مجلة "الإيكونوميست" ومن ثم تضع التوصيات اللازمة لتصحيح الأوضاع وتحديد الإجراءات الكفيلة بزيادة معدلات الدخل الفردي في المجتمع السعودي لعلاقة ذلك بالأمن الوطني.
ومن ناحيته فقد قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة ميدانية لبيوت الفقراء في العاصمة الرياض وراعه الوضع المزري الذي كان الفقراء يعيشونه، وأعلن عن مشروعه الإنساني الرامي إلى محاربة الفقر وكذلك أمر ـ يحفظه الله - بتأسيس مؤسسة الأمير عبد الله بن عبد العزيز لوالديه.
ولم يتوقف الأمر عند حدود هذه الإجراءات بل اتجهت الدولة إلى زيادة تنفيذ المشاريع والبرامج المتعلقة برفع مستوى معيشة الشعب السعودي.
والآن الكثير من هذه المؤسسات تحولت من مجرد مشاريع في طور الإنشاء إلى مشاريع قائمة وماثلة بالفعل.
ولعل أهم هذه المشاريع هو توزيع المساكن مجاناً إلى مستحقيها، وزيادة الرواتب وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي، والتوسع في بناء المدارس والجامعات والمستشفيات الحكومية.
أما المنحة التي نزلت من السماء على هذه البلاد المقدسة فهي الزيادة الهائلة في أسعار البترول والتي تجاوزت الثلاثة أضعاف لما كانت عليه حتى عام 2002م، وكانت فرصة جيدة أمام الحكومة التي وضعت الخطط العاجلة لرفع مستوى معيشة المواطن وقامت بدورها في تنفيذ المزيد من برامج ومشاريع التنمية.
إن سياسة الحكومة الرامية إلى محاربة الفقر ورفع مستوى معيشة الإنسان السعودي أخذت أشكالاً عدة، منها: الإعانات والقروض الميسرة من دون فوائد من صناديق التسليف والتنمية العقارية والصناعية والزراعة، والاستثمارات العامة. يضاف إلى ذلك فتح المجال أمام الرساميل المحلية والأجنبية للدخول في شراكات عملاقة تنفذ مشاريع استراتيجية، خصوصاً في مجال النفط والبتروكيماويات وقطاع الطاقة، باستثمارات تبلغ مئات البلايين من الدولارات، ووجهت الحكومة الدعوة إلى المستثمرين من مختلف دول العالم للمشاركة في هذه المشاريع العملاقة.
إن ما تم افتتاحه وتدشينه من مشاريع في القطاعات النفطية والصناعية والصحية والتعليمية يشكل مرحلة جديدة من المشاريع العملاقة التي ستحقق التنوع في الدخل القومي، وتحقق زيادات ملحوظة في معدلات دخول الأفراد.
وفي الأيام القليلة الماضية صدرت العديد من التقارير من مؤسسات محلية ودولية تتحدث عن ارتفاعات مذهلة في معدل الدخل الفردي للمواطن السعودي.
ولعل آخر التقارير التي صدرت عن ارتفاع مستوى المعيشة في المملكة العربية السعودية هو التقرير الذي صدر عن صندوق الأمم المتحدة 2006م، وأشار إلى أن دخل الفرد السعودي وصل إلى 52.5 ألف ريال سنويًّا فيما تراجعت معدلات النمو السكاني إلى 2.4 في المائة.
كما أن تقريرا صدر عن أحد البنوك السعودية أشار إلى أن الدخل السنوي للفرد السعودي قفز إلى 64 ألف ريال سنوياً، وأكد مصرف سامبا أنه يرجح أن متوسط دخل الفرد السعودي بلغ 58.5 ألف ريال سنوياً. وتتوقع المؤسسات المصرفية أن تتواصل معدلات الزيادة في الدخل الوطني وكذلك معدلات زيادة دخول الأفراد في السنوات القليلة المقبلة، بمعنى أن مستوى معيشة الإنسان السعودي ستحقق ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات المقبلة ربما تضاهي معدلات المواطن في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وفي اتجاه متوازن طورت الحكومة أنظمة العمل ليتواكب النمو البشري مع نمو المشاريع الاقتصادية، وكان أبرز عمل قامت به وزارة العمل هو تنفيذ حملة وطنية لتسجيل عدد العاطلين وتدبير العمل المناسب لهم حتى تقضي الوزارة على بعبع البطالة.
إن العلاقة بين مستوى المعيشة ومستوى الأمن هي علاقة طردية ومتلازمة، فكلما ارتفع مستوى المعيشة ارتفع مستوى الأمن، وكلما انخفض مستوى المعيشة تبعه انخفاض في المستوى الأمني للمجتمع، بمعنى أن انخفاض مستوى المعيشة وبلوغه مرحلة خط الفقر يؤثر تأثيرا مباشرا على الأمن العام في أي بلد، لأن الفقر سبب جوهري ومهم في انتشار الجريمة بين المجتمعات.. ولذلك كانت مبادرة الأمير نايف بن عبد العزيز بسرعة التصدي لمشكلة انخفاض مستوى المعيشة ومطالبته الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بضرورة وضع السياسات وإقرار البرامج اللازمة لرفع مستوى المعيشة.. كانت هذه المبادرة من الأمير نايف موفقة، وحققت أهدافها، وها نحن نقرأ ارتفاعا ملحوظا في مستوى معيشة الإنسان السعودي من خلال زيادة متوسط دخول الأفراد السعوديين.
وما نتمناه أن تصبح قضية رفع مستوى المعيشة في المجتمع السعودي.. هدفًا استراتيجيًّا في خطط التنمية، ولا تعتبر البرامج التي نفذت.. مجرد حلول وقتية، وإذا كان على الدولة مسؤوليات تقوم بها لرفع مستوى معيشة مواطنيها، فإن على المواطن واجبات يجب أن يقوم بها لكي يحافظ على مستوى معيشة عالية، وأهم هذه الواجبات هي زيادة الإنتاجية والكفاءة والإخلاص في الأداء والعمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي