مكاسب هائلة لشركات الإنتاج الحربي في الولايات المتحدة

<p><a href="mailto:[email protected]">Ffaheem2006@yahoo.com</a></p>

نظرا للهوة الثقافية بين الشرق والغرب التي يصعب إنكارها، نلاحظ أن أولويات الشعوب تختلف هنا وهناك، بل وأسلوب تحليل عناصر القوة والضعف والأمن والخطر والتهديد والمسالمة، فعندما يبحث الشرقي في تصرفات وإمكانات وقدرات دولة ما، نجده يركز على حكامها وواضعي قراراتها قبل أن يتناول عوامل قوتها التي تتركز عادة في اقتصادها بفروعه من صناعة إلى زراعة إلى تجارة.
الولايات المتحدة ليست جورج بوش أو بيل كلينتون أو ريجان أو كارتر أو أي من رؤسائها، رغم السلطات الهائلة الموكلة لمنصب الرئيس، ولكنها مجموع المؤسسات العملاقة والشركات الضخمة والهيئات والمصانع الكبيرة التي تنتج بالمليارات وتصدر بالمليارات. وبينما يأسرنا حديث عن ضعف المتورطين الأمريكيين في العراق وتراجع بوش عن صلفه وبعده النسبي عن الضغوط على بلادنا العربية كافة لصالح قائدة زمامه إسرائيل، فإن الأجدر والأهم بنا أن نتابع عناصر القوة الحقيقية التي تجعل مواطنا متوسط الإمكانات مثل جورج بوش صاحب كلمة على العالم.
فقد لوحظ أن عام 2006 شهد نموا كبيرا لصناعات الأسلحة، خاصة ما يتعلق بالطائرات والرادار والفضاء، فشركات مثل مجموعة يونايتد تكنوكوجيز وهانيويل إنترناشونال قامت واستفاقت وحققت أرباحا كبيرة، وعلى صعيد الإنتاج الحربي نجد ازدهارا واضحا لشركة جنرال ديناميكس، فقد ارتفع الدخل الصافي لشركة يونايتد تكنولوجيز بنسبة 10 في المائة وهو ما يعني ضعف ما حققته في العام الماضي على صعيد الدخل والتشغيل، أما شركة برات ووتني pratt and whi…ey فقد تفوقت على أقرانها في مجال التشغيل، أما شركة هارتفورد لخدمات الطيران والبناء في ولاية كونيكتكت فقد بلغت أرباحها 768 مليون دولار وزادت قيمة سهمها بنسبة 76 في المائة، وارتفع عائد الشركة بنسبة 13 في المائة ليصل إلى 10.62 مليار دولار بعد أن كانت 9.41 مليار في العام الماضي.
أما مبيعات شركة برات ووتني فقد ارتفعت بنسبة 28 في المائة لتصل إلى 2.6 مليار دولار وقفز ربح التشغيل بنسبة 26 في المائة ليصل إلى 430 مليار دولار وذلك بسبب زيادة الإقبال على شراء محركات الطائرات النفاثة وقطع الغيار التي تتطلبها محركات آلاف الطائرات التي باعتها سابقا.
وتستمر الصورة فنجد شركة هاميلتون سوند ستراند التي تنتج مكونات مثل وحدات القوى المساعدة، ارتفع الدخل لديها بنسبة 13 في المائة ليصل إلى مليار و16 في المائة من المليار، وبلغ ربح التشغيل 17 في المائة، أي بما قيمته 181 مليار دولار.
أما شركة سيكورسكي للطائرات الهليكوبتر التي تعرضت لاضطرابات ومظاهرات عمالية حول نفقات الرعاية الصحية، فقد كانت الوحيدة التي لم تأكل من كعكة الأرباح، ذلك أن دخلها انخفض بنسبة 15 في المائة ليصل إلى 512 مليار دولار، وهبط ربح تشغيلها إلى ثلاثة ملايين بعد أن كان 53 مليونا.
وما زالت الشركات الأمريكية العاملة في مجال الطيران الحربي والمدني وتكنولوجيا الفضاء والمواد الخاصة وقطع الغيار تتلقى الطلبات من أنحاء العالم بمعدلات أكبر من الأعوام السابقة بلغت 22 في المائة زيادة لدى شركة هونيويل Honeywell، وقفز صافي دخل هذه الشركة إلى 436 مليون دولار، أي بزيادة 52 للسهم.
وقد تخصصت هذه الشركة في المنتجات الصناعية الأتوماتيكية وأنظمة مراقبة البيئة المطلوبة في المشاريع السكنية والتجارية.
وارتفع ربح "جنرال ديناميكس" بمعدل 11 في المائة بفضل زيادة مبيعاتها للجيش الأمريكي، خاصة المركبات والطائرات النفاثة المعروفة باسم "جلفستريم" gulfstream، إلى جانب نجاح قسم بناء السفن فيها في تحقيق النجاح والأرباح. أما مقاولو أعمال الدفاع وخدمات الجيوش وعلى رأسها "فولز تشيرش" falls church و"فيرجينيا" فقد حققت ربحا صافيا قدره 374 مليون دولار وارتفع سهمها بنسبة 92 سنتا للسهم، بعد أن كان سعره 83 سنتا في العام الماضي.
أما الطائرات المقاتلة وغيرها من وحدات الإنتاج الحربي في المجال الجوي، فقد ارتفعت أرباحها بمعدل 30 في المائة لدى "جنرال ديناميكس" إحدى أهم الشركات العاملة مع الجيش الأمريكي. لذلك فإن الحديث المتداول في واشنطن يدور حول أهم مستفيد من زيادة نفقات البنتاجون هو "جنرال ديناميكس" التي لا ترغب أن ترى نهاية التورط العسكري الأمريكي في العراق. ولا ننسى أنها المنتجة الرئيسية للدبابة "أبراهام" وناقلة الجنود "سترايكر". وهاتان المعدتان "أبراهام وسترايكر" حظيتا بتكثيف إنتاجهما بعد زيادة الخسائر الأمريكية في العراق سواء على مستوى زيادة استخدامهما ومن ثم انتهاء عمرهما الافتراضي للخدمة أو بسبب تدميرها مباشرة.
وإذا أضفنا شركات مثل بكتل وماكدونيل دوجلاس، وغيرها، وراقبنا ميزانياتها لأدركنا أن قرار الخروج من الحرب العراقية أكبر بكثير من قدرات وصلاحيات الرئيس بوش، فالرجل يقبع في البيت الأبيض من أجل رخاء شركاته ليعم الرخاء على الشعب الأمريكي ولا بأس من موت بضع مئات هنا وهناك في سبيل الشركات العملاقة ومتعددة الجنسيات والمؤسسات والمجموعات الضخمة، التي تملي مصالحها على الساسة، وتخرج للبشرية في صورة حروب مستمرة يظن السذج أنها من صنع رئيس متهور أو قرار غير مدروس.
ولعل ذلك يفسر سر إصرار الولايات المتحدة على دخول حرب العراق، حتى بعدما تأكدت بالدليل القاطع ومن عناصر لا يمكن اتهامها بممالأة صدام حسين، أن العراق خالية من أسلحة الدمار الشامل، فاللعبة لها قواعدها وشركات السلاح لها مصلحة مستمرة في إشعال الحروب مهما كانت جحيما على الشعوب الأخرى، بل وعلى مصالح أمريكية في اتجاهات أخرى. ولا يهمها حجم الكراهية أو العداء الذي تكنه معظم الشعوب لها.
طالما أن ترس الآلة العسكرية والمصلحة وربح النخبة الحاكمة في حالة دوران وإنتاج وربح, وحتى تحدث التوازنات فإن الجيش الأمريكي يكثف مشترياته من جميع الشركات العملاقة، لأنه يحصل على الأموال من الدول التي يستعمرها ويمتص خيراتها.
لذلك لم يكن غريبا أن تسجل شركة فايزر وأبوت وشيرنج أرباحا راوحت بين 21 و24 في المائة هذا العام مع أنها شركات أدوية. أما إل ج L G للإلكترونيات فقد ضاعفت أرباحها من إنتاج أجهزة التلفزيون والهاتف الخلوي، وهي شركة كورية الواجهة أمريكية الخلفية. وكذلك شركة سوني اليابانية ـ الأمريكية انطلقت على درب الأرباح عام 2006.
وبعد ذلك هل يحلم أحد بالسكينة وتوقف آلة الحرب؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي