تسليح الفضاء فلسفي أكثر من تقني (حرب النجوم 3/4)
<a href="mailto:[email protected]">Prof.awad@alasmari.com</a>
سبق أن ذكرنا في المقالين السابقين أن الولايات المتحدة ستكتشف أن المنافع العسكرية التي يمكن كسبها من قواعد أسلحة فضائية سيعرضها إلى مخاطر اقتصادية وسياسية. علماً أن قواتها ومنظمة حلف شمال الأطلسي الناتو تستخدم (حالياً) وبصورة مكثفة أنظمة ذات قواعد فضائية تعتمد على تقنية الأقمار الصناعية لكشف وتعريف وتحديد وتعقب الأهداف. كذلك ذكرنا أن استغلال الفضاء (ودون شك) قد ساعد الجيش الأمريكي على أن يكون أكبر القوى المحاربة تطوراً في العالم، لكنه في الوقت ذاته قد تكون هذه القوة هشة جداً إذا ما تعرضت أقمارها الصناعية وأنظمتها الفضائية الأخرى إلى هجوم.
فكرة وضع أسلحة في الفضاء بدأت منذ أكثر من 40 عاماً. فقد قام كل من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة بتجربة الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، وعلى الرغم من مرور عدة عقود من التطوير إلا أنه لم يتمكن أي من البلدين من نشر أسلحته في الفضاء.
تسليح الفضاء يكاد يكون فلسفياً أكثر منه تقنياً:
أثبتت الأبحاث المستفيضة أنه لا يوجد هناك نظام يستحق النشر. رغم أن معظم هذه الأنظمة تأخذ طابعاً دفاعياً، إلا أن الخط الفاصل بين أسلحة الفضاء الدفاعية والهجومية يكاد يكون فلسفياً أكثر منه تقنياً. حيث ذكر تقرير مجلة "الطيف" IEEE Spectrum أن أشعة الليزر التي يمكن إطلاقها على صاروخ العدو، يمكنها (وبسهولة) أن تستهدف قمراً صناعياً تجارياً بدلاً عن الهدف المقصود. وكذلك الحال بالنسبة إلى الأسلحة الفضائية الهجومية.
عسكرة الفضاء مقبولة ولكن تسليحه ليس كذلك
وقد أصر نقاد أسلحة الفضاء على أن تطوير ونشر أنظمة أسلحة الفضاء سيكون مكلفاً ومعقداً تقنياً لدرجة تعوق إنتاجه. ويطالب أغلبية المؤيدين لأنظمة الفضاء بأنه عوضاً عن ذلك يجب الاستفادة من الوضع الراهن عن طريق استخدام الفضاء لدعم الأنشطة العسكرية الأرضية عن طريق الاتصالات، الاستطلاعات، الإبحار، وحتى توجيه الأسلحة، ولكن عدم استخدام الفضاء في تطبيق مباشر للقوة. بمعنى آخر، عسكرة الفضاء مقبولة، ولكن تسليحه ليس كذلك.
وقد أورد التقرير أن هناك اختلافا بين المؤيدين والمعارضين من صناع القرار الأمريكي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
هل بإمكان أسلحة الفضاء التخفف من قابلية تعرض أنظمة الأقمار الصناعية والفضاء الأمريكية للمخاطر؟
هل يمكن لأسلحة الفضاء أن تكون بديلاً أفضل للقوات الأرضية؟
هل تزيد تكلفة أسلحة الفضاء على الفوائد المالية والاستراتيجية والسياسية التي يتوقع أن تجنى منها؟
هل يجب أن تكون الولايات المتحدة الأولى في هذا المجال؟
ما هو سلاح الفضاء؟
كما يعرّف عادة، هو نظام مصمم لشن قوة مدمرة بين الأرض والفضاء الخارجي أو في الفضاء الخارجي ذاته. الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، الليزر من القواعد الفضائية، منصات فضائية لإطلاق قذائف ليزر من قواعد أرضية تعتمد على مرايا تدور في الفلك لتعكس الأشعة الصادرة من الفضاء أو لتعود من الأرض. ويمكن تصنيف أسلحة الفضاء في معظم الأحوال في أربعة أقسام: أسلحة طاقة موجهة، أسلحة طاقة حركية، رؤوس حربية تقليدية من أو إلى الفضاء، والأقمار الصناعية الميكروية. وتستخدم أسلحة الطاقة الموجهة شعاعاً من الطاقة الكهرومغناطيسية – سواء أكان ضوء ليزر أو موجات راديوية عالية - تقوم بتدمير الهدف. في حال الليزر، يسخن الشعاع الهدف حتى يذوب أو تشتعل فيه النيران. بينما سلاح الموجات الراديوية يحفز الدوائر الكهربائية في الهدف حتى تتعطل تماماً.
كانت أكثر بحوث أسلحة الطاقة في مجال أسلحة طاقة الليزر الموجهة ذات القاعدة الفضائية والمعروفة بـ (إس بي إل) وهو نظام يدور في الفلك ويستخدم أشعة ليزر قوية جداً مع مرايا كبيرة تستخدم لتركيز الطاقة على هدف محدد على الأرض، فينتج مستويات من الحرارة المدمرة أو الكافية لإلحاق الضرر الكبير بالهدف. وقد ذكر التقرير أن البنتاغون أنفق خلال العقد الماضي ما يقارب 750 مليون دولار على أبحاث الليزر من قاعدة فضائية (إس بي إل)، كانت قد مُولت أساساً من سلاح الجو ومنظمة الصواريخ الباليستية الدفاعية التي تعرف الآن باسم وكالة الدفاع الصاروخية.
تولد أسلحة الطاقة الموجهة طاقتها بسرعة الضوء لذا يبدأ تأثيرها من دون أي تأخير. لكن من أجل تحقيق النتائج المرغوبة يجب أن يبقى الشعاع موجهاً إلى الهدف لبعض الوقت. على سبيل المثال: لمهاجمة صاروخ باليستي على مدى 3 آلاف كيلومتر، تتمكن ليزر 3-إم دبليو من قاعدة فضائية ذات مرآة قطرها ثلاثة أمتار لمحطة ألف كيلو متر فوق سطح الأرض، في مدار أرضي منخفض، في خلال ساعتين و13 دقيقة من التركيز كي تحرق غطاء الصاروخ. بينما تستغرق 30 إم دبليو ليزر مع مرآة عرض عشرة أمتار في المدار ذاته وعلى المدى ذاته ما يعادل 80 ثانية, الأمر الذي يعتبر معقولاً أكثر. الرحلة الكاملة لصاروخ باليستي عابر للقارات من انطلاقه حتى وصوله قد تستغرق نحو 45 دقيقة فقط. وهذا يناسب كثيراً الأهداف التي يلعب عامل الزمن في تفجيرها أهمية أو تلك التي في المواقع البعيدة أو التي لا يمكن القوات التقليدية من الوصول إليها. لكن حتى إذا كان موقع الهدف معروفاً بدقة فإن أشعة الليزر تكون عديمة الفائدة إذا ما اعترضتها الغيوم أو الدخان.