تأملات في ندوة توطين الوظائف في الخليج

<a href="mailto:[email protected]">jasim.husain@gmail.com</a>

تميزت ندوة "توطين الوظائف ومكافحة البطالة في دول مجلس التعاون" والتي استضافتها العاصمة البحرينية المنامة مطلع الأسبوع الماضي بالصراحة فيما يخص معالجة قضية في غاية الخطورة. المسألة مرتبطة بضرورة التأكد من أن رعايا دول مجلس التعاون الخليجي ينالون حقهم الطبيعي من الوظائف وخصوصا الجديدة منها.
وقد أطلقت في الندوة جرس الإنذار بعد الكشف عن الحاجة إلى إيجاد سبعة ملايين وظيفة جديدة لمواطني دول المجلس في غضون السنوات العشر المقبلة. والأخطر من ذلك كشف النقاب عن ارتفاع البطالة بنسبة 3 في المائة سنويا في بعض دول الأعضاء.

الاستفادة من الطفرة النفطية
وكان لافتا ما قاله الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي بخصوص توظيف الطفرة النفطية الجديدة لمصلحة المواطنين. فقد شدد الوزير على أن العمالة الوافدة هي التي استفادت بشكل نوعي من الأنشطة الاقتصادية التي رافقت الطفرة النفطية التي حدثت في السبعينيات من القرن الماضي. فقد عمدت دول المنطقة على توظيف أموالها في مجالات البنية التحتية الأمر الذي استوجب جلب عمالة أجنبية غير مهرة وذات تكلفة متدنية لكنها على استعداد للعمل في أي مجال. بمعنى آخر, أغفلت دول المنطقة الاستثمار فيما يخص تدريب و تأهيل المواطنين. وقد أكدت توصيات المؤتمر ضرورة حصول المواطنين على الفوائد التي يستحقونها من الوفرة النفطية.
وشدد أكثر من متداخل على أهمية توظيف الطفرة في مجال تأهيل المواطنين بواسطة التعليم والتدريب حتى يكونوا على أتم الاستعداد لمواجهة ضغوط العمل في عالم سريع التغيير. وتم التأكيد على أن الهدف النهائي للتنمية الاقتصادية يجب أن يكون التنمية البشرية. ولا شك أن هذا الكلام جميل وصائب وبقي تطبيق ما اتفق عليه بهذا الشأن.

نهاية الحرب الباردة
من جهته, كشف وزير العمل بالمملكة العربية السعودية على ما أسماه بنهاية (الحرب الباردة) بين القطاعين العام والخاص في دول المجلس حول مسألة توظيف المواطنين. وشدد الدكتور القصيبي على أن الطرفين يدركان أهمية التعاون للقضاء على تحدي البطالة, لأن ذلك ينصب في مصلحة الطرفين في نهاية المطاف. وعليه ليس من الصواب أن يتم تحميل الطرف الآخر المسؤولية كاملة.
وفهم من كلام الوزير القصيبي أن التعاون سيكون الصفة المميزة بين القطاعين العام والخاص في الفترة المقبلة وذلك على خلفية انتهاء الحرب الباردة بين الطرفين والتي استمرت لفترة غير قصيرة. هذا الكلام أثلج صدور المهتمين لقضية البطالة في المنطقة لسبب جوهري وهو أن البطالة وخصوصا في أوساط الشباب عبارة عن قنبلة موقوتة.

المواطنة الخليجية
على صعيد آخر, شدد البيان الختامي على تفعيل مبدأ المواطنة الخليجية فيما يخص تنقل العمالة الوطنية بين دول المجلس. يبقى من المتوقع حدوث ذلك بشكل جماعي بعد تنفيذ مشروع السوق المشتركة بين دول المجلس في نهاية عام 2007. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء. يبقى أن بعض الدول الأعضاء ارتأت تطبيق مبدأ المواطنة الخليجية وعلى الأساس وافقت كل من: الإمارات، وقطر السماح لمواطني سلطنة عمان بالعمل في بلديهما ومعاملتهم معاملة المواطنين. كما من المأمول أن يتم فتح مكتب في الدوحة في وقت لاحق من العام الجاري خاص بتسهيل عمل البحرينيين في قطر.

تطوير المناهج الدراسية
كما تم التأكيد في أثناء المداولات وفي البيات الختامي على الحاجة الماسية إلى تطوير المناهج الدراسية وجعلها تتواكب مع متطلبات سوق العمل. فقد أشار البيان الختامي إلى أهمية التلازم بين إصلاح التعليم وإصلاح سوق العمل وذلك منة خلال "إعادة النظر في مناهج التعليم لكي تتلاءم مخرجات التعليم مع احتياجات التنمية". وكان الدكتور مجيد العلوي وزير العمل البحريني وراعي المؤتمر قد أشار إلى طلبه من جامعة البحرين بإلغاء بعض التخصصات لأنها لا تتواكب وطبيعة التغييرات الحاصلة في سوق العمل. حقيقة ما ذكر في المؤتمر يتماشى مع الأقوال الأخرى المطالبة بتطوير مناهج التعليم حتى يمتلك الخريجون القدرات التي تساعدهم للحصول على وظائف من دون عسر وبالتالي تضمن لهم سبل العيش الكريم.

العمل الحر
إضافة إلى ذلك, أكد المشاركون ومن ثم البيان الختامي على تشجيع رعايا دول المجلس على ممارسة العمل الحر بدل محاولة الحصول على وظائف في القطاع العام. كما أن المواطن الذي يقوم بممارسة العمل الحر يسهم بدوره في إيجاد وظائف للمواطنين الآخرين. وتعتبر هذه المسألة ضرورية وذلك في ضوء سياسات التحرر الاقتصادي في دول المنطقة والرامية إلى تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد لصالح مؤسسات القطاع الخاص. ويلاحظ ذلك من خلال عمليات تخصيص بعض الأنشطة وتحويل جانب من موجودات القطاع العام لعهدة المستثمرين. وعلى هذا الأساس تعتبر الظروف أكثر مناسبة لدخول المزيد من المواطنين معترك العمل الحر.
ختاما, حسب الأحاديث الشريفة فإن "تسعة أعشار الرزق في التجارة" و أن من "أجر نفسه فقد حرم على نفسه الرزق".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي