مشكلتنا أننا لا نفهم

<a href="mailto:[email protected]">imbadawood@yahoo.com</a>

كالعادة ما إن يصدر تصريح من جهة رسمية يتضمن أقوالا تسيء إلى الدين الإسلامي أو إلى نبي إلا ويعقبه تأكيد بأنه قد أسيء فهم هذه التصريحات ويأسف أصحاب هذه التصريحات على أن إساءة الفهم هذه نتج عنها إساءة إلى مشاعر المسلمين، والغريب أنه عادة ما يوجه اللوم على أسلوب وعقلية الذين استمعوا إلى التصريحات والتأكيد بأن لديهم خلل في تفسير الأشياء وتأويلها! وهذا ما قاله وزير خارجية الفاتيكان الجديد برتوني "إن البابا يأسف بشدة لكون بعض مقاطع خطابه بدت مهينة لمشاعر المؤمنين المسلمين وفسرت بطريقة لا تتوافق إطلاقاً ونواياه".
تتكرر هذه التصرفات عدة مرات فتارة يصرح رئيس القوى العظمى بأنها حرب صليبية وتارة تبدو من خلال مسابقة كاريكاتورية لرسومات تسيء إلى أعظم الأنبياء وسيد الخلق، وأخيراً يأتي البابا ليسيء إلى الدين الإسلامي ويصفه بأوصاف خاطئة ويستشهد بأقوال كاذبة عن رسوله الكريم من القرون الوسطى، وبعد ذلك يقال إننا قد أسأنا فهم هذه الأقوال!، هل يعقل هذا؟ أكثر من مليار شخص أساءؤا فهم هذه الأقوال ولم يستوعبوها جيداً، وبالتالي يجب علينا إعادة النظر في مستوى إدراكنا وفهمنا للنصوص التي نسمعها وأن نعمل دائماً على إحسان الظن والشك في قدراتنا إذا سمعنا شيئاً لا يرتقي إليه مستوى استيعابنا.
إنها الغطرسة الغربية تتواصل وتمعن في كبرها وحقدها على الإسلام والمسلمين، فمن المستحيل أن تجد أحد هؤلاء يتهم نفسه بالتقصير أو الخطأ ثم يقدم اعتذارا واضحاً صريحاً بيناً للمسلمين، لأن المسلمين في نظره لا يستحقون ذلك فهم غثاء لا قيمة لهم، وهو يرى أنهم متطرفون يجب ألا يكون لهم وجود على أي خريطة سواء كانت جغرافية أو سياسية أو دينية، كيف لا وهم مصدر الإرهاب في العالم.
إن المضحك المؤلم في تصريحات البابا بأنه لا يتهمنا فقط بأننا لا نفهم، بل ويستغفلنا أيضاً ويعتقد أننا سذج، فيتأسف على عدم فهمنا ليوهمنا بأنه اعتذار ثم يستغفلنا كمسلمين مؤكداً من خلال التصريح بأن "الاقتباس الذي تم استخدامه من نص من العصور الوسطى عن الجهاد في الإسلام، والذي ربط بين انتشار الإسلام واستخدام العنف، لا يعبر عن أفكاره الشخصية" كيف يمكن أن يستشهد شخص بقول في معرض حديثه يخالف فكره ولا يؤيده.
لم تصدر التصريحات من جاهل أو طالب مبتدئ أو معتوه، بل صدرت من رمز من رموز المسيحية تم اختياره أخيرا من بين آلاف المرشحين لهذا المنصب، ومن رجل يستمع له مئات الملايين حول العالم فكان يفترض فيه أن يكون على علم ودراية بحقائق الإسلام، ولكن يأبى الله إلا أن يخرج ما تكن صدورهم على فلتات ألسنتهم.

إن هذا العدوان الذي أطلقه البابا على الإسلام لا يمكن أن يكون زلة لسان أو خطأ غير مقصود، فقد كانت كلمة مكتوبة في محاضرة داخل جامعة علمية، في الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر التي غيرت مجرى التاريخ وانطلقت من خلالها الحرب على الإرهاب الذي استبسل المتطرفون في الغرب بربطه بالإسلام، وقد كان أولى بالبابا وهو يتحدث عن الإسلام أن يرجع للكتاب والسنة ليستشهد بها بدلاً من أن يستشهد بقول إمبراطور حاقد.
لم يتجرأ علينا هؤلاء وأمثالهم أو أذنابهم إلا لضعف المسلمين وهوانهم وسيواصل هؤلاء وغيرهم من الأعداء التطاول والانتقاص من المسلمين ما دام المسلمون مستمرين في فرقتهم وشقاقهم، ومتى ما اجتمعوا مع بعضهم ووحدوا كلمتهم وعملوا في صف واحد كالبنيان يشد بعضه بعضاً، عندها سيفكر أعداؤنا ألف مرة قبل أن ينطقوا حرفاً واحداً ضدنا فضلاً عن أن يلقوا محاضرات تسيء إلينا أو رسومات تنتقص من نبينا.
إن اجتماع المسلمين في مظاهر التنديد مظهر إيجابي يجب أن تواليها اجتماعات أخرى في أمور تسهم في رفعتنا وعزتنا وأن نثبت من خلال هذه المظاهر قوة هذا الدين ونؤكد على سماحته وعالميته، وألا نجعل من مثل هذه الأقوال فرصة لبعض المتحمسين من المسلمين أن يتصرفوا تصرفات خاطئة يسيئوا للإسلام من خلالها ويتيحوا الفرصة لأعداء الإسلام لاستغلال هذه التصرفات ضدنا وإثباتها شاهداً على كذبهم وافتراءاتهم.

دورنا اليوم كبير ويركز على ضرورة أن يكون لدينا وعي بأعدائنا وفهم لتصرفاتهم وضبط في مظاهر غضبنا وتسخير لطاقاتنا وإمكانياتنا لمواجهتهم وتطوير لقدراتنا ومهاراتنا لننافسهم ونتفوق عليهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي