الفتنة
<a href="mailto:[email protected]">almaeena@arabnews.com</a>
ولا يزال الاعتداء الإسرائيلي الآثم مستمراً في لبنان وغزة وسط صمت عربي وعالمي محير. ويبدو أن الإمداد العسكري الأمريكي المجاني قد فتح شهية الصهاينة المجرمين للمزيد من الدماء العربية الزكية في وقت يأمل فيه الكثيرون في الغرب بانتصار إسرائيلي سريع.
وفي موازاة ذلك تجري حملة من إخفاء الحقائق وزرع الشقاق وسط أبناء الأمة العربية. ورغم أنني لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة إلاّ أنني متيقن من أن بعض وسائل الإعلام الغربية تتعمد تشويه الصورة وإعطاءنا معلومات مغلوطة ومضللة .
وعندما بدأ الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، قال لي صحافي أمريكي إنه متأكد من أننا لا نهتم كثيراً بأمر هذه الحرب لأنها ضد حزب الله الشيعي. وقد رفضت ما ذهب إليه وقلت له إنه لا يوجد عربي حقيقي واحد يمكن أن يساند الإسرائيليين القتلة .وأضفت إننا لا نناصرهم لأنهم لبنانيون وعرب لكن لأنهم يتعرضون لاعتداءات سافرة .
وتمادى الأمريكي في حديثه وقال إن حكومتكم قد أصدرت بياناً ضد حزب الله، فأفهمته أن هذا ليس صحيحاً.
وأضفت إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد كان واضحاً في تصريحاته منذ عدة أيام عندما تحدث عن المخاطر التي يمكن أن تلحق بالمنطقة إذا تصاعدت هذه الحرب. وبالفعل أدانت السعودية الفظائع الإسرائيلية ضد النساء والأطفال. وقد تبرعت المملكة العربية السعودية بمبلغ 1.5 بليون دولار أمريكي، كما أن المواطنين السعوديين قد تبرعوا بمبلغ 109 ملايين ريال سعودي ضمن حملة تلفزيونية لجمع التبرعات الأربعاء الماضي.
وفي خضم المتابعات الإعلامية لمجريات الأحداث، فإن بعض الناس يشعرون بالإثارة دون أي داع خاصة وأن هناك بعض المتحدثين الذين تنقصهم المعرفة والتأهيل يدلون ببيانات يصدقها العامة وهي غير حقيقية. وهنا يجب علينا أن نتحصن ضد مثل هذه الفتنة .
إن تعبير المسلمين السنة والمسلمين الشيعة ظهر لأول مرة في الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية أوائل عام 1980م أي بعد مجيء ثورة الإمام الخميني .
وزاد استخدام هذا التعبير خلال الحرب العراقية - الإيرانية التي راح ضحيتها أكثر من مليون شخص بدون أي داع وكان المستفيد الأكبر من هذه الحرب هي الدول الغربية التي استفادت من بيع السلاح للطرفين .
ومن أجل زرع الفتنة والتناحر بين المسلمين، واصلت وسائل الإعلام الغربية الحديث عن المسلمين السنة والمسلمين الشيعة وكأنهم ليسوا أهل قبلة واحدة .
وقد فعلت وسائل الإعلام الشيء نفسه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) في أمريكا عندما ركزت على الخوف على المسلمين في العالم من خطر الوهابية !!!
وقال لي صديق باكستاني يعيش في أمريكا إن أحد أصدقائه الأمريكيين سأله إن كان هو مسلم وهابي أو مسلم عادي فأجابه بأنه لا يعرف مثل هذه التفرقة وهو فقط مسلم وهذا يكفي .
ويستمر زرع الفتنة بين المسلمين بالحديث عن السنة، والشيعة والوهابية، والصوفية وغيرها من ملل ونحل. وللأسف الشديد فنحن كمسلمين متفرقون ومنقسمون والعرب كذلك متفرقون وضعفاء، ويائسون وهذا ما تستغله وسائل الإعلام الغربية التي تحرص على زيادة الفرقة والتناحر وتأصيل الفتنة بينهم .
ويتساءل الكثيرون لماذا لا يتم فضح خطة بوش – بلير – أولمرت الرامية إلى تقسيم العرب وزرع الفتنة بينهم عن طريق مشروع الشرق الأوسط الجديد،؟
ولماذا هذا الصمت في الدول العربية؟ لماذا لا يهاجم الكتاب العرب المخططين والمنفذين لهذه الجرائم والفتنة وعوضاً عن ذلك تجد الكتاب العرب ينظرون حول ما كان يجب أن يعمل وما لا يجب أن يعمل .
وعلى العرب أن يدركوا حقيقة ساطعة وهي أن الاعتداء الإسرائيلي على لبنان خطط له منذ وقت طويل .
إن إسرائيل لا تعرف حدوداً ولن تفعل ذلك لأنها دولة توسعية. وإسرائيل تعرف الضعف العربي، لهذا فهي تنفذ خطة ناتنياهو الرامية إلى السيطرة على الدول العربية الواحدة تلو الأخرى بشكل منفرد لأن الدول العربية لن تحارب كمجموعة أبدا .
ونصيحتي للذين ينتقدون الأوضاع الحالية هي أن يقرأ ما يكتبه الكتاب الأمريكيون والإسرائيليون عن الشرق الأوسط الجديد الذين لن يكون الناس فيه متساوين بل سادة وعبيد والخيار لنا .أدعو الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الفتن والحروب.