Author

مهلة لمواصلة القتل والإبادة

|
<a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a> طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت، من وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، إعطاء الجيش الإسرائيلي مهلة تراوح بين 10 و14 يوما حتى يستطيع أداء مهمته، قبل الاتفاق على وقف لإطلاق النار. مهمة الجيش الإسرائيلي المزمع تنفيذها تتلخص في قتل الأبرياء من الأطفال، النساء، العجزة وذوي الاحتياجات الخاصة. الوزيرة رايس لم ترفض الطلب الإسرائيلي، فهي أضعف من أن تفعل ذلك، وهي أكدت أن اتفاق وقف إطلاق النار " يجب أن يضمن استمرار وقف النار لسنين طويلة ويضمن ألا يستأنف القصف الصاروخي على إسرائيل "، ولنا أن نتصور الوقت الذي يحتاجه إنجاز مثل هذا الاتفاق العسير. ربما نفاجأ بمهلة إضافية قد تتجاوز شهرين أو أكثر. بقي أن أقول إن طلب مهلة القتل الإسرائيلي جاءت بعد مجزرة قانا التي خلفت أكثر من 60 قتيلا من الأطفال والنساء والشيوخ، وهي المجزرة التي يفترض أن تتخذ الإدارة الأمريكية حيالها قرارات حاسمة تمنع بموجبها الإسرائيليين من مواصلة استراتيجية القتل واستهداف الأبرياء، إلا أن الإدارة الأمريكية الحالية أضعف من أن تتخذ قرارا واحدا ضد إسرائيل. الإسرائيليون أعلنوا صراحة عزمهم الاستمرار في الحرب على لسان رئيس الوزراء، أيهود أولمرت، حتى يتمكنوا من القضاء على (الإرهاب) الذي يهدد بقاءهم، كما يزعم الرئيس الإسرائيلي. ربما هو يتحدث عن نوع جديد من الإرهاب الإسرائيلي الذي يهدد بقاء النساء والأطفال وليس العكس!. الحقيقة أنهم يبحثون عن طريقة مناسبة لإطالة أمد الحرب وكسب أيام أخرى تعينهم على تدمير ما تبقى من لبنان، وإحداث أفدح الخسائر البشرية لإشباع رغباتهم الشاذة في القتل من جهة، وللضغط على الشعب والحكومة اللبنانية من جهة أخرى. الإسرائيليون بدأوا يتقمصون دور النازيين الألمان، وبذلك فهم يشنون حرب إبادة لا هوادة فيها على لبنان واللبنانيين، ولا يترددون في استخدام الأسلحة المحرمة دوليا. يمارسون القتل الجماعي بشتى أنواعه بدماء باردة، وبقلوب متعطشة لرائحة الدماء. هكذا فعل النازيون بهم، كما يدعون، وهاهم يعيدون تطبيق الجرائم النازية بأيديهم القذرة على اللبنانيين العزل في مجزرة قانا الثانية، التي لم تكن خطأ استخباراتيا، أو ردا على إطلاق صواريخ الكاتيوشا كما يزعمون، بقدر ما كانت جزءا من مخطط الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي العربية. لم تكن مجزرة قانا شذوذا للقاعدة الإسرائيلية، بل هي القاعدة النازية نفسها التي أسس عليها كيان (الدولة الإسرائيلية)، قاعدة القتل والترويع والدمار، بدأ من مجزرة "مسجد صلحا" التي ارتكبت عام 1948 وهي المجزرة التي نجم عنها قتل المصلين الآمنين العزل بأسلحة الإسرائيليين الغادرة؛ ثم مجزرة " حولا " التي راح ضحيتها أكثر من 90 لبنانيا، ثم مجزرة حانين التي استخدمت فيها الفؤوس لقتل اللبنانيين العزل. ومن مجازرهم البشعة مجزرة العباسية عام 1978 عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مسجد القرية ودمرته على من فيه من اللاجئين اللبنانيين الذين ناهز عددهم 112 لبنانيا غالبيتهم من الشيوخ والنساء والأطفال، ومجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 التي راح ضحيتها 800 من اللاجئين الفلسطينيين، وأعداد من اللبنانيين، ومجزرة قانا الأولى التي ارتكبت عام 1996 واستخدمت فيها القوات الإسرائيلية صواريخ محرمة دوليا، ونتج عنها مقتل 105 من المواطنين اللبنانيين ومن بينهم أطفال ونساء. إضافة إلى الكثير من المجازر الأخرى التي تثبت أن (الدولة الإسرائيلية) إنما تقوم على مبدأ القتل والدمار، بأسلوب نازي، يظهر مدى الحقد الدفين الذي تكنه قلوبهم تجاه العرب والمسلمين. إذا فنحن لم نخطئ عندما ربطنا بين النازيين الألمان بقيادة هتلر، والنازيين الجدد وهم الإسرائيليون وكل من يؤيدهم على قتل النساء والأطفال من أعضاء الكونجرس، والحكومة الأمريكية. هؤلاء يمثلون الصورة البشعة للمدنية وحضارة القرن الحادي والعشرين. هم أعداء الإنسانية ورأس الفتنة، ومشعلو الحروب في جميع مناطق العالم، خصوصا العالم الإسلامي. لم يعد الإسرائيليون يحسبون حسابا للعالم أجمع، بما فيه مجلس الأمن، بعد أن سيطروا على الإدارة الأمريكية الحالية، وعلى الكونجرس الأمريكي الذي يمكن تسميته تجاوزا الكونجرس الإسرائيلي الذي يسعى لتقديم المصالح الإسرائيلية على مصالح الأمريكيين نفسها. أما الإدارة الأمريكية فهي أيضا لم تعد تعير اهتماما للمجتمع الدولي لذا فهي تتصرف بأسلوب العصابات لا بأسلوب الدول المتحضرة، ولعلها تتبنى بذلك توصية أحد أعضاء حزب المحافظين الجدد (النازيون الجدد) الذي يؤمن بأن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت القوة العظمى الوحيدة في العالم، لذا عليها أن تتصرف دون خجل من المجتمع الدولي. وهي بدأت بالفعل تتصرف دون خجل منذ تولي الرئيس بوش رئاستها بدعم من اليهود الأمريكيين، و(النازيين الجدد). هل هناك قوة يمكن لها أن تقف في وجه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؟. نعم. إنها قوة الله سبحانه وتعالى. القوة التي انتقمت من قوم عاد، وفرعون، وثمود على ما أعطاهم الله من قوة وتحضر وقيادة للعالم أجمع، فكفروا بنعمة الله، وطغوا فدمرهم الله تدميرا. ولعل الله يمد لهؤلاء الطغاة المتجبرين فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وما ذاك على الله بعزيز. " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ". وحتى يأتي أمر الله بالنصر، وهو قريب على المؤمنين، فلا بد من العمل، ولا أظن أن العرب في موقف يساعدهم على اتخاذ قرار الردع العسكري، ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه، لذا لا بد من العمل الجاد على إحياء المطالب الدبلوماسية العادلة، وطرحها بأفكار خلاقة وشحذ الهمم من أجل الحصول على تأييد الدول الحليفة والصديقة للبنان والعرب وفي مقدمتها فرنسا والصين وروسيا، والاستعانة بالعرب الأوروبيين والأمريكان، خصوصا أولئك الذين يشغلون المناصب الرسمية الحساسة في البرلمانات والحكومات من أجل دعم القضية العربية وتشكيل قوة ضغط من داخل الأنظمة الأوروبية والأمريكية لخدمة القضية اللبنانية والقضايا العربية الأخرى. والعمل من أجل لم الصف العربي والإسلامي، والبعد عن لغة التخوين والتفرقة التي بدأت تروج لها بعض المحطات الفضائية المشبوهة التي أعتقد أنها أصبحت أحد أسباب التفكك العربي، وتباعدهم عن بعضهم بعضا، وسببا لتفشي الأحقاد وغرس الضغينة بين الشعوب العربية، وتأجيج المشاعر العدائية، والجرأة على الحكام وهذا ما يصب في مصلحة العدو الإسرائيلي الذي خيل لي أنه القائد الحقيقي لتلك القنوات المشبوهة، والآمر العسكري لبعض الشخصيات العربية الفاعلة فيها، ومن ضمنهم برلمانيون ووزراء. أخيرا، أرجو ألا تذهب مجزرة قانا، وأرواح الشهداء دون انتقام، والانتقام القانوني، الإعلامي, والدبلوماسي هو أقوى وأبقى من الانتقام العسكري الذي لا يبدو أن هناك بارقة أمل لتنفيذه. يجب أن ترفع قضايا جرائم حرب ضد الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية بالتضامن لتسببهما في هذه المجزرة المروعة. وأتمنى أن تحفظ جميع الصور الفوتوغرافية والأفلام التي تظهر بشاعة المجزرة، وتتحدث عن جرائم العدو الصهيوني على أرض الواقع، وأن يعاد ترتيبها في فيلم خاص عن "مجزرة قانا الثانية " بطريقة احترافية ثم يتم إرساله إلى جميع أعضاء البرلمانات الأوروبية والأمريكية والصحف ووكالات الأنباء ومحطات التلفزة الأجنبية، وأن يشرع في عمل معارض دائمة في عواصم العالم لضحايا الجرائم الإسرائيلية، وأن تستخدم الرسائل الإلكترونية العامة لفضح الممارسات الإجرامية الإسرائيلية بأسلوب إعلامي متحضر يعتمد على الصورة والمعلومة، بعيدا عن التشنجات. فلعلنا نحرز بعض النجاح الذي قد يغطي على الجزء اليسير من فشلنا الدائم في مواجهة آلة الحرب النازية. قد لا تنجح قضايا جرائم الحرب في وقتنا الحالي، لكنها قطعا ستجد مستقبلا، من يتبناها بضمير حي يعيد للشهداء بعض حقوقهم المسلوبة.
إنشرها