الأعذار الطارئة

<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>

الصلاة ووقتها يدركان بالركعة ومن أدرك قدر ركعة من وقت الصلاة ثم طرأ عليه مانع حال دون أداء الصلاة في وقتها، كمن دخل عليه وقت الظهر ثم بعد دقائق أصيب بالجنون أو حاضت المرأة، وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بالأعذار الطارئة. ولا تتصور الأعذار الطارئة إلا في ثلاثة أمور الجنون والإغماء والحيض ومنه النفاس، وقد سبق الحديث عن حكم قضاء الصلاة على المغمى عليه إذا أفاق، ولا يمكن طريان غيرها من الأعذار، فالصبا يستحيل طرؤه على البالغ والكفر مسقط للإعادة لأنه ردة وقد اختلف الفقهاء في سقوط الصلاة بالعذر الطارئ كالجنون والحيض على خمسة أقوال والأظهر والله أعلم أن من أدرك قدر ركعة من الصلاة ثم طرأ عليه العذر، فلا تسقط عنه الصلاة بل يجب عليه قضاؤها إذا زال عذره وإن أدرك أقل من ذلك سقطت الصلاة لأنه قد ثبت بالسنة أن إدراك الصلاة يتحقق بركعة والمدرك للشيء تتعلق ذمته به فإذا زال المانع وجب عليه قضاؤه.
وإذا استغرق الجنون جميع وقت الصلاة ثم أفاق فلا يؤمر بقضاء الصلاة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم وعن المجنون حتى يفيق" فإذا كان المجنون غير مكلف حال جنونه ولا تجب عليه الصلاة أداء وهو في هذه الحالة فكذا لا يجب عليه قضاؤها إذا أفاق ولأن مدة الجنون تطول غالبا، والجنون مرض يستحق صاحبه التخفيف لا التغليظ، والجنون إذا استغرق جميع الوقت فهو مانع من الوجوب فلا يتوجه إليه خطاب التكليف بالصلاة كالحائض التي استغرق حيضها جميع الوقت.
من جهل وقت الصلاة فلا يدري أدخل وقتها أم لا ولم يتمكن من معرفة دلائل الوقت كالزوال والغروب لعمى أو لجهل ولا يجد من يخبره كأذان أو ثقة فلا يصل قبل غلبة ظنه بدخول وقت الصلاة لأن الأصل عدم دخوله فإن صلى مع الشك، فعليه الإعادة إجماعا وتتحقق غلبة الظن بالاجتهاد وهو بذل الوسع في طلب معرفة دخول الوقت. وكان الصحابة يبنون أمر الفطر على غلبة الظن، ويستحب له التأخير حتى يتيقن من دخول الوقت ويزول الشك أو يخبره ثقة متيقن بخبره كأن يقول رأيت الفجر طالعا أو الشفق غائبا وإن أخبره بظن كأن يقول أظن الفجر طلع ونحو ذلك فلا يعمل بخبره لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه وتحصيل مثل ظنه فإن لم يستطع الاجتهاد كالأعمى عمل باجتهاد غيره ويعمل بأذان ثقة عارف بأوقات الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "المؤذن مؤتمن"، ولأن الأذان شرع للإعلام عن دخول وقت الصلاة ولم يزل الناس يعملون به فيجتمعون للصلاة في مساجدهم وعلى فطرهم وعلى سحورهم فإذا سمعوا الأذان قاموا للصلاة وأفطروا وأمسكوا عن الطعام، إن أحرم بالصلاة بناء على اجتهاد بدخول وقت الصلاة بأن غلب على ظنه دخول الوقت فبان أنه أحرم بالصلاة قبل دخول وقتها فصلاته نفل لأنه أدى الصلاة قبل وجوبها ولا تجب إلا بدخول وقتها لذا وجبت عليه إعادة الصلاة وإن لم يتبين له فصلاته صحيحة لأن الأصل براءة ذمته وصحة ما توصل إليه باجتهاده، وإلى الملتقى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي