هل وصل الاقتصاد السعودي إلى أقصى طاقته الاستيعابية؟
<a href="mailto:[email protected]">a@aalhajji.com</a>
هل يمكن تفسير تطورات الأشهر الأخيرة في الاقتصاد السعودي بوصوله إلى أقصى طاقته الاستيعابية على المدى القصير؟ إذا كان الأمر كذلك، هل تسهم المشاريع الجديدة في توسيع الاقتصاد؟
تشير البيانات التاريخية إلى أن هناك علاقة طردية بين أسعارالنفط ومعدلات النمو في السعودية، التي تشبه إلى حد ما العلاقة بين أسعار النفط ومعدلات النمو الاقتصادي في الدول النامية المنتجة للنفط. هذه العلاقة يوضحها الشكل البياني المرفق الذي يبين اتجاهات أسعار النفط الجارية والحقيقية ومعدلات النمو الاقتصادي في السعودية منذ عام 1970.
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/r1.gif" width="499" height="300" align="center">
بشكل عام، ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي مع ارتفاع أسعار النفط وانخفضت مع انخفاض أسعار النفط كما توضح الأسهم في الشكل البياني. ولكن الشكل البياني يوضح أيضا أربعة حقائق مهمة، الأولى أن العلاقة بين النمو الاقتصادي الحقيقي وأسعار النفط الجارية أقوى من العلاقة بين النمو الحقيقي وأسعار النفط الحقيقية، الأمر الذي يعكس استجابة السياسات الحكومية لأسعار النفط الجارية. الثانية أن العلاقة بين أسعار النفط والنمو الاقتصادي لم تتحقق في كل السنوات. الثالثة أن نسب التغير في النمو الاقتصادي مقارنة بأسعار النفط ليست ثابتة، فعلى سبيل المثال، رغم أن ارتفاع الأسعار في كل من عامي 1987 و1996 كان متماثلاً، إلا أن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في عام 1996 كان أقل من ارتفاعها في عام 1987. الرابعة أن هناك محدودية لهذه العلاقة، خاصة على المدى القصير. فعلى سبيل المثال، لم يؤد استمرار سعر سلة أوبك بالارتفاع فوق 50 دولارا للبرميل إلى استمرار زيادة معدلات النمو الاقتصادي كما كانت عليه قبل وصول الأسعار إلى 50 دولارا. الأمر نفسه حصل في عامي 1979 و1980.
هذه النتائج منطقية تماماً وتتلاءم مع النظرية الاقتصادية لأن هناك عوامل عدة تحدد معدلات النمو الاقتصادي أحدها المصدر الأساس للدخل، النفط. من هنا نستطيع الوصول إلى نتيجة مهمة وهي أن تغير أسعار النفط يغير معدلات النمو الاقتصادي ضمن شروط معينة وضمن نطاق معين، لذلك لن تكون هناك علاقة بين أسعار النفط والنمو الاقتصادي عندما ترتفع الأسعار فوق حد معين أو تنخفض دون سعر معين. الحدان الأعلى والأدنى في هذه الحالة ليسا ثابتين بل يتغيران من فترة لأخرى حسب العوامل الاقتصادية والسياسية، وحتى النفسية، المؤثرة على الاقتصاد.
ارتفاع أسعار النفط سيرفع معدلات النمو إلى أن يصل الاقتصاد إلى أقصى طاقته الاستيعابية على المدى القصير. أي زيادة في أسعار النفط بعد ذلك لن تؤثر على الاقتصاد، لذلك فإن الحكومة والمستثمرين يقومون بتحويل هذه الأموال الإضافية للاستثمار في الدول الأخرى. من الواضح الآن أن الحد الأعلى الذي تنفصل فيه العلاقة بين أسعار النفط والنمو الاقتصادي هو نحو 50 دولارا لسلة أوبك. أما إذا استمرت أسعار النفط في الانخفاض فإنها ستصل إلى مستوى يجبر الحكومة على استخدام الفائض أو على الاقتراض، الأمر الذي يفصل العلاقة بين أسعار النفط والاقتصاد مؤقتاً. تشير البيانات التاريخية إلى أن هذا الحد كان بحدود 14 دولارا للبرميل في عام 1998.
إن ما رأيناه في الاقتصاد السعودي وأغلب الاقتصادات الخليجية في الأشهر الأخيرة هو الحالة الأولى حيث ارتفعت أسعار النفط إلى مستويات لم يستطع الاقتصاد السعودي تحمل إيراداتها على المدى القصير، الأمر الذي أسهم في ارتفاع معدلات التضخم، وربما كان أحد مسببات انهيار سوق الأسهم. ما الدليل؟ العلاقة بين أسعار النفط ومعدلات النمو الاقتصادي في السعودية تشير إلى أن معدلات النمو الاقتصادي يجب أن تكون أعلى من 8 في المائة، ولكنها في الواقع أقل من ذلك بحدود 2 في المائة. إذا لم يكن النمو الاقتصادي قد وصل إلى ذورته على المدى القصير في الأشهر الأخيرة، لماذا لم ينم الاقتصاد بأكثر مما نما في الربع الأخير؟
بناء على ما سبق، هناك أربعة أسئلة مهمة أترك إجابتها للمتخصصين. الأول، هل كل المشاريع التي يقوم بها القطاعان العام والخاص تسهم في توسيع الاقتصاد؟ الثاني، هل يجب إعطاء أولوية للمشاريع التي تسهم في توسيع الاقتصاد بدلاً من المشاريع التي تحقق ربحية أعلى؟ الثالث، هل الدعم الحكومي لسوق الأسهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة يسهم في توسيع الاقتصاد؟ الرابع والأهم، هل هناك قوانين تحد من الأثر الإيجابي للمشاريع الجديدة في توسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد؟