عوامل تعزيز الشراكات الاقتصادية الدولية

<a href="mailto:[email protected]">t-hafiz@hotmail.com</a>

كشفت زيارة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة خلال الفترة ما بين 23 كانون الثاني (يناير) وحتي 2 شباط (فبراير) 2006، للجزء الشرقي من العالم، التي شملت كل من الصين، الهند، مملكة ماليزيا، وباكستان، عن عدد كبير من فرص التبادل التجاري والاقتصادي والاستثماري، بين المملكة العربية السعودية، وبين تلك الدول، ولا سيما حين النظر والأخذ بعين الاعتبار فرص التكامل الاقتصادي المتاحة، والنظر أيضاً إلى طبيعة تركيبة اقتصاد كل من الصين والهند وماليزيا وباكستان، التي تعتبر مكملة للاقتصاد السعودي وليست منافسة له، الأمر الذي سيتيح الفرصة لخلق عدد كبير جداً من فرص التبادل التجاري، بين تلك البلدان وبين المملكة، ولعل ما يؤكد على صحة ذلك، حجم وعدد الاتفاقيات التجارية والاستثمارية، التي تم توقيعها بين الحكومة السعودية وبين حكومات تلك الدول، التي من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، اتفاقية للتعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي والمعادن، وأخرى للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، وأخرى لتفادي الازدواج الضريبي، فعلى سبيل المثال، فقد بلغ مجموع ما وقع عليه فقط خلال الزيارة المذكورة، رجال الأعمال السعوديون والماليزيون من اتفاقيات قرابة الثلاثة مليارات ريال.
وقد كشفت أيضاً، زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الرسمية للمملكة العربية السعودية، خلال شهر آذار (مارس) 2006، عن فرص واعدة عديدة للتعاون التجاري والاقتصادي بين السعودية وفرنسا، في العديد من المجالات والأنشطة الاقتصادية والإنتاجية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، قطاع الصناعة، وقطاع تقنية الاتصالات والخدمات المالية، وخدمات الطيران، وغيرها.
زيارة المليك الشرق أوسطية، وكذلك زيارة الرئيس الفرنسي للمملكة، تؤكد على إصرار القيادة السعودية، وقيادات دول العالم المختلفة، على تعميق جذور أواصر التعاون والتبادل التجاري بين المملكة وبين تلك الدول، ولاسيما حين النظر إلى حجم التعاملات والتبادلات التجارية بين المملكة وبين بعض الدول، الذي قد لا يرقي بأي حال من الأحوال، إلى تطلعات وطموحات القيادات السياسية في تلك البلدان، ولا سيما حين النظر إلى التاريخ السياسي والدبلوماسي العريق والطويل، الذي يربط بين المملكة وبين معظم دول العالم، ولعلي استشهد في هذا السياق، بحجم المشاريع المشتركة بين السعودية والهند مثلاً وحتى نهاية عام 2005، التي بلغ عددها 106 مشاريع، تُمثل منها 54 مشروعاً صناعياً، بإجمالي تمويل بلغ 1.455 مليون ريال، و52 مشروعاً غير صناعي بإجمالي تمويل 215 مليون ريال، والذي بدوره يؤكد على تواضع حجم الاستثمارات الهندية المشتركة مع المملكة العربية السعودية، قياساً إلى الإمكانيات الاقتصادية والتقنية للهند، مما يستدعي السعي لزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، من خلال التحديد والتشخيص الدقيق للمجالات الاستثمارية المطلوب التركيز عليها خلال المرحلة المقبلة، بهدف الاستفادة من التجربة الهندية المتقدمة في مجالات اقتصادية متعددة، مثل مجالات التقنية والإنتاج والتسويق وتجارة الخدمات.
باعتقادي أن تفعيل دور الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بين المملكة وبين دول العالم، يتطلب بذل الوزارات المعنية بالأمر في المملكة، المزيد من الجهد، كوزارة التجارة والصناعة، ووزارة التخطيط والاقتصاد، فيما يتعلق بتعزيز مجالات التعاون التجاري والاستثماري بين المملكة ودول العالم، كما أن المسؤولية تقع على عاتق مجلس الغرف التجارية الصناعية في المملكة، بما في ذلك الغرف، ومجالس الأعمال المشتركة، بالذات فيما يتعلق، ببحث فرص وأوجه التعاون المشترك، وسبل تفعيله، الذي بدوره يتطلب وضع خطة ورسم استراتيجية تعاون محددة الأهداف، وفق برنامج تنفيذ زمني، قابل للقياس وللمراجعة وللتصحيح، هذا بالإضافة إلي ضرورة، بحث العوائق الفنية واللوجستية، التي تواجه نفاذ الصادرات السعودية إلى الأسواق العالمية، وإيجاد الحلول المناسبة لها، التي لعل من بين أهمها وأبرزها. ارتفاع الرسوم الجمركية، وصعوبة استخراج رخص استيراد المنتجات السعودية، وصعوبة تطبيق المواصفات والمقاييس، ومحدودية المعلومات المتوافرة عن فرص الاستثمار والتجارة.
باعتقادي أيضاً، أن هناك دورا ومسؤولية كبيرة تقع على عاتق سفارات المملكة، المنتشرة في جميع دول العالم، بالذات المرتبطة بتحريك ودعم مساعي مسيرة رجال الأعمال السعوديين، في توثيق أواصر التعاون وتوطيد العلاقات التجارية والصناعية والاستثمارية التي تربط المملكة بدول العالم المختلفة، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي