قراءة في تقرير صندوق النقد الدولي حول الاقتصاد الكويتي
<a href="mailto:[email protected] ">[email protected] </a>
تضمن تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2006 بخصوص الكويت إشادة بالتطورات الاقتصادية من جهة ومطالبات بالمزيد من الإصلاحات من جهة أخرى. كما في السنوات القليلة الماضية, طالب التقرير السلطات الكويتية بالتفكير بجد بفرض ضريبة القيمة المضافة لغرض تعزيز مصادر الإيرادات.
نمو يقابله تضخم
بخصوص الجوانب الإيجابية, لاحظ صندوق النقد أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للكويت حقق نموا بلغ نحو 8 في المائة في عامي 2004 و2005. وأرجع التقرير الأمر إلى تحسن أسعار النفط في الأسواق الدولية فضلا عن نمو القطاعات غير النفطية. وبالتأكيد فالإشارة هنا إلى بعض القطاعات الحيوية مثل البناء والتشييد والضيافة. حقيقة تهيأت مام الاقتصاد الكويتي ظروف خاصة في العامين الماضين وتحديدا ارتفاع متوسط أسعار النفط, إضافة إلى زوال الخطر الذي كان يمثله النظام العراقي السابق. بل إن الظروف تهيأت إلى حد ما أمام مؤسسات القطاع الخاص في الكويت في كل ما له شأن بالعراق مثل تقديم الخدمات الفنية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة, إضافة إلى دخول سوق الهاتف النقال.
ومن نافلة القول فإن النمو الاقتصادي المميز جلب معه نوعا من التضخم في الاقتصاد المحلي. حسب الصندوق, بلغت نسبة التضخم نحو 4 في المائة على خلفية نمو القطاعات غير النفطية, إضافة إلى توافر السيولة فضلا عن التأثيرات السلبية لارتفاع قيمة عملتي اليورو والين. كما هو الحال مع سائر العملات الخليجية الأخرى, فإن الدينار الكويتي مرتبط بالدولار الأمريكي. حقيقة يمكن اعتبار التضخم الناشئ من ارتفاع قيم العملات الأخرى أحد مساوئ ارتباط الدينار بالدولار. على كل حال ترتبط جميع عملات دول مجلس التعاون بالدولار. حتى الماضي القريب كانت الكويت تتبنى سياسة سلة العملات لكنها تخلت عن الأمر وأصبحت بالتالي آخر عملة خليجية ترتبط بشكل كامل بالدولار.
وعلى خلفية تقدير بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا في الأسواق الدولية, توقع التقرير أن تتمكن الكويت من تسجيل فوائض في كل من الموازنة العامة والحساب الجاري وميزان المدفوعات. بل ذهب التقرير إلى أبعد من ذلك حيث توقع أن تتمتع الكويت بوضع مالي مريح على المدى المتوسط بسبب التطورات في أسواق النفط الدولية.
زيادة المصروفات
وكان لافتا دعوة صندوق النقد الدولي الحكومة الكويتية بالعمل على تعزيز المصروفات الرأسمالية. بدورنا نتفق مع وجهة نظر الصندوق بخصوص الاستثمار الحكومي في الاقتصاد المحلي بدل التركيز على تحقيق فائض في الموازنة العامة. فالصحيح هو تعزيز المصروفات الرأسمالية لأن ذلك ينصب في تطوير البنية, الأمر الذي يخدم جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
في الوقت الحاضر تحتل الكويت مرتبة متأخرة عالميا وخليجيا فيما يخص جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. حسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) حلت الكويت في المرتبة رقم 138 على مستوى العالم على مؤشر الجاذبية الاستثمارية, أيضا حصلت الكويت على المرتبة رقم 95 على مستوى العالم فيما يخص متغير الأداء المحتمل لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي كلتا الحالتين منيت الكويت بأسوأ نتيجة بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون.
ضريبة القيمة المضافة
يشكل الدخل النفطي أكثر من 80 في المائة من إيرادات الموازنة العامة. كما يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الميزان التجاري حيث يمثل نحو 90 في المائة من الصادرات. ولاحظ التقرير أن هذه الأرقام لا تمثل بالضرورة أخبارا سارة, حيث إنها تجعل الاقتصاد الكويتي تحت رحمة التطورات في أسواق النفط. ولا غرابة فقد جدد صندوق النقد الدولي دعوته للسلطات الكويتية للتفكير بشكل جدي في تعزيز خزانة الدولة بواسطة فرض ضريبة القيمة المضافة. لكن أكد التقرير ضرورة تنسيق الموضوع مع الدول الخمس الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وبرر التقرير دعوته إلى تبني السياسة الضرائبية إلى ظهور بعض التطورات مثل إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة مع الدول الأخرى (من المتوقع أن توقع دول مجلس التعاون اتفاقية للتجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي في فترة لاحقة).
التعاون مع البرلمان
لاحظ التقرير استمرار الخلافات بين الحكومة والبرلمان على بعض القضايا الحساسة ورأى أن الأمر لا يخدم عملية الإصلاحات الاقتصادية. على سبيل المثال, هناك موضوع فتح القطاع النفطي أمام الشركات الأجنبية فيما يعرف بمشروع الكويت والقاضي بزيادة الإنتاج من أربعة حقول واقعة في شمال البلاد وغربها. تحديدا يهدف المشروع إلى مضاعفة إنتاج هذه الحقول إلى 900 ألف برميل في اليوم. ويتوقع أن تبلغ تكلفة هذا المشروع الطموح نحو سبعة مليارات دولار أمريكي على مدى 20 سنة. حقيقة لا يزال بعض أعضاء مجلس الأمة يعارضون المشروع الطموح بحجة أن الدستور الكويتي لا يسمح للشركات الأجنبية بامتلاك حصة في القطاع النفطي.
ختاما لا مناص للسلطات الكويتية من الأخذ بعين الاعتبار توجهات صندوق النقد الدولي وهم يحاولون بكل جهد جعل الاقتصاد الكويتي مميزا في ظل المنافسة الشرسة من بعض الدول الإقليمية.