هل خالفت عمولات الأسهم العرف التجاري؟

تشير التوقعات إلى أن البنوك التجارية التي تحتكر حتى اليوم أعمال الوساطة في سوق الأسهم جنت نحو 12 مليار ريال نظير العمولات التي يدفعها المشترون والبائعون للأسهم خلال العام الماضي 2005م, ومعروف أن هيئة السوق المالية تحصل على نسبة من هذه العمولات لا تزيد حسب معلوماتي على 15 في المائة.
وإذا أخذنا في الاعتبار الأرباح الصافية التي حققتها البنوك التجارية في العام الماضي لوجدنا أن إيراد العمولات يمثل جزء مهما من مجمل تلك الأرباح, التي لا تكلفها سوى مصروفات متواضعة قياساً بمجمل مصروفاتها العامة, ومع هذا الاحتكار والأرباح الكبيرة التي تجنيها البنوك من أعمال الوساطة المالية فما زال كثير من العملاء يشتكون من سوء معاملة البنوك التجارية لهم ولاسيما في موضوع تعطل أنظمة التداول الآلية والبطء الشديد فيها والاشتراطات التي تضعها أمام الصغار منهم والمعاملة غير المتكافئة بين عملائها.
وتلك المشاكل والصعوبات أمر معروف لهيئة سوق المال وسبق وأن تطرق إليه الكثير من الكتاب إلا أن موضوع العمولة نفسها قل أن يتم التطرق إليه وكأنه أمر لا جدال فيه, وأعني بذلك مقدار العمولة وطريقة حسابها, فمن حيث العمولة ما زالت هيئة سوق المال تحتسب قيمة العمولة على أساس قيمة الصفقة لا على أساس الصفقة نفسها, وهذا أمر ينبغي الوقوف عنده كثيراً ودراسة أثره على مستقبل السوق, إلا أن الأهم هو طريقة احتساب العمولة التي يدفعها اليوم المشتري والبائع وهذا يخالف الأعراف المتبعة في المعاملات التجارية.
لا أعلم كيف يطلب من البائع دفع عمولة صفقة تجارية قام المشتري بدفعها؟ في حين يعلم كافة المشرعين أن العرف, وهو ما تعارف الناس عليه, يعتبر من مصادر التشريع الأساسية في الأعمال التجارية وهو في هذه الحالة يحدد أن العمولة أو أتعاب الوساطة هنا تدفع من قبل المشتري فقط .
هل خالفت لوائح هيئة سوق المال أحد مصادر التشريع؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه اجتهادا خاطئاً من ذاك الذي صاغ وكتب تلك اللوائح؟ وهل يعقل أن يسمح للبنوك التجارية أو شركات الوساطة مستقبلاً بجني تلك المبالغ الطائلة من المتعاملين إلى الأبد دون مراجعة لذلك الاجتهاد الذي حدد قيمتها ومن يدفعها؟
أسئلة مهمة تضاف إلى أخرى أهم منها جميعها تتعلق بسوق المال ما زالت دون إجابات بالرغم من أن معظمها لا يحتاج سوى إلى مبادرة شجاعة من قبل المسؤول.
إن حماية البنوك التجارية من المساءلة والدفع بالمزيد من الأعمال إليها لا يعتبر مؤشر عافية في الاقتصاديات الحرة, فهي اليوم تقوم بأعمال الوساطة والإقراض والاستثمار المباشر والاستشارات المالية وأعمال الإدراج والاكتتاب في سوق المال إضافة إلى أعمالها المعتادة, وهذا أمر لا ينبغي أن يستمر إذا ما أردت هيئة سوق المالي أن تبني سوقاً قوية تتمتع بالاستقلال والشفافية لأن تلك الأعمال تعتبر ببساطة أعمالا متعارضة لا يجوز أن تجمع بينها أي جهة مهما كانت.
أعود لموضوع العمولات لأقول إن الجهد اللازم لإتمام عملية بيع حجمها على سبيل المثال 50.000 ريال هو الجهد نفسه اللازم لإتمام عملية بيع حجمها 100 مليون ريال, وهذا مبدأ تعمل به البنوك نفسها في عمليات التحويل المالي فهي تستقطع مبالغاً ثابتاً لكل عملية تحويل مهما بلغ حجمها لأن الجهد متماثل بين كافة عمليات التحويل, إلا أن العمولة التي تحصل عليها البنوك التجارية في عملية البيع الثانية تزيد بألفي مرة عن عمولة عملية البيع الأولى بالرغم من أن الجهد هو نفسه

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي