أسابيع المرور

يمر أسبوع المرور الخليجي هذا العام كما مرت الأسابيع التي قبله دون جديد ودون ما نسمع عن ماذا تنوي الإدارة العامة للمرور أن تعمل حيال تقليص عدد آلاف الضحايا للحوادث المرورية. لقد عجّت الصحف والقنوات الفضائية بالكثير من الأحاديث والمقابلات الصحافية مع مسؤولين في أجهزة المرور خلال الأسبوع الماضي, وقد وجد المتابعون لهذا الحدث من المواطنين أنفسهم يستمعون لتكرار ما سمعوه في الأعوام الماضية من مدح للذات وإلقاء اللوم يمنة ويسرة. لقد كثر الحديث من قبل هؤلاء المسؤولين عن الحاجة إلى رفع الوعي لدى المواطنين والمقيمين بأنظمة وقوانين المرور وما يترتب على مخالفتها من حوادث تذهب الأرواح والأموال, ومما لا شك فيه أن أي محاوله لرفع الوعي بمثل هذه الأمور يجب أن تلقى الترحيب والتشجيع. إن من الصعب جداً أن نطالب المواطنين والمقيمين باحترام نظام لا يعرفون تفاصيله ولا الهدف من ورائه, لذا فإن الخطوة الأولى لرفع الوعي يجب أن تبدأ بوضع نظام فاعل حديث للمرور يتعامل بكل جدية مع الوضع الحالي الذي تمر فيه البلاد ومن ثم وضع أهداف محددة لإدارات المرور وتوعية منسوبيها وتأهيلهم التأهيل الصحيح اللازم لتحقيق هذه الأهداف. إن المحاولات البسيطة التي يقوم بها رجال المرور على فترات متقطعة لتطبيق النظام لا ترقى إلى حجم المشكلة التي يعاني منها المواطنون، وقد يكون أحد أسباب ذلك يعود إلى ضعف الإمكانيات المتاحة لمثل هذا العمل. إن الحديث الذي يكرره مسؤولو المرور من أن نقص الوعي لدى قائدي المركبات هو السبب الأهم في زيادة عدد حوادث السيارات لا يتعدى كونه تبسيطاً للمشكلة وتنصلاً من المسؤولية الملقاة على عاتق الإدارة العامة للمرور, حيث إن الوعي بالنظام لن يتحقق بدون تطبيق صارم له من قبل رجال المرور. إن الكثير منا يلاحظ يومياً مئات المخالفات المرورية التي يرتكبها بعض قائدي السيارات تمر دون عقاب حتى أن بعضها يُرتكب على مسمع ومرأى من رجال المرور. إن الوقوف الخاطئ وتغيير المسار المفاجئ والالتصاق بالسيارة الأمامية وعدم الوقوف عند التقاطعات والتجاوز غير النظامي والحمولة الزائدة, كل هذه وغيرها من المخالفات الأخرى لا تجد من يهتم بها أو يردع مرتكبيها، واكتفت إدارات المرور بتتبع مخالفي السرعة على بعض الطرق في بعض الأحيان وتحرير المخالفات لمن يستطيعوا اللحاق به. إن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هي الاعتراف بوجودها ومن ثم تحديد مسبباتها، وبعد ذلك تبدأ مرحلة العلاج والمتابعة. إن عدم اعتراف الإدارة العامة في المرور بعجزها عن إيقاف تزايد أعداد ضحايا حوادث المرور, لن يمكنها من تشخيص هذا العجز ومعالجته، كما أن إلقاء اللوم على المواطن دون الجدّية في تتبع المخالفين ومعاقبتهم سوف يسهم في زيادة الخسائر في الأرواح والأموال ولن تجدي نفعا مع ذلك الحملات الإعلامية التي تنتهي بانتهاء الأسبوع. إن الوضع المروري على طرقنا وفي مدننا قد وصل إلى مراحل خطرة يلزم لها تغيير هذا النمط من التعامل معها واستخدام أساليب جديدة لم نتعودها وتسخير الإمكانات بشكل كبير يوازي ما يسخّر للحروب والكوارث الطبيعية وأن يعّد لذلك رجال يتفهمون خطورة الوضع ويعون تبعاته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي