التقنية في حياتنا: ذبابة تكشف المتفجرات

يقول أحد الأمثال الشعبية "إذا كان المعلم خبل فالمستعلم سديد" وبدون الدخول في تفصيل المثل، حيث إنه يشرح نفسه، يستطيع القارئ الحكم بنفسه فيما إذا كان المعلم خَبَلا أو سديدا من مدى مصداقية كلامه وقد يكون المعلم أستاذا في الجامعة أو في المدرسة أو قد يكون برنامجا تلفزيونيا أو كتابا أو مجلة أو مقالا في جريدة... إلخ. القارئ أو المتلقي هو المستعلم.
قرأت خبرا في إحدى جرائدنا المحلية بداية هذا الأسبوع وفي الصفحة الأولى "منقول" عن صحيفة "الجارديان" مفاده أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" تسعى لتطوير طائرات صغيرة بحجم الذبابة لديها القدرة على كشف المتفجرات والتخفي في أماكن الأعداء. ويتم توجيه هذه الطائرات المزودة بأجهزة إرسال دقيقة ويتكون نصفها من روبوت Robot "رجل آلي" عن طريق التحكم عن بعد. وتقوم هذه الطائرات بتحديد مواقع القنابل التي يزرعها المسلحون في الطرق العراقية لاستهداف القوات الأمريكية.
سبق وأن قرأت خبرا مماثلا في جريدة محلية أخرى قبل أكثر من شهرين يذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية تعكف على إنتاج طائرات بحجم الطيور بحيث تكون سهلة الاستخدام لمتابعة المجموعات المسلحة داخل الأحياء ومراقبتها عن قرب وتفجير العبوات الناسفة قبل أن تستخدمها المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكية.
في فترة وجيزة لا تزيد على أربعة أشهر استطاعت وزارة الدفاع الأمريكية تقليص حجم الطائرة من طائرة بحجم الطيور إلى طائرة بحجم الذباب وبالخصائص والمميزات نفسها. لذا فإنني آمل أن تستطيع الوزارة نفسها صُنع طائرة بحجم البعوض في القريب العاجل، عندها القدرة على حمل المواد المُبيدة للحشرات. لكي تختفي بين البعوض الناقل لحمى الضنك والملاريا وحمى الوادي المتصدع ومن ثم القضاء عليه بيسر وسهولة.
- يا ترى كم من الوقت تحتاجه الإدارة الأمريكية لإنتاج مثل هذه الطائرات؟
- وهل سوف تسهم في حل مشكلة العراق؟
- وإذا كان هناك انسحاب، فهل سوف يكون قبل أم بعد إنتاج الذبابة؟
أصبحنا لا نميز في نقل الأخبار، قد يكون الغرض من الخبر دعائيا، أو إرسال رسالة مشفرة إلى فئة من الناس يعرفون معناها. بالنسبة لي، قد يكون معناه أن مشكلة العراق سوف تُحل إذا صُنعت طائرة بحجم الذبابة يمكن التحكم فيها عن بعد. وتستطيع الشم والتمييز والطيران لمسافات طويلة. وهذا لا يصدقه العقل السليم أبداً، السبب واضح جداً. الطائرة الذبابية يجب أن تحوي التالي:
مصدر قدرة power كبير الحجم يساعد على حركة الطائرة لمسافات طويلة, جهاز استقبال وإرسال, أجهزة تحكم وسيطرة، أجهزة استشعار عن بعد، أجهزة شم المتفجرات، أجهزة تحليل وقياس، إضافة إلى الأجنحة والهوائيات والعجلات وغير ذلك كثير.
إذاً المستعلم في هذه الحالة يجب أن يكون سديدا. ولا يصدق كل ما يكتب بهذا الخصوص. ولكني كقارئ فهمت الرسالة التي وضعت في أول صفحة في إحدى جرائدنا المتميزة. نقل مثل هذه الأخبار يخلق فينا الإحباط. كيف لا ونحن نقرأ أن العالم المتقدم وصل إلى صناعة طائرات بحجم الذبابة ولم نستطع نحن صنع دراجة نارية. كذلك هناك استهتار بعقل القارئ العربي. العرب تقتلهم ذبابة والآخر لا يقتله إلا عابرات القارات أو القنابل النووية.
مثل هذا الخبر يجب ألا يكون في الصفحة الأولى لأنه غير صحيح ولا يعكس الواقع ولا فائدة منه.
فما رأيكم في هذا المعلم؟
قد يكون الخبر على شكل نكتة يحاول من خلالها الكاتب أن يرسل رسالة (ما).
عندما تحدث تفجيرات كثيرة في العراق (لا سمح الله) في المستقبل، فهل هذا يعني أن المجموعات المسلحة استطاعت صناعة المُبيد المناسب؟ وهذا سوف يعطينا انطباعا بأنهم أكثر تقدما من البنتاجون؟
وأخيراً يقول المثل الصيني: "لا تصدق أكثر ما تسمع وصدق نصف ما تراه".

جامعة الملك سعود ـ هندسة كهربائية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي