الهيئة وعمل المرأة.. المواجهة أم التنسيق؟

بعد حوالي شهرين ـ إن لم يؤجل القرار ـ سيبدأ تطبيق قرار وزارة العمل بحصر البيع في محلات ملابس السيدات الداخلية على النساء وبعده بعام سيتم حصر العمل في محلات البيع للمستلزمات النسائية عامةً على النساء، إنها تجربة جديدة على المجتمع، وقد نشرت إحدى الصحف المحلية يوم الأحد الماضي في الصفحة الأولى صورة لإحدى البائعات وهي تعرض بعض الملبوسات لبعض الزبائن الأمر الذي يدل على بدء تطبيق هذه التجربة على أرض الواقع.
وقد قام مجلس الوزراء خلال عام 2005 م بإصدار العديد من القرارات للعديد من الجهات لتشجيع عمل المرأة، وعمل المرأة هو وسيلة وليس غاية وهو اختياري وليس إجباريا كما أن له العديد من الإيجابيات والسلبيات وواجبنا ونحن على أعتاب هذه المرحلة الجديدة أن نعمل على تطوير الإيجابيات وتقليل السلبيات وأن نتحلى بالشفافية فهي أساس الإصلاح وأن نعمل على أن تكون قراراتنا ناجحة من خلال توفير سبل النجاح لها لما فيه مصلحة وطننا وأبنائه وبما يحافظ على ما يبذل من جهد ويصرف من مال وأن نوفر لهذه التجربة سبل النجاح إن أردنا لها أن تنجح.
من أهم هذه السبل هو تهيئة المجتمع وتقبله لوجود المرأة في المحلات التجارية كبائعة وليست كزبونة ومجتمعنا قد نشأ على أن المرأة ليس لها مكان غير بيتها فإن وجدت في مكان عمل ما كانت مصدر تساؤل، وبالتالي فإن المجتمع لديه مع هذه التجربة باعتبارها جديدة عليه العديد من التساؤلات منها: هل ستكون هذه المحلات ذات واجهات مكشوفة أم مستورة؟ وهل ستكون ذات أبواب خاصة أم مشتركة؟ وهل ستكون داخل أسواق خاصة؟ أم داخل أسواق عامة ؟ وهل للرجل الشراء من هذه المحلات بمفرده أم لا بد من وجود عائلته؟ وهل ستتوافر خدمات مساندة لهذه المحلات الخاصة وغيرها من التساؤلات الأخرى. وعلى الرغم من قيام وزارة العمل بتحديد ضوابط لعمل المرأة سواء بمنع الاختلاط أو تحديد ساعات العمل أو موافقة ولي الأمر أو غيرها من الضوابط إلا أنها لا تجيب عن العديد من الاستفسارات لدى المجتمع كما أنها لا توضح الصورة كاملة للتجار الذين هم المعنيون أيضاً بتطبيق هذا القرار فهل تم إعداد كوادر بشرية نسائية مؤهلة لإدارة هذا النشاط التجاري، وما مصير العاملين في هذا النشاط الآن خصوصاً من الشباب السعوديين وهل سنوفر فرص عمل للنساء على حساب الرجال.
كما أن من ضمن عوامل تهيئة المجتمع التنسيق مع إحدى الدوائر المهمة في مجتمعنا وهي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي التي تعنى بالضوابط الشرعية وتطبيقها ومن مهامها مراقبة الأسواق وما يتم فيها على أرض الواقع فهل تم التنسيق معها في ذلك، أم أنها ستقوم بغلق هذه المحلات درءاً للمفاسد الذي هو مقدم على جلب المصالح، وهل سيتم تطبيق القرار في مناطق المملكة كافة أم سيكون في مناطق دون أخرى تبعاً لنشاط الهيئة في تلك المناطق، خصوصاً أنه سبق وأن قام بعض التجار بالعمل في هذا الجانب وهيأوا الأماكن لعمل السيدات ووقعوا العقود معهن ودربوهن ثم تم إغلاق محلاتهم التجارية.
إننا في حاجة ماسة إلى مراجعة قراراتنا والتأكد من فاعليتها وإسقاطها على أرض الواقع قبل إصدارها، كما يجب أن يتم التأكد من التنسيق مع الجهات المعنية كافة والحرص على أن يقوم الجميع بدوره في دعم هذا التوجه حتى لا يفاجأ المجتمع بوجود تخبط أثناء تطبيق هذه القرارات, فجهة تسمح وأخرى تمنع وآخرون ليس لديهم علم بالأمر وآخرون يجتهدون في وضع الإجابات على ما ورد من أسئلة أعلاه.
إن الهدف من عمل المرأة هو أن يكون لها دور فاعل في المجتمع إضافة إلى دورها الأساسي ضمن الأسرة وقد تم إقرار عملها من خلال الدولة وكذلك من خلال الشرع وفق ضوابط معينة، وهي خطوة يجب أن نطبقها بوعي وإدراك وتوازن ومسؤولية فلا نضع أمامها العوائق والعقبات لنثبت وندعم وجهة نظر معينة بأنها فاشلة ولا نتركها من دون ضوابط لتبدو بمظهر لا يتناسب مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وقد يستغلها بعض ضعاف النفوس لتؤدي إلى أضرار أكبر، كما يجب أن نستفيد من تجارب الدول الأخرى من حولنا وكيف تم تفعيل التجربة في مجتمعاتهم وما آثارها, فالمرأة هي الأخت والزوجة والأم والابنة ويجب أن نعمل على المحافظة عليها وعلى البيئة التي تعمل فيها وأن نتأكد تماماً قبل بدء التجربة من أنها بيئة مناسبة وآمنة تليق بها وبمجتمعها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي