الحكومة الكويتية الجديدة والتحديات الاقتصادية
أدت الحكومة الكويتية الجديدة برئاسة الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح، اليمين الدستورية الأسبوع الماضي، ما يعني استعدادها للتصدي للتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد. حقيقة يواجه الاقتصاد الكويتي العديد من التحديات الاقتصادية التي بدورها بحاجة إلى حلول. وتشمل هذه المعضلات الحصول على دعم البرلمان فيما يخص السماح للشركات الأجنبية بتطوير الإنتاج النفطي إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية.
زيادة الإنتاج النفطي
يشكل فتح القطاع النفطي أمام الشركات الأجنبية إحدى أهم المسائل الاقتصادية التي تواجه الحكومة الكويتية الجديدة. والإشارة هنا بالتحديد إلى (مشروع الكويت) القاضي بزيادة الإنتاج من أربعة حقول واقعة في شمال وغرب البلاد. تحديدا يهدف المشروع إلى مضاعفة إنتاج هذه الحقول إلى 900 ألف برميل في اليوم. ويتوقع أن تبلغ تكلفة هذا المشروع الطموح نحو سبعة مليارات دولار أمريكي على مدى 20 سنة.
تقليدا لم يكن مجلس الأمة متشجعا للموافقة على مشروع الكويت، وتكمن الحجة في أن الدستور الكويتي لا يسمح للشركات الأجنبية بامتلاك حصة في القطاع النفطي. وقد قرر البرلمان تأجيل التصويت على المقترح لفترة وذلك بعد وفاة أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح. وقد بذلت الحكومة السابقة جهودا مضنية لإقناع أعضاء المجلس بأهمية المشروع, إلا أن بعض المشرعين لا يرغبون في فتح القطاع النفطي أمام المنافسة الأجنبية.
ويعتقد البرلمانيون المعارضون أن الحاجة ليست ماسة لزيادة الإنتاج وذلك في ضوء عدم وجود عجز في الموازنة العامة على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. كما يرى هؤلاء أن الخبرات المحلية كفيلة بتنفيذ هكذا مشروع وخصوصا أن قطاع النفط اكتسب خبرة خارجية. المعروف أن الكويت تمتلك استثمارات نفطية خارج أراضيها, بما فيها محطات لبيع النفط في أوروبا, الأمر الذي يميز قطاع النفط الكويتي. لكن من جهتها ترى السلطات أن الشركات الدولية العاملة في مجال النفط هي التي تمتلك الخبرة والمعرفة والتقنية لتنفيذ مشروع الكويت.
لا شك أن الطاقة الإنتاجية للكويت في الوقت الحاضر لا تتناسب والمخزون النفطي للبلاد. المشهور أن الكويت تمتلك نحو 10 في المائة من الاحتياطي النفطي المكتشف, وتعتبر هذه النسبة عالية في كل حال من الأحوال. بالمقابل تقل القدرة الإنتاجية عن مليونين ونصف المليون برميل من النفط الخام يوميا. مهما يكن من أمر, يعتقد أن مجلس الأمة سوف يوافق في نهاية المطاف على طلب الحكومة بالمضي قدما في تنفيذ مشروع الكويت لكن بشروط وربما الحصول على تنازلات في قضايا أخرى.
الإصلاحات الاقتصادية
أما التحدي الثاني فمصدره الإصلاحات الاقتصادية. يهدف المشروع إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي عن طريق بيع بعض المؤسسات المملوكة للقطاع العام. وكانت الحكومة الكويتية قد اشترت بعض المؤسسات والاستثمارات وذلك في أعقاب أزمة (سوق المناخ) في العام 1982، حيث حدث انهيار للأسهم في السوق غير الرسمية. وكانت الحكومة الكويتية قد نجحت في تحقيق بعض الإصلاحات الاقتصادية وفي مقدمتها السماح للبنوك الأجنبية بالعمل داخل البلاد، فضلا عن تخصيص محطات النفط. وقد أسهمت هذه الخطوة في تحسن ترتيب الكويت في مؤشر الحرية الاقتصاديةوالذي صدر أخيرا. فقد نالت الكويت المرتبة رقم 50 على مستوى العالم في تقرير عام 2006 مقارنة بالمرتبة رقم 54 في عام 2005.
حقيقة يتوقع من الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ ناصر الصباح أن تواصل تنفيذ مشروع الإصلاحات الاقتصادية وعلى الخصوص تطبيق بعض تفاصيل برنامج التخصيص. المعروف أن لدى السلطات نية تحويل ملكية العديد من الشركات والخدمات العامة لعهدة القطاع الخاص لتحقيق عدة أمور من بينها الكفاءة في الأداء.
من جهة أخرى, يتوقع أن تؤدي عملية الإصلاحات الاقتصادية إلى تحقيق هدف آخر ألا وهو تشجيع المواطنين على العمل في مؤسسات القطاع الخاص. فحسب الإحصاءات الرسمية يعمل نحو 90 في المائة من المواطنين في مؤسسات القطاع العام. يبقى أنه بات في حكم المؤكد عدم قدرة الدوائر الرسمية والمؤسسات الوطنية على مواصلة توفير فرص العمل للداخلين الجدد إلى سوق العمل لأسباب موضوعية. على سبيل المثال يتم تخصيص نحو نصف مصروفات الموازنة العامة لدفع رواتب وأجور موظفي القطاع العام. وتعد هذه النسبة كبيرة لأنها تحرم السلطات من الصرف على قطاعات البنية التحتية.
يبقى أن بمقدور رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح الاعتماد على الدعم من أمير البلاد سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح. يذكر أن الشيخ صباح الأحمد هو من أرسى دعائم عملية الإصلاحات الاقتصادية أثناء رئاسته الحكومة. كما أنه أيد في أكثر من مناسبة دعوة فتح القطاع النفطي أمام المنافسة للشركات الأجنبية, لأنها تمتلك القدرات اللازمة لتحقيق هدف زيادة الإنتاج من حقول الشمال. ربما يكون من الصواب لأعضاء مجلس الأمة النظر إلى أداء شركات النفط الدولية في تطوير قطاع الطاقة في قطر.
- رئيس وحدة البحوث الاقتصادية (جامعة البحرين)
[email protected]