الحل.. بيد معالي الوزير
سألني سائل، هل توجد مشكلة بينك وبين مصلحة الزكاة والدخل؟ ولم أستغرب بل بينت له أنه عندما نراجع أو نطالب تعديل بعض الأنظمة، وإن كانت جديدة، فالهدف الأول هو أن نأخذ بقوله، صلى الله عليه وسلم، "الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله، قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ". ولقد أمرنا خادم الحرمين الشريفين " بتقديم النصيحة "لذلك فعلينا واجب النصيحة وإن لم يسمع لها أو يؤخذ بها إبراء لذمتنا. كما بينتُ له أن مصلحة الزكاة والدخل إدارة مهمة في جمع الزكاة وضريبة الدخل وأنها تتعامل مع المكلفين مباشرة أو عن طريق مكاتب المحاسبين القانونيين، وأنها طالبت بتعديل نظام ضريبة الدخل وتطويره وعرضته على مجلس الغرف وغيرهم وناقش رجال الأعمال ومن يمثلهم مسودة النظام ولكن وللأسف لا مجلس الشورى ولا غيره درس بالقدر الكافي التفاصيل ولم يعتمدوا كثيرا من النقاط التي اقترحها رجال الأعمال والمحاسبون القانونيون وأخيرا لا يصح إلا الصحيح. لو كان عندي قضية مع مصلحة الزكاة والدخل لسلكت السبل القانونية التي سمح بها النظام من اعتراض ابتدائي ثم استئناف وأيضا التظلم لدى ديوان المظالم، حسب النظام الجديد، ولكني أتطلع بأن تعامل المصلحة مكلفيها على أنهم زبائنها كما يعامل البائع الزبون. ونعلم كما أعلن في الصيف الماضي أن المصلحة دربت بعضاً من موظفيها على النظام الجديد، وأطالب أن تستمر في تدريب موظفيها على النظام والمعاملة الحسنة للمكلفين وترتقي بهم إلى المستوى الذي يؤدي إلى تحصيل جميع الأموال التي أقرها نظام الزكاة أو نظام ضريبة الدخل أو ضريبة الاستقطاع، ولكن بالشفافية والوضوح وليس بالتفسير حسب أهواء خبراء المصلحة أو رغباتهم. واقترح أن تكون تعميمات الوزير والمصلحة وكذلك قرارات لجنة الاعتراض الابتدائية والاستئناف معلنة للجميع دون ذكر اسم المكلف حتى يعرف الجميع الأسس التي تتبعها المصلحة. أتمنى أن يكون لدى المصلحة الأجهزة والأفراد القادرون على خدمة النظام الجديد ومراعاتهم فمعظم المكلفين ليسوا على مستوى المواطن الأمريكي أو الأوروبي الذي لديه ثقافة الضرائب وعاش فيها منذ الصغر، وأن المكلف الأجنبي هو عميل جيد لم يأت ليسرق مال المملكة بل أتى لحاجتنا إلى خبراته مثل جميع دول العالم وأيضا لما له وتقنيته، لذلك فإن كل موظف في المصلحة عليه أن يعرف أن هذا هو عميله الذي يجب عليه أن يوفر له المعلومة التي تيسر له تطبيق النظام، وأن هذا المستثمر أتى بموافقة الدولة وترحيبها وعليه أن يتطلع لإبقاء استثماراتهم في المملكة وينبغي أن تمحى الثقافات القديمة وأن يخرج المكلف من المصلحة وهو راض عن حسن الاستقبال والتزام موظف المصلحة بوعده في تواريخ مراجعة الحسابات، فإذا طالب النظام المكلف أن يقدم بياناته خلال أربعة أشهر مثلا وقدمها فإن على المصلحة أن تصدر قرارا بأنها أيضا سوف تنهي المراجعة والربط خلال أربعة أشهر وإن وجدت معلومات ناقصة ترجع إلى المكلف فورا خلال شهر من تقديمه بياناته وتطالبه بها حتى تلتزم هي بالمدة المقررة ولا يطول الحساب سنوات عديدة ومن ثم تفرض غرامات على المكلف هي شريكة فيها.
كيف انضممنا إلى منظمة التجارة العالمية وبدأنا عهدا جديدا ونرغب في تنمية مستدامة ولا تغير الدولة أسلوب عملها وأخذها بمقترحات رجال الأعمال شريكها الاستراتيجي في التنمية. هل هناك أمل في الإصلاح والمشاركة والتنمية دون ذلك؟
ولماذا لا يقوم وزير المالية أو مدير عام المصلحة بطلب اجتماع مع رجال الأعمال والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين ويناقش معهم التعديلات المطلوبة والمقترحة للنظام ولائحته وترفع إلى المجلس الاقتصادي الأعلى أو مجلس الوزراء ليقرر ما يراه مناسبا.
ولنترك المصلحة الآن ونعود لنظام ضريبة الدخل. إن أحد البنود الموجودة في النظام السابق والذي بقي في النظام الجديد هو عدم احتساب ما يدفع لصاحب المؤسسة أو أقربائه من ولد أو خلافه أو للشريك السعودي وأقربائه من الدرجة الأولى في الشركات المختلطة من رواتب ومكافآت كمصاريف جائزة الحسم عند احتساب الزكاة أو الضريبة لأن المصلحة تعتبر ذلك توزيعا للربح وتهربا من دفع الزكاة أو الضريبة، لذلك تعدل الربح بإضافة هذه الرواتب والمكافآت المدفوعة إلى الربح الدفتري ليدفع عليها السعودي زكاة وكذلك تضيفها إلى وعاء الضريبة ليدفع عليها الشريك الأجنبي ضريبة.
هل يعقل أن يجازى من يشغل أبناءه أو أقاربه في شركته مع شريكه الأجنبي بدفع زكاة وضريبة على رواتبه؟ هل يعقل أن يعملوا مجانا؟ أليس الإصرار على هذا فيه ظلم كبير! أليس الأقربون أولى بالمعروف؟ وكيف يقبل معالي الوزير أو المجلس الاقتصادي الأعلى بهذا؟ إن نظام الحكم في المملكة أساسه الشرع لذلك أي مادة في أي نظام تخالف الشرع يجب أن تعدل فورا. ولقد وجدت الحل لمعاليه وتأييدا لما نطالب به في هذا الأمر إلا إن كان لديهم تفسير آخر، فقد وجدت في النشرة ربع السنوية التي تنشرها المصلحة "الزكاة والدخل" العدد الثاني، المحرم 1426 هـ صفحة 46 فتوى للأمانة العامة لهيئة كبار العلماء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 22644 وتاريخ 9/3/1424هـ ، ويقول السؤال إذا أخذ صاحب المنشأة راتبا شهريا أو بدل مواصلات مقابل إدارته لمنشأته للصرف منه على حاجياته الأسرية والشخصية، هل يخضع هذا الراتب أو بدل السكن أو بدل المواصلات للزكاة الشرعية؟ أم أنه يمكن خصمه من المبالغ الخاضعة للزكاة؟ وكان الجواب: "ما يأخذه صاحب المنشأة مقابل راتب أو بدل سكن أو مواصلات إذا حازه قبل نهاية الحول فلا يحسب في الوعاء الزكوي للمنشأة شأنه شأن رواتب سائر الموظفين وما يصرف لهم من بدلات، ويراعي في تحديد ما يأخذه صاحب المنشأة كراتب له ما يأخذه نظراؤه في المنشآت المماثلة" فالفتوى واضحة، لذلك نطالب معالي الوزير بالطلب من المصلحة أن تجتمع مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين ومجلس الغرف وتضع معهم جداول للوظائف حسب مستوى الشركات ومبيعاتها ومواقعها ونشاطها لتحديد الراتب المماثل والمكافآت وفقا لمعايير محددة وتعدل هذه الجداول كل خمس سنوات بالزيادة أو النقصان وما زاد عليه تجب عليه الزكاة والضريبة. هل هذا مطلب صعب التنفيذ؟
لقد قام الوزير أخيرا بأمر جيد حين عدل اللائحة التنفيذية من نظام ضريبة الدخل، قراره رقم 1709/185 وتاريخ 1426/7/23هـ القاضي بتعديل الفقرتين في المادة الخامسة الفقرة السابعة والمادة الثالثة والستين الفقرة الرابعة من اللائحة التنفيذية حيث يقتضي التعديل بعدم خضوع تكاليف أجور شحن البضائع الموردة للمملكة والتأمين عليها للضريبة، سواء تم التسليم فوب أو سيف لأن تلك التكاليف تعد جزءا من تكلفة المواد الموردة لذلك. ونتطلع من معاليه إلى المزيد من التعديلات ومزيد من الاقتراحات من مجلس الغرف.