هوس الاستثمار وجنونه !
كنت أتأمل إحدى الصور التي أوردتها الصحف بمناسبة الاكتتاب في مصرف الريان في دولة قطر الشقيقة، وكانت الصور توضح آلاف المستثمرين ( وليس المشجعين ) في أحد الملاعب القطرية وكأنهم يتابعون إحدى مباريات كرة القدم ذات الشعبية الكبيرة في دول مجلس التعاون. .. وسالت نفسي: هل تفوق الوعي الاقتصادي والاستثماري على الوعي الرياضي ؟ وخاصة التعصب الكبير للأنشطة الرياضية لدى مواطني مجلس التعاون ..لاأخفيكم سراً، كنت من المؤيدين لهذاالتفوق ! ليس لعدم اهتمامي بالنشاط الرياضي، وإن كنت لست من المتابعين له ولدي اهتمامات أكبر وأهم منه، ولكن في اعتقادي أن الوعي الاستثماري يعتبر إحدى الثقافات الاجتماعية المطلوبة في هذا الوقت ، وأظن أن المجتمع هو الرابح الكبير من هذا الهوس الاستثماري الكبير ولا أظن أن المجتمع سيخسر من هذا التدافع والسيل الجارف نحو الاستثمار .. بل هو مطلب لتحريك المدخرات والأرصدة الجامدة في البنوك، ولكن الأدهى والأمر ، لماذا هذا التدافع وشد الرحال بقطع آلاف الكيلومترات للاكتتاب بمبلغ قد لا يوفر الحد الأدنى منه إن حصّل تكاليف هذه الرحلة ومخاطرها ؟ الأمر الآخر، لماذا فشلت التقنية الحديثة في إعطاء الفرصة للمكتتبين بالاستثمار دون الحاجة إلى الخوض في مخاطر السفر والانتظار في صفوف طويلة يضطر فيها المستثمر إلى البقاء ليلاً ونهاراً في انتظار الفرصة، وكأن هذا المستثمر ينتظر إعطاءه المال وليس ليدفع المال ! في حالة غريبة لا نراها إلا في مجتمعاتنا ، وتتكرر حتى عند سداد الاقساط والفواتير! المدهش أيضاً في الأمر ما وصل إليه التعاون الاقتصادي الخليجي تحت مظلة مجلس التعاون؟ وهل عجز عن حل مشكلة الاكتتابات للمواطن الخليجي ، فكيف إذاً بعملة موحدة ! أو تنقل بين دول الخليج بالبطاقة الشخصية؟
كل ذلك يهون في سبيل هذا السيل المتدفق من السعوديين المسافرين إلى قطر وقبلها في "دانة غاز" في الإمارات حاملين هذه الاستثمارات السعودية، ألا توجد قنوات استثمارية ؟ ولماذا بقي العديد من الشركات تنتظر دورها في طرح أسهمها للاكتتاب لامتصاص هذه السيولة الكبيرة قبل أن تغادر مع الطيور المهاجرة إلى الدول المجاورة ؟ وهل سنسمع عن مدينة جديدة مثل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، تبدأ في طرح أسهمها للاكتتاب ، وتحتضن هذه الأموال قبل أن نقرأ عليها السلام ؟
كاتبة سعودية