إلا الماء
الماء هو أهم عنصر في بقاء الإنسان ولا ريب إذا ما كان هو أهم وأغلى منتج على سطح الكرة الأرضية، لذا لم نستغرب حين تبارى المفكرون والمنظرون حول التأكيد على أن الحرب العالمية القادمة ستكون على المياه ومن أجلها.
من جهتنا كسعوديين فقد أحسنا استثمار هذه النعمة بدءاًَ من مشاريع الهدر الضخمة التي واكبت زراعة القمح خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات الميلادية، وبعد أن أفرغت الآبار والعيون وحتى البحيرات من مياهها، أدركنا أننا كنا مخطئين، وها نحن نسير على خطى الهدر الضخم من خلال المشاريع القائمة التي لا تجد في تقنين المياه ما يستحق أن يلتفت إليه، فالمشاريع الإسكانية في معظمها تفتقد مسارب الصرف الصحي وسباكة المنازل غير محددة الصنابير وفق فوضى عارمة، لن نستغرب بعدها إذا ما أعلنا عوزنا مائياً!!
المتابع للحال الإسرافية في المياه لدينا، يشك في أننا نقع في منطقة مدارية جافة قليلة الأمطار، وقد ينتج ذلك كتأصيل لفكرنا الذي ينطلق من أننا أمة تستهلك أكثر مما تنتج، لذا كان حري بالدولة ممثلة بكل الجهات ذات العلاقة أن تهب لحماية هذه الثروة ليس فقط بالترشيد والتوعية، لكن بالفعل الحقيقي القائم على مبدأ اختزال استهلاكه أو بالقدرة على تدويره كما تفعل دول متقدمة الآن.
في البدء وضع آلية بنائية للمساكن والمحلات التجارية تشدد على عدم الهدر ومراقبتها في كل تجرد وبعيداً عن الفوضوية التي تعتري عمل كثير من البلديات ذات العلاقة بالمساكن، من حيث أجهزة الترشيد وعدد الصنابير وما يذهب إلى الزراعة سواء داخل المنزل أو خارجه.
أيضاً البدء باستراتيجية جديدة تضمن الاستفادة الكاملة من كل ما هو خارج من المنزل والتجربة البريطانية قائمة ومتاحة من حيث تقسيم الخدمات المائية في المنزل الواحد إلى عدة أقسام، كما هو التقسيم خاص بالخارج عبر مسارب متعددة، ضمنت الاستفادة من الماء داخلاً وخارجاً، وفق التقنية العالية الخاصة بمعالجة هذه المياه الخارجة.
قد يقول قائل إن حاجتنا من المياه وافرة ولا علينا من القيد والتقييد في هذا الشأن ونقول إن المياه بالذات تحتاج إلى خطط استراتيجية تضمن حتى لأحفادنا نعمة توافر الماء، وعليه فعلينا أن نجتهد من أجل معرفة الأسباب المختلفة التي تعوق من تنمية مواردنا المائية والسعي إلى إيجاد الحلول لها أو للمشاركة في مواجهة التحديات الناجمة عنها.
وأخيراً أشير إلى أن الأهمية الكبرى للمياه مازالت دون الوعي المطلوب لدى الشارع السعودي، وقد يكون السبب في ذلك جعل الأمر الإرشادي والتوعوي خاصاً بوزارة المياه فقط، مع أن المهمة وطنية وتمس الجميع، فكان جديراً أن تنطلق من كل الاتجاهات وصوب الجميع، حتى المنابر الدينية وخاصة فيما يتعلق بخطب الجمعة فكان جديراً أن تتطرق لهذا الأمر بكثير من الشرح والتنوير لأهميته، فمثلما يلح الخطيب في الدعاء لأجل نزول المطر فمفضل أن يدرك الحاضرون أهمية ما هم عليه من نعمة وبكيفية المحافظة عليها.