الرياض للعائلات .. والعزاب للخارج!!
حفظا للحقوق فالعبارة ليست لي، ولكن كانت رسائل يتم تداولها وأضفت إليها بعض التعديل، حيث كانت تركز على أن الرياض للعائلات، وأن على العزاب الاتجاه للجهة الأخرى، بمعنى عدم دخول الرياض.
من وضع هذه الرسالة أو فكر فيها وصممها لم يبتعد عن الصواب والحقيقية في رؤيتي الشخصية، لأننا الآن نحاول دخول عالم الصناعة السياحية، ونحن للأسف دائما ما نأتي متأخرين، وإن حضرنا متأخرين فإننا نطبق الأنظمة والتشريعات الجديدة والحديثة.
وما يحدث في عالم السياحة لدينا مازال "ألف باء تاء سياحة"، فلم نلاحظ التغيير الجوهري الحقيقي المطلوب من حيث ثقافة مجتمع، ولا من حيث الترويج والتسويق لمهرجات تسوق هنا أو هناك، ولا أفهم لماذا يترسخ في أذهان الجميع أن السياحة لدينا هي تسوق ومطاعم وألعاب! هل هذه هي السياحة المنشودة؟!
ولا أفهم حقيقة هذا التركيز على الشباب حين يسافرون إلى الخارج للسياحة، بأن توضع الحملات الإعلانية أو البرامج والدعوات لكي لا يسافروا إلى الخارج، وأن عليهم أن يمارسوا السياحة في بلدهم، ونلاحظ كل صيف التركيز الهائل على الشباب العزاب، وكأنهم يمارسون أخطاء لا تغتفر، وأنهم يفتقدون الحصافة والقرار، وأنهم غير مدركين للمخاطر في السفر. وأقدر كل هذه الحس الوطني، ولكن أين البديل؟!
حقيقة لا يوجد بديل للشباب، أشاهد وأتحدث مع الكثير، فلا أجدهم إلا في المقاهي خارج الرياض، فيحتاج إلى السفر لمدة نصف ساعة لكي يصل إلى هناك، وكأنهم منبوذون، وتأكيد على أن سلوكهم خاطئ وغير حضاري وصحي، وأتفهم المبررات .. لكن هل هذا هو الحل الصحيح؟!
نجد العزاب والشباب، حتى المتزوج الذي لا يستطيع أن يدخل مركزا ترفيهيا برغم محدوديتها لدينا، مع عائلته وأولاده، نجد هؤلاء الفئة من المنبوذين يتسكعون في الفنادق والمقاهي والشوارع ومضايقة المارة، ويمكن أن يتصرفوا تصرفات سلوكية غير جيدة وغير حضارية، وأعيد السؤال: ما البديل؟! لا يوجد.
يجب أن نقر أننا نسينا أو نسي المسؤول أن لدينا شباب وطاقة، وعالم مهول من تقنية الاتصالات سواء من الإنترنت والجوال وغيره. أصبح الجميع يعلم ويدرك كل شيء خلال ثوان، من تغيرات الأحداث العالمية، والأماكن الجديدة والمغريات الكبيرة في الدول الأخرى سياحيا. إذاً ما الذي يجبر هؤلاء الشباب على الانتظار والبقاء هنا؟
يجب أن نبتعد عن رؤية أن السفر هو سلوك خاطئ أو أنه يعني سلبيات أكثر منه إيجابيات للشباب ونمارس الوصاية عليهم، لأن لكل قاعدة شواذا، ولكن يجب أن ندرك أن الشباب لا يمارس سلوكا خارج قناعته ورؤيته، وبالتالي من الصعوبة جدا أن نقول للشباب إن ما لدينا هو الأفضل لا غير، هذه اللغة انتهت. وإذا لم نقترب من الشباب ونتلمس حاجاتهم وفق قواعدنا الإسلامية فإننا لن نجد إلا مزيدا من الهجرة السياحية للشباب!
يجب أن ندرك أن الشباب لدينا لا يجدون متنفسا حقيقيا، والسؤال للجميع وللمسؤول قبل غيره: الشباب .. أين يمارسون سياحتهم في رأيكم؟ هل لدينا فنادق على مستويات عالية من التكامل كما تقدم في الخارج؟ هل يوجد لدينا الشواطئ الراقية المنظمة والشاليهات الخاصة؟ هل توجد المسارح والعروض الفنية الراقية؟ هل توجد المهرجانات الثقافية ووسائل الترفية الحقيقية لهم؟
النواقص كبيرة، وهي عائق اجتماعي وعادات وتقاليد لن تضعنا في مصاف الدول السياحية، لأننا لم ندرك بعد ونتفهم الآخر. للحقيقة لم أشاهد أجنبيا واحدا أتى للسياحة في بلادنا. قد يأتون .. ولكن كم أعدادهم؟ بالعشرات! إذاً الأجنبي لم يأت لدينا سياحيا فهل نطلب من المواطن الشاب المتفتح المتعلم المدرك لهذا العالم لنقول له إن بلدنا سياحي! لم نصبح مقصدا سياحيا للآخرين، حتى نكون مقبولين داخليا.
أركز على معضلة تصنيف الشباب، فهم المنسيون، والمغيبون في كل ما هو ذو شأن ترفيهي، وطاقات الشباب إذا لم تمتص وتستوعب وتوظف إيجابيا فيجب ألا نلوم الكثير منهم على السفر للخارج، بل أقول دعوهم يسافرون ليكسبوا المعرفة والثقافة من الخارج، ويكونوا أكثر خبرة ودراية ومعرفة من الانغلاق الداخلي الذي سيكون سلوكه سلبيا جدا بكل أصنافه ولا لوم عليهم، فمتى وجد الشباب متنفسا حقيقيا وجدنا مجتمعا أكثر حضارية ومرونة وتقبل للآخر بدلا من التوتر والشد النفسي الذي لا ينتهي ونشاهده كل يوم في مجتمعنا!