العلاقات الدولية الاقتصادية من منظور رياضي
سؤال استنكاري: هل هناك علاقة تبادلية بين الاقتصاد كمنهج تطبيقي والرياضيات كعلم أكاديمي؟ والإجابة (نعم) فالعلاقات الاقتصادية بين الدول – وإن كانت تبدو متشابكة – إلا أنه يمكن التعبير عنها بمعادلات وصيغ رياضية لها مدلول واضح وبسيط.
ففي ظل النظام الدولي الجديد، تظهر كافة الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة والتي تربو على 191 دولة "كمجموعة من الدوائر لها مركز مشترك - وحيد" هو الولايات المتحدة الأمريكية. قد يختلف محيط أية دائرة لتظهر دولة ذات ثقل اقتصادي على الساحة الدولية كدائرة كبرى أو دولة نامية ذات دخل منخفض كدائرة صغرى تبعاً لبعدها أو قربها من المركز، ولكن تظل النسبة بين اتساع هذا المحيط وبعده من المركز لها قيمة ثابتة دائماً لا تتغير لكل الدول مهما كانت أهمية ومساحة الكيان الاقتصادي لأي من هذه الدول.
أما على النطاق الإقليمي فإن استخدام الرموز والدلالات الرياضية يكون أكثر تحديداً والأمثلة على ذلك عديدة، فمجموعة الدول العربية الاثنتين والعشرين يمكن تمثيلها "بمخروط" له رأس واحد مشترك وعدة مستويات يمثل كل مستوى منها دولة عربية حسب ترتيبها في السلسلة الدولية ونصيب الفرد من الدخل الوطني الذي يراوح من أقل من 400 دولار في موريتانيا والصومال إلى ما يزيد على 12 ألف دولار في الإمارات والكويت. وكل مستوى هو في حقيقة الأمر قاعدة لهذا المخروط الذي يجمع هذه الدول المتآلفة (المتحدة) في "جسم مخروطي كامل الشكل".
وعلى النقيض من ذلك فإن مجموعة الدول الأوروبية – وإن كانت تبدو متحدة – إلا أن التمثيل الرياضي لها هو "لمجسم قطع ناقص أو إهليلجي" له بؤرتان ثابتان وتستقر على النقط المكونة لحدود هذا المجسم كافة دول المجموعة الأوروبية باستثناء الدولتين المتنافستين على زعامة هذه المجموعة وهما فرنسا وألمانيا اللتان تستقران في بؤرتي هذا القطع.
أما فيما يتعلق بمجموعة اليابان والصين وبقية دول نمور آسيا (الآسيان) والتي ظهرت على الساحة الدولية أخيراً كقوة اقتصادية مؤثرة فإنها تمثل رياضياً مجموعة (لا نهائية) تتزايد قيمتها مع الزمن وهي مستمرة في ذلك، في الوقت الذي تبدو فيه مجموعة الدول الإفريقية بعد الاستقلال مجموعة (متنامية الصغر) تقترب من الصفر ولكنها لا تبلغه. أما مجموعة الدول الشيوعية سابقاً والتي اختفت من الخريطة الدولية الاقتصادية فهي تصنف رياضياً باعتبارها مجموعة (خالية) أو (عدمية) خالية من العناصر.
وإذا كان هذا هو التعبير عن القواعد الرياضية المنظمة للعلاقات بين مجموعات الدول إقليمياً، فإن التعبير الرياضي للأنظمة السياسية القائمة في بعض الدول يأخذ تعاريف رياضية محددة كالتالي:
إسرائيل وفلسطين
ستظل إسرائيل دائماً "لوغاريتما معكوس العدد" أي مسبوقاً على الدوام بعلامة سالبة حتى وإن نجحت في كسر عزلتها عن الدول العربية المجاورة وحاولت إقامة علاقات سياسية واقتصادية وتجارية معها, وفي الوقت ذاته فإن فلسطين ستبقى على الدوام "عدد صحيح غير كسري" في "المتوالية العددية" العربية.
ألمانيا الموحدة
تمثل نموذجا لنظام رياضي "ثنائي العد" يستخدم فيه فقط الرمزان الصفر والواحد الصحيح ويمثل الصفر في هذا النظام ألمانيا الشرقية (سابقاً) والواحد الصحيح هو بالضرورة ألمانيا الغربية "سابقاً" ومعلوم أن الصفر إذا ما أضيف إلى الواحد الصحيح فإن حاصل الجمع يساوي دائماً الواحد الصحيح بدون زيادة أو نقصان.
أيرلندا الشمالية
هي رياضياً "الضلع الثالث الناقص في مثلث" ما يسمى بريطانيا العظمى التي تضم إنجلترا – أيرلندا – أيرلندا الشمالية.
العراق
ينظر إليها رياضياً في الوقت الراهن باعتبارها "زاوية خارجة" عن الإجماع العربي وتسعى إلى تكريس التجمعات الإثنية غير العربية وإعطائها دوراً أكبر في إدارة الدولة.
سورية ولبنان
ستظل كلتا الدولتين "زاويتين متجاورتين" تتمم كل منهما الأخرى من أجل استقامة الخط بينهما مهما كانت الظروف.
وختاماً فإن هذا ليس نقدا للأوضاع الدولية والاقتصادية الحالية بل مجرد وجهة نظر متخصص في الرياضيات في الأوضاع العالمية مع بداية القرن الحادي والعشرين.