الشوارع أهم من الأرصفة

تتسابق معظم البلديات في مدن المملكة على صب اهتمامها على أرصفة الشوارع فتصرف الملايين على تزيينها وتبليطها وتشجيرها ومد شبكات الري لها, بل إن البلديات تأخذ من المساحة للأرصفة يمينا وشمالا وفي الوسط أكثر مما تخصصه للشوارع. حتى أن معظم البلديات لا تجد ما تبدع في عمله سوى الأرصفة فتجلب لها البلاط الملون والمزخرف ويتفنن العمال في إبداع أشكال أحواض الأشجار والزهور وكأن عمل البلدية محصور في هذه الأرصفة التي أكلت الأمتار المخصصة للشوارع والسيارات وأفرغت ميزانية البلدية نظرا لأن الصرف على الأرصفة فاق حدود المعقول, بل إنه أصبح الشغل الشاغل لمعظم البلديات وكأن البلدية مسؤولة فقط عن الأرصفة, أما الشوارع فتركتها البلديات نهبا للحفريات والتشققات والمطبات, وكلنا يعلم أن الشوارع في بلادنا أكثر أهمية من الأرصفة لأننا شعب قليل في مساحة أرض كبيرة و90 في المائة من السكان سواء مواطنين أو مقيمين يمتلكون سيارات ولذلك فأرصفة الشوارع لدينا لا يسير عليها أحد إلا نادرا ما عدا أرصفة شارع البطحاء في الرياض وما شابهه من الشوارع في جدة أو غيرها من المدن الكبيرة جدا والمكتظة بالعمال, حيث يتجمعون يوما في الأسبوع. أما بقية شوارعنا في جميع أنحاء المملكة فلا تحتاج إلا إلى رصيف بحجم عمود الإنارة أو جذع الشجرة أما ما عدا ذلك فهو سطو على حق أصحاب السيارات وتضييق عليهم في طريقهم. الأرصفة الواسعة والمبلطة والمزخرفة والمظللة بالأشجار ينبغي أن تكون موجودة في مدينة مثل بكين أو بومباي أو القاهرة أو غيرها من المدن المكتظة بالسكان, أما مدينة الرياض وهي أكثر المدن ازدحاما بالبشر فلا يسكنها سوى نحو أربعة ملايين نسمة والكل يرى حين يسير في شوارعها ازدحام السيارات وليس ازدحام البشر, مما يدل على أن الشوارع التي تسير عليها السيارات هي التي تحتاج من البلديات إلى اهتمام أكثر ورعاية دائمة وأن تعطى الشوارع من المساحة أكثر مما هو حاصل الآن. لقد ضج الناس بالشكوى في كل مدينة وقرية مما تتعرض له شوارعهم من حفر وتكسير على أيدي مقاولي الصرف الصحي والماء والهاتف وغيرهم من مقاولي الشنطة الذين أتيحت لهم الفرصة للتعلم في شوارعنا ففعلوا فيها ما يريدون وتركوها ليس كما تسلموها بل تركوها تصلح لكل شيء إلا أن تكون طريقا تسير عليه السيارات, فانتعشت وازدهرت سوق أصحاب قطع غيار السيارات وكثر الطلب على "المساعدات" و"الجلد" و"الركب" و"الأذرعة" مما يؤثر سلبا في نظام التعليق في المركبة. الغريب أن البلديات لديها نظام الارتداد خاص بالمساكن والمحلات التجارية يحدد المساحة الواجب تركها بين المبنى والسور وبين المحل التجاري والشارع, أما بالنسبة إلى الأرصفة في شوارعنا فلم أر لها تقنينا معينا فكل بلدية أو مهندس أو مساح يقترح ما يراه لجمال الرصيف وشكله وينفذ بالمساحة التي يراها مقتطعا جزءا كبيرا من الشارع الذي أحوج ما تكون له السيارات التي تتكاثر في بلادنا بشكل ينذر بخطر شديد من جراء الازدحام وضيق الشوارع وقضم الأرصفة مساحات كبيرة منها.
سكان الرياض وغيرها من المدن الكبيرة يضجون بالشكوى من الازدحام وهم لا يلامون, فلم تعد الشوارع قادرة على استيعاب العدد الكبير من السيارات في ظل ضيق الشوارع, ومن يلاحظ حجم الجزيرة الوسطى في الدائري الشرقي أو الشمالي يعرف أن سبب الازدحام من كبر الرصيف وصغر الشارع. إن للشوارع حقا عليكم فأعطوها حقها حتى لا يزدحم الناس في الشارع والرصيف "فاضي".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي