صوتي كناخب

دائماً ما تطالعنا الأخبار بالمستجدات في عالم الانتخابات, ودائماً ما يكون محور الموضوع هو المرشح للانتخابات من انسحب ومن ترشح وما البرامج وكيف ولماذا ومن ومتى؟
ولا نعرف عن الناخبين سوى أن عددهم كذا ويستطيعون الذهاب للانتخاب يوم كذا وطريقة الانتخاب كذا.
ولكن الواقع أن التجربة الحقيقية غير ما نسمع ونقرأ, فالناخب للمرشح هو قريب أو صديق شخصي أو صديق عمل أو حتى جار أو حتى "مصلحجي" (صاحب مصلحة), والذين تنطبق عليهم شروط الانتخاب, هؤلاء هم الناخبون.
وإلا لماذا أنتخب أشخاصا لا أعرف منهم سوى أسماء وصور من الصحف ووعود واقتراحات لا أعرف مدى جديتها.
وهذا يختلف مع من تعاملت معه حقيقةًً من الأشخاص الذين رأيت جديتهم وأخلاقهم ولمستها وتعلمت منها.
وبالطبع هناك الفئة من رجال وسيدات الأعمال المرشحين المعروفة جداً في المجتمع الذين يقدمون فكرهم ورأيهم وأموالهم لخدمة المجتمع وأبناء الوطن وهم من المفكرين والكتاب وكبار رجال وسيدات الأعمال وهذا يحسب لهم كرصيد سمعة حسنة حتى من قبل الانتخابات.
لذا سأحكي عن تجربتي كناخبة وشريكة في شركة عائلية ونائب المدير العام (ولست كمالكة ومديرة لمكتب الاستشارات لأن ليس لديهم حق الانتخاب والترشيح؟), وأخي كشريك ومدير عام من حقه اختيار من يرغب من الرجال والنساء أنا لدي هذا الحق أيضا ً . والواقع أننا اخترنا الأشخاص أنفسهم من الرجال والنساء تقريبا.
ولأن التجربة كأول مرة تستحق في نظري أن أخوضها, بينما أخي كرجل أعمال قدير ومتمرس وخبير طلب مني التصويت باسم الشركة لممارسة حقوقي للمرة الأولى كناخبة.
والنتيجة أننا اخترنا من نعرفهم فعلاً ونعرف عنهم السمعة الحسنة وبالطبع أعجبتنا برامجهم التي تناسب احتياجاتنا .
وبدأت التجربة بدخولي مقر الانتخاب وهو للنساء فقط (دخت شوية بسيطة حتى عرفته, فلم تكن هناك أي لوحات إرشادية تدل على الموقع وأخذت لفتين بالسيارة حول الغرفة التجارية حتى عرفت إلى أين أتوجه وهو من الخلف وفي مدخل قاعة إسماعيل بن داود),
استقبال جميل ومنظم ووجوه باشة مبتسمة فرحة مع أنني ذهبت في اليوم الثاني, وعدد كبير من المنظمات والمساعدات والمؤيدات وعدد متوسط من المرشحات اللاتي وجدن في الموقع بينما لم أر البقية, وقامت إحدى المرشحات بشرح طريقة الاختيار لي بدقة بينما كان هذا من واجب المنظمات, وتمت عملية التدقيق في الأوراق بكل بساطة وتم الاقتراع السري بكل سلاسة يعني تقريبا الإجراءات كانت منظمة نوعاً ما وممتازة كمرة أولى.
تحية شكر وتقدير لكل العاملات في التنظيم من طرف وزارة التجارة وطرف الغرفة التجارية.
وكما قرأت وعلمت أن عدد الناخبات كان أقل من المتوقع, ومع هذا جميع الحاضرات سعيدات بالتجربة فهي تجربة غنية علمتنا أصول الانتخابات وعلمتنا كيف ندعم ونساند الغير وكيف نمارس الحقوق والواجبات كنساء نتعلمها من خلال التجربة, والنتيجة المهمة هي الحصول على هذه الحقوق وتنفيذ هذه الواجبات كمرشحات وناخبات ومنظمات حتى لو لم تفز أي سيدة في هذه الدورة.
الذي أحزنني في هذه التجربة هو عدم معرفة سيدات الأعمال اللاتي تنطبق عليهن شروط حق الانتخاب بهذا الحق, ولعلهن يعلمن ولكن لا يوجد دافع كاف للقيام بهذا كحق لها وكواجب عليها، فكما هو مسجل أن عدد السجلات التجارية باسم النساء أكثر من ألفي سجل ولا أعلم بالضبط العدد الذي صوت ولكن حتى كتابة هذا المقال لا يتجاوز 60 -70 سيدة فقط حسبما وصلني من معلومات.
وما أفرحني في هذه التجربة هو حدوث موقف خلال التصويت أثلج قلبي، وهو دخول سيدة أخرى للتصويت وهي أمية لا تعرف القراءة والكتابة وتنطبق عليها شروط الانتخاب وتحمل ورقة بأسماء مرشحيها؟ وتقول ما يهمني هو مصلحة المجتمع ولو كان اختياري غير صحيح أرشدوني.
وأكبرت في هذه السيدة اهتمامها وقدومها لتأدية هذا الواجب حتى لو أن غيرها من يقوم بتوجيهها.
فأين هن سيدات الأعمال حاملات الشهادات وصاحبات المشاريع اللاتي يطلبن تحسين وتغيير الأوضاع دائماً؟
وما أفرحني أيضاً هو وجود الكثير من المؤيدات للتجربة ولا تنطبق عليهن شروط الانتخاب ولكن يقدمن الوعود بالتأثير في خيارات رجالهن في اختيار المناسبة من المرشحات.
وتسجل هذه التجربة كنقطة لصالح غرفة جدة أتمنى أن تستفيد منها باقي غرف التجارة في المملكة.
ولا بد أن أذكر أن صوتي كناخب لا يؤيد النساء فقط بل صوتي لا شك لمن أعتقد وأتمنى أن يكون الأفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي