بعض مشاهد العنصرية والوحشية الإسرائيلية

لا شك أن معظم وسائل الإعلام العربية والغربية لا تعرف بدقة ما يحدث داخل المجتمع الإسرائيلي من صور وأشكال شديدة التطرف من التمييز والعنصرية ضد العديد من الجماعات والطوائف الدينية والعرقية بعضها يهودي الديانة. ولا شك أيضاً أن الدولة العبرية ونخبتها الحاكمة قد نجحت في إخفاء حقيقة ما يدور داخل المجتمع الإسرائيلي عن الرأي العام العالمي الذي تواصل ابتزازه بما جرى لليهود من وقائع اضطهاد في التاريخ الأوروبي، كما نجحت في تقديم صورة مشوهة للعرب والمسلمين باعتبارهم ممارسي العنصرية والتمييز الأوائل في العالم ضد المرأة والأقليات العرقية والدينية والمذهبية في بلادهم. من هنا فإن بذل مزيد من الجهود العربية والإسلامية من أجل تعريف العالم بحقيقة ما يجري في إسرائيل من ممارسات تمييز وعنصرية يبدو اليوم مهمة ذات أولوية تستحق أن يوفر لها أوسع قدر ممكن من الجهود والمصادر المادية والبشرية.
ومن بين آلاف الوقائع والأحداث العنصرية التي يعج بها المجتمع الإسرائيلي, التي يكفي نشرها كما هي لكي يعرف العالم حقيقة الادعاءات الإسرائيلية، نسوق اليوم بعضاً منها كمجرد عينة لهذا الوضع المأساوي داخل إسرائيل. ففي أسبوع واحد تدفقت عشرات من الممارسات العنصرية في الصحافة الإسرائيلية نفسها بدأت بما جاء في إحدى تلك الصحف من أن السياسات الاقتصادية الإسرائيلية التمييزية ضد عرب 1948 قد بدأت تؤتي ثمارها، حيث أكدت الصحيفة أن عدد المواليد بين السكان العرب في إسرائيل انخفض بنحو 3.4 في المائة خلال عام 2004 بسبب خفض المخصصات الحكومية للأطفال على مدار العامين السابقين. ويبدو واضحاً تماماً أن تلك السياسات الإسرائيلية التي تدفع نحو تقليل نمو السكان بين عرب 1948 تهدف بشكل أساسي إلى حماية الأغلبية اليهودية والحفاظ عليها داخل الدولة العبرية من أي نمو سكاني فلسطيني. وتؤكد الصحيفة الإسرائيلية نفسها أنه وفقاً لمصدر في وزارة المالية الإسرائيلية فإنه إذا تمت إعادة دفع المخصصات نفسها للأطفال في الأسر الكبيرة فإنه ستظهر في النقب, أكثر المناطق التي يعيش فيها عرب 1948, الأسر التي لديها 20 طفلاً وتعيش على حساب الدولة، بما يؤدي إلى تقويض الأغلبية اليهودية في إسرائيل. هذه هي السياسة التي تتبعها الدولة التي تقدم نفسها للعالم وللغرب باعتبارها أكثر دول الشرق الأوسط ديمقراطية وحفاظاً على حقوق الإنسان تجاه عرب 1948 الذين هم جزء من مواطنيها, يمثلون نحو 20 في المائة منهم، وهو ما يجب تقديمه للعالم كما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية دون تدخل منا حتى يعرف حقيقة ما يجري في هذه الدولة.
وليس فقط الأطفال العرب من حاملي الجنسية الإسرائيلية هم الذين يواجهون هذه العنصرية الرسمية الإسرائيلية، فالأطفال اليهود أنفسهم المنتمون إلى بعض الطوائف العرقية مثل الإثيوبيين يواجهون صوراً مماثلة لها. فقد نشرت إحدى الصحف الإسرائيلية باللغة العبرية أن إحدى المدارس الدينية الابتدائية في مدينة اللد فتحت فصلاً دراسياً في روضة الأطفال تقتصر فيه الدراسة على التلاميذ الذين يرجعون إلى أصل إثيوبي في حين أبقت فصلين آخرين للأطفال من مواليد إسرائيل فقط. وعندما تساءل أولياء أمور هؤلاء الأطفال الإثيوبيين عن سبب هذا الفصل العنصري لأبنائهم، رد المسؤول عن الروضة الدينية بأن هذا الأمر طبيعي، فهناك فصل بين البنين والبنات، وطبيعي أن يكون هناك فصل آخر بسبب اختلاف الطوائف. وأورد التحقيق نفسه وصف والدة أحد هؤلاء الأطفال الإثيوبيين هذا التصرف، بأنه عنصري ومهين، وأنه يجب التوقف عن التعامل معنا نحن الإثيوبيين على أننا منبوذون، وأضافت: "لقد كانوا يعاملوننا في إثيوبيا معاملة سيئة لكوننا يهوداً، وفى إسرائيل يعاملوننا معاملة سيئة بسبب لون بشرتنا".
ومن التمييز ضد الأطفال العرب واليهود الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية إلى ممارسات الجيش الإسرائيلي الوحشية مع القتلى الفلسطينيين في الانتفاضة. فهاهي شهادة حية لأحد الجنود الإسرائيليين نشرتها صحيفة إسرائيلية هي "يديعوت أحرونوت" عن كيفية تعامل أفراد وحدته مع فدائي فلسطيني فجر نفسه عند أحد الحواجز الإسرائيلية، والشهادة أتت ضمن تحقيق مطول عن قيام الجنود الإسرائيليين بالتمثيل بجثث الفلسطينيين. يقول الجندي: "كانوا سعداء وهم يصيحون فرحا وأخذوا يدا من الجثة وشبكوها في ساقه، ولعبوا بالجثة لعبة إكمال الصورة ثم أخرجوا الكاميرات وطلب أحدهم التقاط صورة له مع رأس القتيل المقطوعة، وضحكوا وغرسوا الرأس في قضيب حديد فبدأت كأنها خيال "مآتة". ويستكمل كاتب التحقيق الصحافي بمشاهد أخرى مرعبة من النوعية نفسها, مؤكداً قبلها أن التمثيل بالجثث تحول إلى سر معلن بين جنود وحدات الجيش الإسرائيلي، حيث يقول جندي إسرائيلي آخر تعقيبا على حادث قطع جثة الفدائي الفلسطيني والتصوير معها ووضع سيجارة في فم رأسه المفصولة عن جسده, إن هذا المشهد كان مثيرا للضحك وسط الجنود وكيف كانوا سعداء به، وأنه حاول أن يقول لهم إنهم مقززون ولكنهم لم يفهموا عن أي شيء يتحدث. ويضيف الجندي أن أحد الجنود قام بعرض الصور للبيع بسعر رمزي " شيكلان" وكان هناك من اشتروا من أفراد الوحدة هذه الصور. وأنهى الجندي الإسرائيلي شهادته بأنه عندما صرخ فيهم اتركوا الأشلاء هل أنتم حيوانات؟ أجابه أحدهم لماذا تأثرت هكذا؟ إنهم عرب!
هذه هي نوعية المشاهد والممارسات والتعليقات الإسرائيلية التي يجب نقلها للعالم عن الصحافة الإسرائيلية نفسها ودون أي تعليق من جانبنا حتى يدرك هذا العالم حقيقة هذه الدولة التي تخدعه بدعايتها في حين أنها تعد نموذجاً صارخاً للتمييز والعنصرية ومعاداة حقوق الإنسان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي