فارق الدخل بين الرجل والمرأة!

أجد نفسي دائماً أبحث عن الفروقات بين الرجل والمرأة فيما يخص النشاط الاقتصادي والاستثماري وكأني بذلك أتسلى في لعبة أبحث عن الاختلافات السبعة! ولحسن حظي دائماًً ما تقع عيني على هذه الاختلافات ولكني أعجز عن تفسيرها وإيجاد مبررات مقنعة عن أسبابها , والمحير عندما تتفاوت هذه الاختلافات من مصدر لآخر.
منذ فترة اطلعت على تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2005م والذي لاقى صداً إعلامياً واسعاً نتيجة ما تضمنه من مؤشرات وأرقام أدت إلى اختلافات في وجهات النظر حول المقاصد من نشر هذه المعلومات ومدى تمثيلها للواقع في هذه الدول. وقد لاحظت ضمن المؤشرات التي تضمنها والتي دائماً ما أبحث عنها في وضع المرأة السعودية ومقارنتها بوضع المرأة في الدول الأخرى أن التقرير يشير إلى أن المرأة السعودية تحتل المرتبة 153!! في حجم الفارق بين دخلها ودخل الرجل ولا أظن أنه تسبقنا دول في هذا المضمار. فذاكرتي تقول إن الدول التي يتضمنها التقرير إما 153 وإما 155 وهذا سيان. إذاً لماذا نحتل هذه المرتبة المتأخرة ؟ هناك بالطبع العديد من العوامل والأسباب المؤدية لذلك. ولكن قبل محاولة معرفتها نعود إلى تقرير محلي آخر صدرعن وزارة العمل في المملكة.. وأظهرته بعض الصحف أخيراً، ومنها صحيفة الوطن يوضح أن متوسط أجور الإناث في السعودية أعلى من الذكور إذ إن متوسط الأجر الشهري للعاملات في القطاع يبلغ 1719 ريالا فيما يبلغ الأجر الشهري للرجال 1389 ريالا.. ومن هنا وببساطة عندما نقارن بين نتائج التقرير الدولي والتقرير المحلي..تبدو النتيجة أكثر غرابة فكيف يكون دخل المرأة في السعودية أعلى من الرجل وهي تحتل المرتبة الأخيرة عالمياً في الفارق بينها وبين الرجل !
ومن زاوية أخرى، إذا ما هو ترتيب دخل الرجل في المملكة إذا ما كانت المقارنة عالمية !؟ وهو يقل بنسبة 20 في المائة عن دخل المرأة في المملكة وهي تحتل المرتبة الأخيرة تقريباً مقارنة بينها وبين دخل الرجل!
هذا التناقض الصريح في نتائج التقريرين يعود بنا إلى السؤال عن الدقة في المعلومات ومصدرها، من الواضح أن تقرير وزارة العمل يتحدث عن دخل المرأة العاملة في القطاع الخاص وهذا قد يكون مقبولاً إلى حد ما وليس دائماً، بينما في القطاع الحكومي فمعروف أن الدخل متساو حسب سلم الرواتب الحكومي غير أن تولي الرجل لمناصب أعلى في الحكومة مقارنة بالمرأة يعطيه الفرصة لزيادة الدخل مقارنة بالمرأة حتى مع تساوي التأهيل وسنوات الخبرة! بينما في القطاع الخاص تأتي معايير الكفاءة والإنتاجية وهي المحددة للدخل، مع أنه لا تزال المرأة بعيدة عن تولي مناصب قيادية في القطاع الخاص تزيد من دخلها، مع أن المرأة قد احتلت المرتبة 86 عالمياً في نسبة مشاركتها في الوظائف الفنية ! بنسبة 6.4 في المائة من الإجمالي، ولست متأكدة من دقة هذه الأرقام المضمنة في التقرير..كما أشار إلى متوسط دخل المرأة السعودية نحو 4.4 ألف دولار ! تضعها في المرتبة (66) عالمياً..هذا والتقرير يؤكد أن المملكة تحتل المرتبة (44) بالنسبة لدخل الفرد من الناتج الإجمالي المحلي..بدخل يبلغ نحو 13 ألف دولار.
إن الأرقام المنشورة عن وضع المرأة الاقتصادي سواء من داخل المملكة أو من خارجها، دائماً تبدو متضاربة ومتعارضة وغير متوافرة بالدقة المطلوبة وهذا يُحدث إرباك وتشتيت للباحث والمتقصي للحقيقة التي تخص المرأة وكأن المرأة والمعلومات التي تخصها تتماشى مع الصعوبات التي تتعرض لها في العمل والنشاط الاقتصادي بصفة عامة..وهنا أسوق اقتراحي وأملي دائماً بأن تكون هناك جهة مختصة بالمرأة ترعى شؤونها وتطالب بحقوقها وتحافظ على مكتسباتها وتسعى إلى توفير المعلومات الخاصة بها بكل دقة ومصداقية وألا نجعل هذه الأرقام المتعارضة وسيلة للمساس بها وبمكانتها الاجتماعية كما هو الحال في احتلالها المرتبة الأخيرة عالمياً بأرقام تبدو غير منطقية إطلاقا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي