الإمارات تتربع على عرش التنافسية الاقتصادية خليجيا وعربيا
يشير تقرير صادر من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى على الصعيدين الخليجي والعربي فيما يخص مفهوم القدرة التنافسية. فقد حلت الإمارات في المرتبة رقم 18 من بين 117 دولة مشمولة في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2005.
يستند مؤشر "التنافسية الاقتصادية" إلى ثلاث ركائز رئيسية, وهي أولا بيئة الاقتصاد الكلي, وثانيا وضع المؤسسات العامة, وثالثا الاستعداد التقني للبلد. يقيس المعيار الأول أمورا مثل نتائج الموازنة ومعدلات اقتصادية أخرى مثل البطالة والتضخم. أما المتغير الثاني فيهتم بمدى وجود الشفافية في المعاملات الحكومية فضلا عن البيروقراطية. يبقى أن المعيار الثالث يقيس مدى انتشار وسائل الاتصالات مثل تقنية المعلومات والإنترنت.
ولغرض صياغة المؤشر اعتمد التقرير مصدرين متكاملين للمعلومات أولا المعلومات العامة, وثانيا استطلاعات رجال الأعمال لغرض صياغة المؤشر. يعطي المؤشر نقطتين لكل متغير أي ما مجموعه ست نقاط للمعايير الثلاثة مجتمعة. حسب التقرير تعتبر فنلندا أكثر اقتصاديات العالم تنافسية حيث جمعت 5.95 نقطة على المؤشر. وحلت أمريكا في المرتبة الثانية بعد جمعها 5.82 نقطة, ثم السويد ثالثا لحصولها على 5.72 نقطة.
يلاحظ أن التقرير أجرى تقييما لتسع دول عربية فقط (من بين 22 دولة أعضاء في الجامعة العربية) وهي حسب ترتيب أدائها في المؤشر العام: الإمارات, قطر, الكويت, البحرين, تونس, الأردن, مصر, المغرب وأخيرا الجزائر. يعتقد أن شُح المعلومات حال دون حصول بعض الدول العربية الأخرى على تقييم في التقرير السنوي والذي صدر للمرة الأولى في العام 2001. تمكنت الإمارات من جمع 4.99 نقطة على المؤشر وهي أفضل نتيجة لأي دولة عربية مشمولة في التقرير وعليه احتلت المركز رقم 18 على مستوى العالم (يعتبر هذا الترتيب تراجعا بحد ذاته حيث حلت الإمارات في المركز رقم 16 عالميا في تقرير العام 2004).
وقد جاء هذا الأداء المتميز لدولة الإمارات على خلفية أدائها اللافت في معيار بيئة الاقتصاد الكلي. فقد حصلت الإمارات على المرتبة الخامسة على مستوى العالم فيما يخص معيار بيئة الاقتصاد الكلي أو الشامل لعدة أسباب منها عدم وجود عجز متكرر في الموازنة العامة للدولة. الجدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي أشاد قبل فترة بالسياسة المالية لدولة الإمارات وعلى الخصوص مسألة السيطرة على المصروفات. بيد أن سنغافورة حلت في المرتبة الأولى عالميا في هذا المعيار تلتها كل من النرويج، فنلندا, والدنمارك على التوالي. في المقابل نالت الولايات المتحدة المرتبة رقم 23 على مستوى العالم في هذا المؤشر بسبب العجز المتكرر في الموازنة العامة, فضلا عن تراكم الدين العام.
أما بخصوص مؤشر المؤسسات العامة فقد جاء ترتيب الإمارات رقم 24 على مستوى العالم. وتكمن المشكلة في وجود البيروقراطية في المعاملات الرسمية على مستوى الدولة. لا شك يسجل لإمارة دبي نجاحها في برنامج الحكومة الإلكترونية لكن الحال لا ينطبق بالضرورة على الإمارات الست الأخرى (خليجيا تعتبر دولة قطر الأولى في هذا المعيار وذلك بحلولها في المرتبة رقم 19 على مستوى العالم). نالت كل من نيوزيلندا, الدنمارك, آيسلندا, سنغافورة, وفنلندا المراكز الأولى في هذا المؤشر, على التوالي. يلاحظ أن هذا المؤشر يهتم ببعض الأمور الحيوية مثل قبول بعض العاملين في المؤسسات الحكومية للرشاوى بقصد تسهيل إنهاء المعاملات الرسمية. أيضا يهتم المؤشر برد فعل الحكومة على من يستغلون وظائفهم الرسمية لتحقيق مآرب شخصية. بمعنى آخر هل تطبق القوانين على المخالفين أم أن هناك نوعا من تمييز وتفضيل ومحسوبية؟ يستند هذا المؤشر لحد ما إلى أداء الدول على مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية.
وفيما يخص المؤشر الثالث (مستوى انتشار التقنية) والذي يقيس مدى استعداد البلد لتقبل التقنية الحديثة حصلت الإمارات على أسوأ نتيجة من بين نتائجها على المتغيرات الثلاثة. تحديدا حلت الإمارات في المرتبة 33 على مستوى العالم الأمر الذي أضر بترتيبها العام على مؤشر التنافسية الاقتصادية. ليس من الواضح حجم الدور المحتمل لحكر خدمات الاتصالات بشركة واحدة في التأخر النسبي للإمارات في هذا المؤشر الحيوي. المعروف أن صناعة الاتصالات تؤثر بدورها في القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الخدمات المصرفية. كما هو متوقع حلت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى عالميا في هذا المؤشر لعدة أمور منها انتشار ثقافة الإنترنت, بينما جاء ترتيب كل من فنلندا, تايوان, السويد, والدنمارك في المراكز المتقدمة الأخرى, على التوالي.
ختاما, يبدو جليا أن النهج الاقتصادي المنفتح والمتبع في إمارة دبي على وجه الخصوص يسهم في تبوؤ دولة الإمارات العربية المتحدة مركزا متقدما على مستوى العالم على مؤشر القدرة التنافسية. المطلوب الآن هو تعزيز هذه الخاصية على الإمارات الست الأخرى, ويكشف طرح جانب من أسهم شركة (دانة غاز) للاكتتاب العام أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.