رسالة إلى هيئة سوق المال
هيئتنا الموقرة نحن على دراية تامة بأن ما يجري في سوق المال السعودية يحتاج إلى مزيد من الإجراءات الصارمة مثل التي تم اتخاذها في حق عدد من المنتفعين على حساب الغير. وأيضا نعي أن الهدف من إعلان خبر توقيف وإحالة بعض الأشخاص إلى لجنة المنازعات هو لردع كل من يمارس عمليات تداول مشبوهة ونحن نقف خلفك في هذا الشأن. لكننا لا نجد تفسيرا للطريقة التي تم من خلالها كبح جماح الأسعار في سوق الأسهم السعودية خاصة أن الضحايا كانوا من صغار المدخرين وهم الذين تحرص الهيئة على حمايتهم من الاستغلال والوقوع بين فكي سمك القرش؟ وما نرتجيه هو أن تتجنب الهيئة دخول معمعة الحركة السعرية وتحديد الأسعار العادلة للأسهم أو أن تتاثر الهيئة بوجهة نظر معينة سواء بخصوص تضخم الأسعار أو انخفاضها لأن في ذلك ضررا خطيرا لا تحمد عقباه وقد يشغل الهيئة عن مهامها الرئيسية.
فلنترك لقوى السوق (العرض والطلب ) أن تعمل ويكون دور الهيئة هو التنظيم والتشريع والإسراع بطرح فرص استثمارية جديدة مثل الاكتتابات الأولية والترخيص لصناديق استثمار تبتكر أدوات كالصكوك والسندات لتنشيط السوق الثانوية مما يحد من المبالغة في أسعار الأسهم. واللافت للنظر أن الإعلان عن الإجراءات الأخيرة بخصوص إيقاف بعض المضاربين والسماح بزيادات لرأس المال تم الإعلان عنها على دفعات وبشكل مربك. فلماذا لم يتم الإعلان عن تلك القرارات دفعة واحدة من خلال مؤتمر صحافي تنظمه الهيئة بنهاية تداولات كل يوم خميس ليتم من خلاله شرح جميع الخطوات والإجراءات والقرارات التي تتخذها الهيئة؟ فكما تعلمون أن البورصات، خاصة الأسهم، تعتبر درجة الحساسية فيها مرتفعة جدا وتتأثر الأسعار بشكل سريع ومخيف لأي خبر أو إجراء تتخذه السلطات المالية والرقابية، لذلك تتعامل هيئات أسواق المال بكل عناية وحذر مع أي معلومة أو إجراء تود الإعلان عنه. لذا كان من الممكن تجنب ما حصل في حركة أسعار الأسهم خلال الأسبوع الماضي حيث اتسعت النطاقات السعرية وأصبح التذبذب شرسا للغاية، فتارة تنهار الأسعار أكثر من 400 نقطة وتارة ترتفع نحو 250 نقطة. وذلك بسبب قيام الهيئة بتقسيط أخبارها المهمة على مدى ثلاثة أو أربعة أيام مما أثار موجة من التقلبات السعرية فتارة تتراجع بسبب الإعلان عن وقف اثنين من المضاربين وبعد أن تلتقط السوق أنفاسها في اليوم التالي يفاجأ المتعاملون بإعلان على شاشة ''تداول'' يشير إلى إحالة أربعة مضاربين ووسيط بنكي إلى لجنة المنازعات. أيضا وبعد انهيار أسعار الأسهم وفي أثناء الارتباك والتدافع نحو البيع برز على شاشات ''تداول'' إعلان يقول إن الهيئة وافقت على زيادة رأسمال اثنتين من الشركات وهما ''الكابلات'' و''صافولا''.
هيئتنا الموقرة إن هذا الأسلوب في التعامل مع البورصة يجعلك في صفاف كبار المضاربين وبدلا من أن تكوني مصدر ثقة واستقرار لسوق أسهمنا ستصبح الأمور أكثر تعقيدا ويفقد المستثمرين ثقتهم في البورصة السعودية. وقد يكون الحل الأمثل هو قيام الهيئة بوضع جدول زمني واضح لمؤتمر صحافي دوري تشرح من خلاله جميع التطورات والإجراءات المزمع اتخاذها دون أن تحدث ارتباكات غير صحية في حركة التعاملات. فكما هو معروف هناك حرص شديد من قبل جميع هيئات أسواق المال سواء كانت في أسواق ناشئة أو قيادية على أن تكون حركة أسعار البورصات متزنة وغير مرتبكة أو شديدة الانخفاض والارتفاع لكيلا تتراجع ثقة المستثمرين وتصبح النتيجة نزوح الرساميل الوطنية إلى الخارج.
هيئتنا الموقرة إن سوق المال السعودية تحتاج إلى تحديث وتطوير آليات التعامل وضخ مزيد من المنتجات الاستثمارية، وكذلك إجراء تعديلات جوهرية لسد الثغرات أمام المتنفعين والقضاء على تضارب المصالح بين صناديق الاستثمار وخدمات الوساطة. لهذا السبب نحن كلنا أمل أن تركز الهيئة على التطوير والابتكار وأيضا التركيز على وضع أنظمة جديدة لردع المخالفين وسد الثغرات من خلال مراقبة أشد على مقدمي خدمات الوساطة وجعلهم يلتزمون بسلوكيات السوق مثل عدم قبول الطلبات والعروض بأسعار خارج سعر السوق الفوري. فهناك من يقول إن الهيئة تركت التجاوزات وتضارب المصالح بين صناديق الاستثمار وأقسام السمسرة في البنوك وتشغل نفسها، أي الهيئة، بمراقبة ما يزيد على مليون ونصف محفظة تابعة لأفراد المجتمع. وبلا شك أن جميع التداولات وقبول عروض البيع وطلبات الشراء تمر عن طريق السماسرة (البنوك) ومن خلال تشديد الرقابة على خدمات الوساطة ووضع تعليمات جديدة تمنع قبول نوع معين من العروض والطلبات تستطيع الهيئة توفير الجهد والوقت وتصبح أكثر فعالية. لهذا نطالب بأن يصب تركيز الهيئة على طرف أو اثنين وألا تنشغل بمراقبة وتثقيف ملايين البشر، حيث إننا بحاجة إلى خطوات سريعة وجريئة تساعد على جعل البورصة السعودية تتطور وتصبح أكثر عمقا من خلال تحديث أسلوب عملها وقدرتها على ابتكار منتجات استثمارية متطورة. فوجود سوق أوراق مالية نشطة ومنظمة من أهم العوامل التي تساعد الدول على إدارة شؤونها الاقتصادية، حيث يساعد نشاط البورصة على التقاء الممولين (المستثمرين) والمقترضين (المشاريع) من خلال التعامل بأدوات السوق المالية (بيع وشراء الأوراق المالية). وعادة ما تساعد سوق الأوراق المالية على تخفيض تكلفة تمويل المشاريع وتدعم المناخ الاستثماري بشكل عام من خلال طرح مزيد من المنتجات الاستثمارية أمام الرساميل. وعادة ما يتفاخر خبراء أسواق المال حول العالم بعدد الأدوات المالية التي تم ابتكارها في أسواقهم الوطنية وتم طرحها وتداولها في أكبر عدد من الدول، والهدف هو ابتكار منتج أو وعاء استثماري قادر على جذب أكبر حجم ممكن من الرساميل، سواء كان هذا المنتج أسهما أو سندات أو صكوكا وغيرها.
وفيما يتعلق بجهود التثقيف وتنوير جموع المتعاملين في الأسهم أرجو ألا تكون الهيئة وحدها مسؤولة عن ذلك وأن يشارك في هذا الجهد جميع الجهات ذات العلاقة من بنوك ووسطاء ومؤسسات إعلامية والمحللين وغيرهم لكي تتفرغ الهيئة لأمور ملحة وأكثر أهمية. لهذا سوف أحاول شرح كيفية احتساب مكرر الربح Ratio P.E وهو أحد المؤشرات التي يتحدث عنها معشر المحللين باستمرار، ولكي نصل لمكرر الربح نقوم أولا باحتساب العائد على السهم (أرباح الشركة تقسم على عدد أسهمها) ومن ثم نقوم بتقسيم معدل السعر السوقي لهذا السهم على الناتج من الخطوة السابقة، أي العائد على السهم والناتج سيكون هو مكرر الربح.