5 صناديق استثمارية تبدأ رحلة تعويض الخسائر الماضية

التحليل العام لأداء صناديق الاستثمار السعودية
قلصت الصناديق الاستثمارية خسائرها خلال الأسبوع الماضي، بل إن جزءاً منها حقق أرباحاً قياسية تجاوزت الـ 12 في المائة. حيث انخفضت خسارة مجمل الصناديق الاستثمارية بنحو -0.1 في المائة، مقابل -10.3 في المائة في الأسبوع ما قبله. واستطاع متوسط أداء الصناديق الاستثمارية التقليدية أن يُسجل صعوداً بلغ 0.9 في المائة بفضل تحقيق أربعة صناديق استثمارية عائدة للبنك السعودي الهولندي والعربي الوطني أرباحا جيدة خلال الأسبوع راوحت بين 12.1 في المائة كأعلى معدل ربحية مسجل خلال الأسبوع ونحو 8.5 في المائة. وكان المؤشر العام للسوق قد تراجع خلال الفترة نفسها بنحو -2.8 في المائة، مقارنةً بتراجعه الأدنى في الأسبوع الأسبق البالغ -8.8 في المائة.
أما في المنظور الكلي لإجمالي الصناديق الاستثمارية المحلية، فحسب أحدث الإحصاءات الرسمية بلغ عدد المشتركين في الصناديق الاستثمارية نحو 568.3 ألف مستثمر في نهاية عام 2005، مقارنةً بنحو 198.4 ألف مستثمر في نهاية عام 2004، أي أنه حقق نمواً سنوياً وصل إلى 186.5 في المائة. فيما حقق عدد المستثمرين في الصناديق الاستثمارية نمواً ربعياً في نهاية الربع الرابع من عام 2005 فاق 16.2 في المائة، مقارنةً بالربع الثالث من العام نفسه. كما ارتفع العدد الإجمالي لصناديق الاستثمار السعودية في نهاية عام 2005 إلى 199 صندوقاً استثمارياً، مقارنةً بـ 188 صندوقاً استثمارياً في نهاية عام 2004، محققةً معدل نمو سنوياً وصل إلى 5.9 في المائة، بإجمالي أصول استثمارية بلغ 137 مليار ريال. وبالنسبة إلى إجمالي الأصول الاستثمارية للصناديق خلال الأسبوع الأخير، فقد تراجعت بنحو – 7.0 في المائة إلى 87.9 مليار ريال، مقابل 94.4 مليار ريال في نهاية الأسبوع الأسبق، لتتراجع نسبتها لإجمالي القيمة السوقية البالغ 2.3 تريليون ريال إلى نحو 3.8 في المائة.

أداء صناديق الاستثمار التقليدية في الأسهم المحلية
سجل متوسط ربحية الصناديق التقليدية خلال الأسبوع الماضي لأول مرة منذ شهرٍ مضى معدل ربحية بلغ 0.9 في المائة، مقابل -11.0 في المائة خلال الأسبوع الأسبق. وفي المنظور الممتد منذ بداية العام ونتيجةً لتراجع متوسط الأداء خلال الأسابيع الثلاثة الماضية وحدوث بعد التعديل خلال الأسبوع الماضي، فقد تراجعت خسائرها منذ بداية العام إلى -4.8 في المائة، مقابل متوسط الخسارة للأسبوع ما قبل الماضي البالغ -5.5 في المائة. وراوحت الحدود العليا والدنيا لخسائر الصناديق التقليدية منذ بداية عام 2006 - باستثناء صندوقي أسهم البنوك السعودية للهولندي والشركات المالية لساب- بين -1.5 في المائة و -10.6 في المائة. وبالنسبة إلى إجمالي أصول هذه الفئة من الصناديق الاستثمارية في الأسهم السعودية فقد تراجع بنسبة -3.7 في المائة، ليستقر عند 24.9 مليار ريال، مقارنةً بنحو 25.9 مليار ريال في الأسبوع ما قبله، وهو ما يمثل نحو 28.4 في المائة من إجمالي استثمارات الصناديق في سوق الأسهم المحلية. وتشير هذه التطورات الجديدة نوعاً ما إلى تأكيد ما سبق وذكرته سابقاً بضرورة النظر بأفقٍ استثماري أوسع مستند إلى قوة ومتانة الاقتصاد الوطني والسوق المالية، ومن ثم إلى كفاءة الصناديق الاستثمارية كخيار استثماريٍ أثبت جدواه خلال السنوات الثلاث الماضية، وبالنظر إلى تدنِي مستويات المخاطرة المحتملة مقارنةً بمخاطرة بعض قطاعات السوق، يتيح لنا بدايةً فهم معطيات وطبيعة أسواق الأسهم بما تتضمنه من مستوياتٍ مرتفعة للربح والخسارة، ثم أهمية وجود الكفاءة والخبرة والدراية الاستثمارية اللازمة للتعامل بهدوء وعقلانية مع تلك المعطيات والمتغيرات.
وبالنظر إلى ترتيب صناديق المقدمة ضمن هذه الفئة، فقد تقدم بقوةٍ من المرتبة التاسعة إلى المرتبة الأولى صندوق أسهم البنوك السعودية المدار من البنك السعودي الهولندي، مدعوماً بنموه الأسبوعي القياسي البالغ 12.1 في المائة، مقارنةً بتراجعه الأسبوعي الأسبق الكبير البالغ -15.5 في المائة، ليستعيد من ثم معدل ربحيته منذ بداية عام 2006 عافيته ويستقر عند 6.4 في المائة، مقابل -5.2 في المائة في الأسبوع ما قبل الماضي، وكان الأداء التراكمي لهذا الصندوق خلال عام 2005 قد بلغ 101.5 في المائة. وتراجع من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية صندوق الشركات المالية المدار من "ساب" بخسارة أسبوعية طفيفة لم تتجاوز -0.6 في المائة، مقارنةً بتراجعه الأسبوعي الأسبق الكبير البالغ -7.5 في المائة، ليتراجع معدل ربحيته منذ بداية عام 2006 إلى 4.0 في المائة، وكان الأداء التراكمي لهذا الصندوق خلال عام 2005 قد بلغ 108.1 في المائة. أخيراً حافظ صندوق أسهم الشركات السعودية المدار من البنك السعودي الهولندي على المرتبة الثالثة، مدعوماً بربحيته الأسبوعية العالية التي بلغت 10 في المائة، مقارنةً بخسارته الأسبوعية الأسبق البالغة -8.5 في المائة، لتتراجع خسارته منذ بداية عام 2006 من -4.2 في المائة إلى -1.5 في المائة. وجاءت بقية الصناديق الاستثمارية التقليدية في المراتب التي تليها حسب ما يوضحه جدول الأداء الأسبوعي، الذي يبين أهم مؤشرات الأداء ومعدلات المخاطرة وتحركّات المراكز التي تمت خلال الأسبوع.

أداء صناديق الاستثمار الشرعية في الأسهم المحلية
قلّص متوسط أداء الصناديق الشرعية خلال الأسبوع الماضي تراجعه المستمر منذ أربعة أسابيع إلى -1.0 في المائة، مقابل تراجعه الكبير الأسبق -9.6 في المائة. إلا أن متوسط خسائر هذه الفئة منذ بداية عام 2006 ارتفع إلى -6.4 في المائة، مقابل -5.5 في المائة خلال الأسبوع ما قبل الماضي. وراوحت خسائر صناديق هذه الفئة من بداية عام 2006 باستثناء صندوق المتاجرة بالأسهم السعودية المدار من البنك السعودي الهولندي الرابح خلال الأسبوع 11.4 في المائة، راوحت تلك الخسائر الأسبوعية بين -0.3 في المائة كأدنى خسارة ونحو -13.5 في المائة كأعلى خسارة. وحسب أحدث البيانات المتوافرة عن إجمالي أصول هذه الفئة من الصناديق الاستثمارية في الأسهم السعودية فقد تراجعت بنسبة -7.0 في المائة إلى 62.9 مليار ريال، مقارنةً بنحو 68.5 مليار ريال في الأسبوع ما قبله، أي ما يمثل نحو 71.6 في المائة من إجمالي استثمارات الصناديق في سوق الأسهم المحلية.
أمّا على مستوى ترتيب صناديق المقدمة ضمن هذه الفئة من الصناديق الاستثمارية، فقد حافظ صندوق أصايل المدار من بنك البلاد على المرتبة الأولى، على الرغم من خسارته الأسبوعية الطفيفة -1.3 في المائة، مقارنةً بخسارته الأسبوعية الأسبق البالغة -6.9 في المائة، ليتراجع أثر ذلك معدل ربحيته منذ بداية عام 2006 من 3.9 في المائة المسجلة في الأسبوع ما قبل الماضي إلى 2.6 في المائة. وتقدم بقوة من المرتبة الثانية عشرة إلى المرتبة الثانية صندوق المتاجرة بالأسهم السعودية المدار من البنك السعودي الهولندي بربحية أسبوعية قياسية بلغت 11.4 في المائة، مقارنةً بخسارته الكبيرة في الأسبوع الأسبق البالغة -18.2 في المائة، ليقلص بصورةٍ كبيرة خسارته من بداية العام الراهن من -10.5 في المائة إلى -0.3 في المائة، وكان الأداء التراكمي لهذا الصندوق خلال عام 2005 قد بلغ 95.3 في المائة. وباستبعاد صندوق النقاء المدار من البنك العربي الوطني من التقييم بسبب عدم تحديث بياناته، فقد حل في المرتبة الرابعة صندوق الأهلي للمتاجرة بالأسهم السعودية الذي تراجع من المرتبة الثانية بخسارة أسبوعية طفيفة بلغت -0.3 في المائة، مقارنةً بخسارته الأسبوعية الكبيرة في الأسبوع ما قبل الماضي البالغة -8.0 في المائة، لتصل خسارته من بداية العام الراهن إلى -2.3 في المائة، وكان الأداء التراكمي لهذا الصندوق خلال عام 2005 قد بلغ 112.3 في المائة. فيما جاء ترتيب بقية الصناديق الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة التي تلي صناديق المقدمة حسبما هو موضح في جدول الأداء الأسبوعي، والذي يبين أيضاً أهم مؤشرات الأداء ومعدلات المخاطرة وتحركّات المراكز التي تمت خلال الأسبوع.

كيف ننظر إلى مستقبل الصناديق
استجابةً إلى الكثير من الاتصالات والمراسلات الواردة من القراء والقارئات الأعزاء حول مستقبل استثماراتهم في الصناديق، وكيفية التعامل مع الخسائر التي سُجلت على حساب مدخراتهم فيها، وهل الوضع الراهن سيستمر أم أن هناك بوادر للأمل قريبة يمكن انتظارها. كل تلك الاستفسارات الملحة والمتوقعة يمكن الإجابة عنها باختصارٍ أرجو أن يرتقي إلى المستوى الذي يشفي غليل الإخوة والأخوات، كما آمل ألا تكون تلك الإجابة المختصرة مخلةً بوضوح وسلامة الفكرة المأمول إيصالها إليهم. إن ما مرَّت به السوق المالية المحلية يعد نظرياً وعملياً من طبيعة الأسواق المالية التي تتفاعل صعوداً وهبوطاً مع تغيرات العوامل المتحكمة فيها، ولكن تظل الأرضية الاقتصادية للسوق صاحبة الكلمة الأوفر حظاً للفصل في تحديد اتجاه السوق، وأعني بها وضع الاقتصاد الكلي لأي بلد. وفيما يختص بالاقتصاد السعودي فلا أحد يجادل من الخارج أو الداخل على المتانة والقوة التي يتمتع بها قياساً على المؤشرات الحقيقية لأدائه، وحجم السيولة المتشبع بها التي وصلت بتعريفها الواسع "ن3" في نهاية شباط (فبراير) من هذا العام إلى 560.2 مليار ريال، محققةً معدل نموٍ شهري وصل إلى 1.9 في المائة، ومعدل نموٍ سنوي فاق 14.4 في المائة. أما بتعريفها المتوسط "ن2" فقد وصلت إلى 464.7 مليار ريال بمعدل نموٍ شهري يتجاوز 2.4 في المائة، وبمعدل نموٍ سنوي يصل إلى 15 في المائة. ولنكون دقيقين أكثر فإن بحر السيولة المتاح الذي تتزود منه أروقة السوق المحلية مدادها بيعاً وشراءً ممثلةً في الودائع الزمنية والادخارية والودائع تحت الطلب قد تجاوز الـ 403.5 مليار ريال، بمعدل نمو سنوي وصل إلى 16.7 في المائة. تلك نقطة، النقطة الأخرى تبين أن المعدلات الراهنة لمتوسطات أسعار النفط فوق 60 دولارا أمريكيا تُشير إلى أن تلك السيولة في طريقها المتصاعد والمتنامي، بمعنى آخر مبسط جداً أنه في حال افتراض تنامي معدلات السيولة بالمعدلات السابقة نفسها على أقل تقدير، وباستبعاد النمو القائم الآن في متوسطات أسعار النفط العالمية، أن السيولة المحلية بتعريفها الواسع في طريقها للوصل بنهاية شباط (فبراير) من عام 2007 يمكن أن تتجاوز سقف الـ 641 مليار ريال، أي بزيادة تناهز الـ 81 مليار ريال! وقس على ذلك السيولة "ن2" التي يمكن أن تصل إلى مستوى 535 مليار ريال، بزيادة متوقعة تتجاوز الـ 70 مليار ريال. وكذلك الحال بالنسبة للودائع الزمنية والادخارية والودائع تحت الطلب المتوقع وصولها بنهاية شباط (فبراير) 2007 وفق الطريقة المبسطة نفسها إلى 475 مليار ريال، أي بزيادة رقمية تفوق الـ 71 مليار ريال.
تلك أبرز المؤشرات الإيجابية المحيطة بالاقتصاد والسوق، أما بالنسبة للمعطيات الكامنة في السوق فقد أظهرت أبرزها أن ربحية الشركات المساهمة قد نمت بنهاية عام 2005 بنحو 113.4 في المائة، مقارنةً بنحو 60.4 في المائة عن عام 2004، وهو معدلٌ يفوق حتى معدل نمو المؤشر العام للسوق الذي نما خلال الفترة نفسها بنحو 104 في المائة، ماذا يعني ذلك مستقبلاً؟ يعني أن التحولات الهيكلية الإيجابية التي طرأت على السوق المحلية خلال العامين الماضيين، قد صبّت في ترسيخ أداء السوق بناءً على مرتكزاتٍ جوهرية وحقيقية، تنطلق من قوة أداء الشركات ذات العوائد، بمعنى أنها من تمسك بيدها دفة القيادة، وهذا مصدرٌ مهم جداً لاستقرار أداء السوق بعيداً عن التورّمات الوهمية لأسعار أسهم شركاتٍ قد لا تكون رابحة! إذ إن منطق ما حدث في السوق خلال الفترة السابقة يشير إلى أن التحركات المستقبلية للسوق قد تبدلت فلسفتها، وأصبحت خاضعةً بصورةٍ أقوى لأداء الشركات الاستثمارية أو ذات العوائد الحقيقية، وأن أسعارها المنطقية أو التي تعكس بجلاء أداءها ونشاطها الأساسي، ستنعكس أيضاً على المؤشر العام للسوق؛ وفي هذا دلالة قوية ومؤشر إيجابي مفاده أن السوق في منطقة آمنة أكثر من ذي قبل. فحينما تصبح توقعات نمو السوق مرهونة بالدرجة الأولى بتوقعات نمو شركاته ذات العوائد الحقيقية، والتي تمثل وزناً ضخماً في معادلة احتساب المؤشر العام للسوق، فإن ذلك يعني صراحةً أن المسار المستقبلي للسوق متكئ بثبات على عوامل ومحددات معقولة ومقبولة أيضاً، ويمكن للمستثمر حينئذ اتخاذ قراراته الاستثمارية في ضوء معلوماتٍ واضحة كفلها له ارتفاع مستوى الشفافية والإفصاح الذي وصلت إليه السوق في الوقت الراهن. ولأكون أكثر وضوحاً؛ لنقارن بين وضع المستثمر أو المضارب الذي كان يتخذ قراراته الاستثمارية بناءً على مصادر أو توقعات غير موثوقة، وبين المستثمر في الصورة الموضحة أعلاه! أيهما في المنطقة الأدنى مخاطرة؟ أيهما أكثر احتياطاً من الآخر؟
قرارات المستثمرين في الصناديق الاستثمارية مقارنةً بالتعقيدات سالفة الذكر، أسهل وأقل عناءً عليه، ذلك أنه قد وضع مدخراته تحت مسؤولية إدارة الصندوق الأكفأ والأكثر خبرة ودراية. كما أنه مستقبلاً سيجني ثمار التحولات الجذرية التي طرأت على فلسفة عمل السوق وفق ما أوضحته أعلاه، إذ إنها البيئة المثلى التي توفر لإدارات الصناديق الاسثتمارية مجالاً أرحب وأنقى من عشوائية المضاربات غير المقننة والساعية فقط إلى رفع الأسعار دون مبررٍ منطقي. تلك الصورة المستقبلية المنتظرة، وها قد بدت أشعتها بالقدوم, فلننتظر ما ستسفر عنه الأسابيع والأشهر المقبلة، لنعلم يقيناً جدوى سيادة مبدأ الاستثمار على ما سواه، ولعلك عزيزي القارئ تشهد ذلك الآن وأنت تقرأ هذا التحليل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي