الاكتتاب في 30 %
لا شك أن تخصيص سهم واحد لكل مكتتب في شركة الدريس أمر غير مستغرب ابتداء، فالشركة لم تطرح سوى 30 في المائة من رأسمالها، أي ما يعادل 1.200.000 مليون سهم. والواقع أن المتابع للسوق لا يستطيع أن يفهم طرح هذه النسبة الضئيلة جداً، ولا يعلم من صاحب القرار الأخير في تحديد هذه النسبة: فهل هي شركة الدريس أم هيئة سوق المال أم وزارة التجارة؟ ونحن وإن كنا لا نُنكر أسبقيتهم في التأسيس، إلا أنه يجب أن ينظر إلى طرح الشركة للاكتتاب العام من زاوية أخرى. فالملاك الأصليين ينبغي ألا ينظروا بعين الفضل إلى الملاك الجدد، فكل في حاجة إلى الآخر، كما أن تحويل الشركة إلى مساهمة عامة يعني بالضرورة مشاركة أكبر من العامة. لذا فإنه كان ينبغي أن ترفع نسبة الطرح الأولي إلى حدود 50 في المائة على الأقل ليستفيد الطرفان، حيث إن التوقعات توحي بأن هناك أكثر من 30 شركة خاصة على قائمة الانتظار للاكتتاب الأولي لدى هيئة السوق المالية السعودية، فإنه لا بد على الجهات المعنية، خصوصاً وزارة التجارة أن تراجع الضوابط القانونية لتحويل وإدراج الشركات العائلية في السوق المالية. ومن هذه الضوابط التي تحتاج إلى إعادة نظر النسبة المطروحة للاكتتاب العام، بحيث ترفع إلى 50 في المائة على الأقل. إن زيادة مساهمة العامة في الاكتتابات الأولية ستساعد على امتصاص السيولة الضخمة من المضاربات العشوائية وتحويلها إلى الاستثمارات المفيدة اقتصادياً، كما أن ذلك سيقلل من تسرب وتوجه العديد من المستثمرين السعوديين إلى الأسواق المجاورة، كما أن طرح نسبة ضئيلة من تلك الشركات في سوق تغص بالسيولة يعني بلغة السوق أنها ستكون شركة مضاربة. فالطلب سيكون بلا محالة أكثر من العرض.. وهنا تبدأ المضاربات في السيطرة على السهم من قبل من لديه القدرة.
ومن الأمور التي ينبغي الاهتمام بها أيضا عند تحديد نسبة الطرح الأولي مسألة دفع الحرج عن الجهات المعنية - خصوصاً هيئة السوق المالية - في حال رغبة الملاك الأصليين لاحقاً طرح نسبة إضافية أخرى من ملكيتهم للاكتتاب العام. فمن المعروف أن الطرح الإضافي ستصاحبه غالباً علاوة إصدار، ومن ثم فإن تحديد علاوة الإصدار سيكون أحد الخلافات المحتملة. فبينما سيكون السعر السوقي آنذاك عاملا رئيسيا لتحديد العلاوة، فإن السعر السوقي في الوقت نفسه قد لا يعكس القيمة العادلة للشركة خصوصاً في سوق غير كفؤة وفي وضع شركة مضاربة، وهنا يظهر الخلاف.
كما أن هناك نقطة إضافية أخرى ينبغي التركيز عليها وهي زيادة سقف رأس المال لهذه الشركات ابتداء. فالملاحظ أن هناك تحفظا في قضية تحديد رأس المال، وهو إن كان مبررا أحياناً، إلا أنه من غير المنطقي أحياناً أخرى. فالشركات الخدمية التي تسعى إلى تغطية المملكة بنشاطها لا يستحسن أن تكون رساميلها بهذه الضآلة. ولعل أمثلة شركة اتحاد اتصالات التي سعت بعد تأسيسها مباشرة إلى زيادة رأس المال وشركة المراعي التي زادت رأسمالها بالفعل في غضون ثلاثة أشهر من طرحها للعامة لأمثلة واضحة فيما يختص بتحديد رأس المال عند التأسيس. فهل نتوقع زيادة رأسمال شركة الدريس بعد إدراجها في السوق مباشرة؟
* قسم المحاسبة ـ جامعة الملك سعود