شفافية "أوبك" هل تقلص اهتمام أسواق النفط باجتماع وزرائها في فيينا؟

غدا قد لا يشكل نقطة اهتمام لمتابعي السوق النفطية ومراقبة ما يمكن أن تتمخض عنه اجتماعات وزراء النفط في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" على أساس أن مواقف الدول أصبحت واضحة والاتجاه العام إلى الحفاظ على النمط الحالي دون خفض للسقف الرسمي البالغ 28 مليون برميل، والاستمرار عمليا في سياسة ضخ الإنتاج بأقصى قدر تستطيعه المنظمة مثلما هو شأنها خلال العامين الماضيين. فآخر مرة خفضت فيها المنظمة الإنتاج كان في شباط (فبراير) 2004، ومنذ ذلك الوقت تضاعفت الأسعار مرتين تقريبا رغم أن الإنتاج يتجاوز السقف الرسمي بقرابة مليوني برميل.
فخلال الأيام الماضية تركز الانتباه على منتدى دافوس السنوي في سويسرا، الذي حضره العديد من وزراء النفط الذين رأوا في القرب المكاني والزماني من اجتماعهم غدا في فيينا، دافعا لحضوره والإدلاء بتصريحات وتبادل الرأي والاتصالات مع رصفائهم، ومع أركان الصناعة والمسؤولين من الدول المستهلكة.
الأسواق التي ستفتح اليوم ستركز على أمرين آخرين: تطورات وضع المواجهة الغربية مع إيران من ناحية وإلى أي مدى ستسهم تصريحات وزير الخارجية البريطانية جاك سترو، التي أطلقها من دافوس، وأشار فيها إلى استبعاد خيار المواجهة المسلحة والتركيز على العمل الديبلوماسي، في التأثير على الأسعار ودفعها إلى أسفل. وكذلك ما يجري على الساحة النيجيرية وإذا كان في الإمكان نجاح شركة رويال دتش/شل والسلطات النيجيرية في تأمين مناطق الصناعة النفطية ومن ثم عودة 10 في المائة من الإنتاج النيجيري في شكل إمدادات مرة أخرى بعد قيام الشركة بإغلاق المرافق التي تنتج نحو 220 ألف برميل يوميا أخيرا.

من الناحية العملية ليس هناك قلق من حدوث انقطاع في الإمدادات بسبب توافر طاقة إضافية تقارب المليون برميل يوميا، وتتركز في السعودية أساسا، وهي مرشحة للتصاعد مع دخول العديد من مشاريع الدول الأعضاء خاصة السعودية ونيجيريا دائرة التشغيل خلال هذا العام. وجاءت تصريحات وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي خلال زيارته الأخيرة للهند مؤكدة على هذا التوجه. كما أن "أوبك" قامت أخيرا بخطوة غير مسبوقة وذلك بنشرها تفاصيل عن مشاريع رفع الطاقة الإنتاجية بتفصيلاتها من مختلف الدول الأعضاء على موقعها في الشبكة العنكبوتية، الإنترنت، وهي المشاريع المائة التي تكلف نحو 100 مليار دولار حتى نهاية العقد الأول من هذا العقد، نصفها من السعودية ونيجيريا تقريبا. لكن يبقى عامل القلق الناجم من عدم الوضوح وبروز الجوانب الأمنية والسياسية المرتبطة بالصناعة.
وفيما يتعلق بالأسعار، فإن تطوراتها في الأسبوع الماضي عكست هذا التباين بتأرجحها بين الارتفاع والانخفاض خلال أسبوع العمل، إذ اتجهت إلى التراجع في نهاية الأسبوع بعد ثلاثة أيام من الارتفاع. أسعار الغاز الطبيعي شهدت في السوق الأمريكية تراجعا إلى أقل من ثمانية دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وذلك لأول مرة منذ تموز (يوليو) الماضي.
من ناحية أخرى أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن سحب 81 مليار قدم مكعب من مخزونات الغاز الطبيعي الأمريكي الموجود تحت الأرض حتى الأسبوع المنتهي في 20 من الشهر الجاري، مقارنة بما تم سحبه في الأسبوع الأسبق وبلغ 46 مليار قدم، و230 مليارا في الفترة المقابلة من العام الماضي. وهذا ما يجعل حجم المخزون الموجود حاليا من الغاز في حدود 2.5 ترليون قدم مكعب، بزيادة 191 مليار قدم عما كان عليه من قبل، وبزيادة 445 مليار قدم مكعب فوق معدل خمس سنوات.
وهذا ما يعتبره الكثير من المراقبين فائضا في شمال أمريكا خلال فصل الشتاء، ومن ثم يجعل الوضع مريحا، وقد تكون له انعكاساته على الأسعار.
وفيما يتعلق بالمخزونات التجارية، يرى تقرير إدارة المعلومات أنها تراجعت بنحو 2.3 مليون برميل إلى 319.1 مليون في الأسبوع المنتهي في 20 من هذا الشهر. بينما زادت مخزونات الجازولين 3.2 مليون برميل إلى 214.8 مليون برميل، ومخزون المقطرات 1.8 مليونا إلى 136.5 مليون. وهذه المعدلات تشير إلى التدفق الكبير للواردات الذي اأهم في رفع حجم المخزونات.

ويعود هذا من ناحية إلى استمرار تعطيل جزء من الطاقة الإنتاجية الأمريكية المحلية خاصة في منطقة خليج المكسيك بسبب إعصار كاترينا. فالإدارة الفيدرالية لخدمات الموارد الطبيعية أوضحت في آخر تقرير لها الأسبوع الماضي أن 98 منصة في المياه المغمورة لا تزال عاطلة عن العمل وعليه فإن 373.407 براميل من النفط الخام و1.7 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي لا تزال مغلقة عن العمل، وهو ما يعادل 9.24 في المائة من طاقة إنتاج النفط الخام، و16.6 في المائة من طاقة إنتاج الغاز الطبيعي. وهذا يجعل حجم الفاقد خلال الأشهر الخمسة الماضي 119.4 مليون برميل من النفط الخام، و609.3 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي