موسيقار برتبة موظف أرشيف!

[email protected]

العنوان ليس سخرية من موظف الأرشيف بكل تأكيد, فهي مهنة شريفة ومتميزة يخدم الموظف من خلالها مجتمعه ووطنه ويستحق على ذلك كل احترام وتقدير, لكن هذا العنوان يكاد يكون التعبير الأكثر ملاءمة لوصف بعض الحالات الموجودة في إذاعة الرياض, كنتيجة لسوء التخطيط والتقدير من قبل بعض مسؤولي الإذاعة.
وقبل أن أناقش هذا الموضوع أود أن أشير إلى أنني تلقيت حوالي 12 رسالة بريدية إلكترونية غاضبة، إضافة إلى أكثر من 20 تعليقاً ممتعضاً في موقع "الاقتصادية" الإلكتروني على مقالي المنشور في هذه الزاوية بتاريخ 28-10-1429هـ بعنوان (الموسيقى والطب البديل) وهو أمر يكشف بشكل جلي عن وجود فئة كبيرة من الناس في مجتمعنا تكن عداءً شديداً للفنون, والموسيقى بشكل خاص لأسباب اجتماعية أو اتباعاً لبعض الاجتهادات الفقهية, رغم الاختلاف الفقهي المعروف في هذه المسألة, ولعل من أطرف وأغرب التعليقات على المقال المشار إليه تعليق ذكر كاتبه أنني والزميل (مشاري الذايدي) الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" كتبنا عن الموضوع نفسه في اليوم نفسه في محاولة للإيحاء بأن طرح الموضوع تم باتفاق مسبق بيني وبين كاتب آخر, وهذا برأيي يكشف هوسا شديدا بعقدة المؤامرة التي سيطرت على عقول الكثير من الناس في عالمنا العربي ككل منذ منتصف القرن الماضي حتى الآن للأسف!
ولأن هذه الزاوية ليست مكاناً مناسباً لطرح جميع الآراء والاجتهادات الفقهية المختلفة حول الموسيقى, فسأتجاوز الموضوع آملاً من جميع المخالفين الذين أحترم آراءهم جميعاً أن يتأملوا المقولة الشهيرة للإمام الشافعي - رحمه الله - (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب), فهي مقولة تؤكد أنه ليس من حق أحد ادعاء احتكار الحقيقة لمجرد اعتقاده بصحة رأيه.
وعوداً على موضوع أرشيف إذاعة الرياض فقد قرأت مقالاً للصديق عبد الرحمن الناصر في صحيفة الرياض أمس الأول بعنوان (تدمير آخر لإذاعة الرياض) كشف فيه خطوة غير موفقة اتخذها بعض مسؤولي إذاعة الرياض بحل الفرقة الموسيقية الخاصة بالإذاعة وتوزيع أفرادها كموظفين في الأرشيف والاستعلامات والصادر والوارد!
ولكم أن تلاحظوا أن هذه المعلومة الخطيرة لم تكشفها الأخبار الصحفية التي تنشر يومياً في صحفنا المحلية, وهو ما جعلني اتصل بالصديق الكاتب هاتفياً مستفسراً عن الموضوع, وكم آلمني حقاً وصفه للوضع الحالي لأفراد الفرقة الموسيقية, بحكم أنه وقبل أن يكون كاتباً وإعلامياً, عمل فعلياً مع هذه الفرقة التي لم تؤسس بالأمس وإنما منذ أكثر من 50 عاما!
يقول الصديق عبد الرحمن موضحاً لي تفاصيل الموضوع: "إن هذه الفرقة تمت إعادة هيكلتها وتم تطويرها عام (2004م) وكذلك تم استقطاب الموسيقيين أصحاب الخبرات من تونس ومصر لدعمها وتدريس الموهوبين الجدد فيها ومن ثم تعيين كل منهم على وظيفة (موسيقي) على ملاك وزارة الثقافة والإعلام.. تم ذلك كله قبل أن يُحول قسم الموسيقى بأكمله إلى مستودع للأجهزة الإلكترونية المعطلة ويُوزع موظفوه على أقسام الصادر والوارد والأرشيف باجتهاد من بعض المسؤولين في الإذاعة".
وهذا برأيي وضع يمكن تفسيره بشكل عام على أنه إهدار للكفاءات, وإهدار للمال العام أيضاً, تحت بند الاجتهادات الشخصية, وهو ما يدعوني إلى مطالبة مسؤولي الإذاعة بتوضيح عاجل لهذه القضية, رغم ثقتي التامة في أدائهم وإخلاصهم, إلا أن الخطأ وارد من كل مجتهد, ومن الشجاعة الاعتراف به وتصحيحه قبل فوات الأوان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي