440 جمعية خيرية والفقر يتضاعف
هذا العدد الضخم من الجمعيات الخيرية وبجانبها صناديق العوائل والأسر كل هذه تُضخ فيها مئات الملايين من الريالات سنوياً وتنهال عليها مبالغ الزكاة موالهبات والعطايا والتبرعات من كل حدب وصوب وتجد هذه الجمعيات إقبالاً شديداً من المحسنين المقتدرين دون تحفظ فهم يدفعون لهذه الجمعيات بشكل لا يتوافر لغيرها من الأعمال الخيرية كالمستشفيات ومراكز التأهيل الشامل ودور الأيتام والعجزة والمسنين وغيرها من مواضع الخير الكثيرة في بلادنا فهذه الجمعيات تحظى بأكثر من 90 في المائة من أموال المحسنين والموسرين، وبنظرة بسيطة للتقرير السنوي لإحدى هذه الجمعيات سنرى أنها تملك الملايين من الريالات والعمارات السكنية والأسواق والمحال التجارية التي تدر الملايين من الريالات على خزانة الجمعيات لتتضاعف أرصدة تلك الجمعيات. لكن أين تذهب هذه الأرصدة ولماذا لا نرى لها نتيجة في التقليل من الفقراء في البلد ومن أعداد المتسولين والمحتاجين.
فالجمعيات الخيرية لا تزال بعيدة كل البعد عن المساهمة الحقيقية في مساعدة الأسر الفقيرة لأن غالبية المحتاجين يتعففون عن الوقوف على أبواب الجمعيات، كما أنهم لا يستطيعون الوفاء بشروط بعض الجمعيات التي تتفنن في شروطها القاسية فمثلا لا تعطي الأسرة التي لديها دش في منزلها لاستقبال القنوات الفضائية، كما أنها لا تعطي الأسر التي يكون أولادها حليقي اللحى أو مسبلين ثيابهم أولا يصلون في المساجد التي يرتادها أعضاء الجمعية وغيرها من الاشتراطات التي أدت إلى أن تكون معظم الأسر خارج نطاق خدمات الجمعية لهذا ظلت وستظل الجمعية حكراً على عدد من الأسر أو الناس ممن يرضى عنهم مسؤولو الجمعية النافذون وفي ظل خروج الكثير من الأسر من نطاق الاستفادة من ملايين الجمعيات نجد أن هناك أناسا استفادوا من تلك الجمعيات رغم أنهم ليسوا مستحقين أموال الجمعية فهم موظفون وشباب وقادرون على كسب رزقهم لكن الحاصل أن هؤلاء الشباب استطاعوا أن يستميلوا مسؤولي الجمعية في صفهم حتى أصبحوا يحصلون منها على المساعدات عطفاً على قدرتهم على تقمص الشكل الذي يرضى عنه القائمون على شؤون الجمعية ولهذا نشاهد هؤلاء الشباب يمتلكون السيارات غالية الثمن ولهم مساكن استطاعوا بناءها خلال سنتين أو ثلاث رغم أن رواتبهم لا تمكن أمثالهم من الحصول على كل هذا.
ومصداقاً لكلامي اعترف وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين بوجود تجاوزات وأخطاء في عمل الجمعيات الخيرية ونتمنى أن يستطيع الوزير وضع يده على هذه الأخطاء والتجاوزات والقضاء عليها، ومن أهم التجاوزات هي عملية انتخاب مجلس إدارة الجمعية فالمفترض أن يتم الإعلان عنه في الصحف والأسواق والمحال حتى يمكن لكل راغب في العمل التطوعي أن يتقدم لها، لا أن تبقى حكراً على أسماء معينة ونوعيات محددة وأشكال بعينها وكأن غيرهم لا يستطيعون المساهمة في عمل الجمعيات، ينبغي ألا يقتصر العمل في الجمعيات على فئة واحدة فقط، فالخير والأمانة والصدق موجودة في الكثير من غير هؤلاء. فافتحوا الأبواب للجميع.