التوجهات الاقتصادية الجديدة للبحرين
من الإنصاف الزعم أن البحرين بدأت في تدشين عملية غربلة لاقتصادها بقيادة مجلس التنمية الاقتصادية. وتشمل السياسات الجديدة القيام باستثمارات خارج البحرين تماما كما هو الحال مع هيئة أبو ظبي للاستثمار. كما توجد خطط للحد من سيطرة شركة (ممتلكات القابضة) على المؤسسات المنظمة تحت لوائها. تعتبر )ممتلكات( بمثابة الشركة الاستثمارية الرسمية للبحرين.
تم تأسيس (ممتلكات) في حزيران (يونيو) من عام 2006 كشركة قابضة تدير استثمارات الحكومة خارج القطاع النفطي في الشركات المملوكة للدولة بشكل كامل أو جزئي. يبلغ رأس المؤسسات المشمولة في محفظة (ممتلكات) وعددها 38 مؤسسة نحو 5.3 مليارات دولار, فضلا عن أصول تزيد قيمتها على عشرة مليارات دولار. وتشمل هذه الشركات: طيران الخليج (مملوكة بنسبة 100 في المائة) وألمنيوم البحرين (تمتلك الحكومة 77 في المائة من أسهمها).
تخصيص بعض المؤسسات
الجديد في الأمر هو حصول (ممتلكات) الأسبوع الماضي على قرض بقيمة 500 مليون دولار بمشاركة من مصارف محلية التقليدية منها والإسلامية لغرض تمويل عملية استحواذ في الخارج. تتركز 97 في المائة من استثمارات (ممتلكات) في الوقت الحاضر داخل البحرين.
وإذا صحت التسريبات الصحافية قد تقدم (ممتلكات) على بيع جانب من حصتها في بعض المؤسسات المملوكة بشكل كامل أو مؤثر من قبل الدولة. على سبيل المثال، يتوقع وضع حد لحصة الحكومة في شركة (بتلكو) العاملة في قطاع الاتصالات, التي تواجه منافسة من قبل شركة زين. ومن شأن هذه الخطوة عدم إبداء أفضلية لشركة على حساب أخرى وترك المنافسة لقوى السوق.
مجلس التنمية الاقتصادية
يبقى أن مجلس التنمية الاقتصادية يضع السياسات الأهداف والخطط والسياسات الاقتصادية للبحرين بما في ذلك شركة (ممتلكات). تم تأسيس مجلس التنمية الاقتصادية استنادا إلى مرسوم ملكي صادر في 8 أيار (مايو) لعام 2005. واعتبر المرسوم قرارات مجلس التنمية الاقتصادية ملزمة للوزارات والمؤسسات والجهات الإدارية في المملكة لكن المطلوب من المجلس تنسيق أعماله مع رئيس مجلس الوزراء. وفي بداية عام 2008 أصبح مجلس التنمية الاقتصادية مسؤولا بشكل كامل عن كل السياسات والبرامج الاقتصادية في البلاد. بمعنى آخر، يتولى مجلس الوزراء مختلف القضايا التي تواجه البلاد باستثناء الاقتصادية منها, حيث إن ذلك من اختصاص مجلس التنمية الاقتصادية. يشار إلى أن ولي العهد يتولى قيادة مجلس التنمية الاقتصادية, الذي يضم في عضويته الوزراء وبعض الشخصيات التجارية والمهمة.
ومن المنتظر أن يقوم مجلس التنمية الاقتصادية وللمرة الأولى بإعداد موازنة السنتين الماليتين 2009 و2010. يشار إلى أن البحرين تصدر موازنة سنتين ماليتين في آن واحد, حيث تم إصدار موازنة 2007 و2008 في النصف الثاني من عام 2006. ولم تكشف الجهات الرسمية الخطوط العامة للموازنة حتى تاريخ كتابة المقال لكن يتوقع أن يتم تخصيص موازنة كبيرة نسبيا للمشاريع التنموية, خصوصا الإسكان والبنية التحتية. وتسببت موجة ارتفاع أسعار العقار في السنوات القليلة الماضية في إيجاد وضع صعب يتمثل في عدم قدرة المواطن العادي على شراء مسكن خاص لإيواء أفراد أسرته.
مقابلة مع "سي. إن. إن"
تبين من خلال مقابلة حديثة بثتها شركة سي. إن إن الأمريكية للأخبار مع ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أن مجلس التنمية الاقتصادية يرغب في معالجة معضلة توظيف المواطنين بواسطة التركيز على الإنتاجية. وتتمثل الخطة في منح العمالة الوطنية الراغبة في العمل فرصة اكتساب المهارات المطلوبة لسوق العمل وليس فقط توظيفهم.
بل إن هذا التوجه يعد ركيزة أساسية في مشروع إصلاح سوق العمل والهادف إلى جعل المواطن البحريني الخيار المفضل للعمل في القطاع الخاص. المعروف أن القطاع الخاص وليس العام يشهد نموا للوظائف في البحرين. فمن أصل 27609 وظائف تم إيجادها في القطاع الخاص وديوان الخدمة المدنية للقطاع العام في عام 2007 كان نصيب القطاع الخاص أكثر من 98 في المائة من الوظائف الجديدة. يشكل الأجانب نحو 80 في المائة من العاملين في القطاع الخاص. في المقابل، لا يمكن الاعتماد على أرقام في القطاع لأنها الإحصاءات المتعلقة بالعاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية.
من جهة أخرى، يبدو أن ولي العهد يرى ضرورة توظيف الفوائض المالية التي بدأت تتحقق على خلفية ارتفاع أسعار النفط في معالجة القصور في البنية التحتية, خصوصا تطوير شبكة الطرق (من شأن تطوير الطرق الحد من الوقت المطلوب للوصول إلى نقاط العمل ما يعني تعزيز الإنتاجية). تم تسجيل فائض قدره 579 مليون دولار في السنة المالية 2007.
باختصار يتوقع حدوث تغيرات نوعية في الهيكلية الاقتصادية للبحرين في السنوات القليلة المقبلة, وذلك في إطار الاستراتيجية الجديدة لمجلس التنمية الاقتصادية. ومن شأن هذه الخطوات تعزيز نفوذ القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين في الاقتصاد الوطني على حساب القطاع العام. بدورنا نرى صواب تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد لأن مستثمري القطاع الخاص الذين بدورهم يفكرون في الربحية أكثر قدرة على إدارة الثروات المحدودة.