تجار الجفرة .. ومن يسلفني بيتا؟
تأتيك رسائل بريدية عبر الإيميل عجيبة! ومصدر العجب فيما تحويه من طلبات أو قضايا، وبعضها خارج إطار ما أطرحه في هذه الزاوية وهي مابين الغث والسمين ، وبما أن هذا العمود مرتبط بشكل أساسي بالشأن العقاري وما يرتبط به من أنشطة وأعمال وقضايا تهم الوطن والمواطن وخصوصا الإسكان وما يعتريه من شد وجذب حاليا ، فلا مجال للانفتاح ومناقشة قضايا الشأن العام والتي لها كتابها.
من الرسائل العجيبة وإن كانت ضمن قضايا الإسكان والتي وردت إلي من قارئ لم يذكر اسمه أو عنوانه وإنما ذكر حاجته وطلب عرضها في أقرب فرصة، ومختصر الكلام يقول المرسل في سؤال واحد هل يمكن أن يسلفني احد الموسرين بيتا وأسدده له على أقساط شهرية دون المرور عبر شركات الوساطة والتمويل والبنوك؟
سؤال يستحق الوقوف عنده كثيرا، فهو إما أنه ينم عن معاناة كبيرة يواجهها هذا المرسل أو أنه أسلوب جديد للشحاذة بأدب ، وبنظرة إيجابية للموضوع أرى قدرة هذا القارئ وذكاءه في صياغة طلبه بأسلوب جاذب يحتمل كافة التأويلات ويعطي التفسيرات لحجم المعاناة التي يعانيها الكثير من الأسر والأفراد في تملك مسكن بأيسر الطرق.
أرى أن المعاناة تتلخص في قلة المعروض من الوحدات السكنية ، تضخم الأسعار بشكل لا يطاق ، الجشع من قبل بعض أصحاب المشاريع الإسكانية الصغيرة التي لا تتجاوز 20 أو 30 وحدة سكنية، التعقيد والشروط التعجيزية التي تضعها الجهات التمويلية - البنوك والشركات - صعوبة الحصول على قروض للكثيرين من الراغبين في الشراء لوجود التزامات مالية عليهم من قروض سابقة، إحجام الأفراد من أصحاب رؤوس الأموال عن الاستثمار في المشاريع الإسكانية وتجميدها في قنوات استثمارية أخرى، محدودية القروض المقدمة من قبل صندوق التنمية العقاري وعدم مناسبة حجم القرض حسب الأسعار السائدة .
وآخر الأسباب والذي أرى أنه أهم سبب لدخولنا في دوامة القروض وبالذات الاستهلاكية وتراه في مجتمعنا، ضعف ثقافة الادخار أو انعدامها والتي عانينا وما زلنا نعاني منها كثيرا، بسبب نظرية اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب حتى لو كنت مستأجرا ولا تملك قطعة أرض، وتسلف من أجل السيارة والسفر والأثاث والمتاجرة بالأسهم دون علم ومعرفة، وتشغيل بطاقات الائتمان حتى ينتهي الحد الائتماني بعد صرفه على الكماليات!
أقول للمرسل إنك طرحت سؤالا لن تجد من يهتم به ويصطادك إلا تجار الجفرة الأوائل والمعاصرين والجدد، والعشرة بثنعش او خمسطعش، أما الموسرون الذين تطلبهم فلعل شهر الخير يكون فرصة للتفكير بتحويل أموال الزكاة والصدقات لهذا الباب وهو باب المسكن لكل محتاج.
ورمضان كريم وكل عام وأنتم بخير