بين بغداد ولاهاي

[email protected]

مفارقات عديدة، كانت بين محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين "رحمة الله عليه" ومحاكمة زعيم صرب البوسنة السابق كراديتش، تستحق سرد سيل من علامات الاستفهام أمام القضاء العربي، "مع فارق التشبيه بين الشخصيتين"، خاصة حين تقتحمه السلطة ، ويصبح التكييف الجرمي للعديد من القضايا حسب"المزاج"، مع إزاحة متعمدة للحقوق، وقلب المفاهيم المتعلقة "بالمتهم"، إذ لا يصبح بريئا حتى تثبت إدانته، بل يتم تفصيل التهم حسب المصلحة "الخاصة"، وبالتالي نضطر أن نقف أمام مشهد لا يقبل التأويل، أو على الأكثر لا يستحق التأويل بعد أن طارت الطيور "بأرواحهم".
في محاكمة صدام كان القاضي العجيب "أبو شنب" يتعامل مع الدفوع بالصراخ، ويمارس دوره كمنفذ جيد لخطط من غير المسموح تغييرها حتى وإن كانت الحالة تستلزم ذلك دون ضمانات أو حقوق أو حتى مراعاة لإنسانية ذلك الراكن خلف القضبان "الخشبي"، في حين كانت أولى جلسات كراديتش في محكمة جرائم الحرب لتابعة للامم المتحدة في لاهاي لتلو الضمانات والحقوق وسرد التهم باحترام بالغ، وقد وقفت كثيرا أمام الضمانات ونصوص النظام التي سردها القاضي على مسامع متهمه، وقد استغرقت من الوقت الكثير مع التشديد والتأكيد من قبل القاضي على أهميتها وانضباط المحكمة العالي في تطبيقها، حيث كان درسا واضح التلقين في كيفية تطبيق القانون في مسار صحيح لا ينحرف أو يباع أو يشترى، لذا وقفنا وسنقف مدى الحياة احتراما لرزكار أمين حين فهم اللعبة "بدري" وانسحب بضجيج وأذى منحه الشرف الرفيع من محاكمة صدام حسين!
وبين هذه المحاكمة وتلك، ينهض مصطلح القضاء السياسي ليغازل جهنم، ويلوّح للفساد أن يقترب.
وبين لاهاي وبغداد، جسر لا يتصل، وقضاء بملامح عديدة، واختبار يفضح الكثيرين، وعلينا الفرجة يا سادة يا عرب!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي